أي دور لـ"مدنية"؟

+ الخط -

لم تكن تجربة منظمات العمل المدني السوري عقب الثورة بعيدة عن السياسة كلياً. وكان أول إشراك لمنظمات العمل المدني في العمل السياسي من خلال المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، حين أشرك ممثلي منظمات المجتمع المدني باللجنة الدستورية وجعل ثلث أعضاء اللجنة من تلك المنظمات من باب إشراك المجتمع المدني بصياغة دستور للبلاد، ولكن بالمحصلة تحول ممثلو تلك المنظمات إلى أعضاء في هيئة سياسية، هي الهيئة العليا للتفاوض.

أما الآن وبعد إعلان إطلاق منصة "مدنية" الأسبوع الماضي من خلال مؤتمر عقدته أكثر من 150 منظمة مجتمع مدني سورية، في العاصمة الفرنسية باريس تحت عنوان "الأحقية السياسية للفضاء المدني السوري"، تبرز العديد من التساؤلات عن المغزى من الأحقية السياسية لتلك المنظمات. ومن بين التساؤلات ما إذا كان يندرج في إطار الدور المعتاد للمنظمات في الرقابة، التي يأتي من ضمنها تصويب العمل السياسي للهيئات السياسية القائمة من خلال تشكيل لوبي ضغط مجتمعي من خلال تلك المنظمات، أم أن تلك المنظمات ستتخلى عن دورها الأساسي في العمل المدني، وتؤسس جسماً سياسياً جديداً يضاف إلى الأجسام السياسية المعارضة الموجودة حالياً.

ومن خلال التصريحات التي صدرت عن القائمين على "مدنية"، لم تتوضح بالضبط ماهية الدور الذي ستقوم به تلك المنصة، وإنْ كان بيانها الختامي قد أكد أنها لن تكون بديلاً للأجسام السياسية التمثيلية الحالية في المعارضة، وبرهنت على هذا التوجه بدعوتها لرئيس الهيئة العليا للتفاوض بدر جاموس، إلى حضور مؤتمر إطلاق المنصة.

لكن بيان المنصة وتصريحات القائمين عليها يشي بأن تلك المنصة لن تقوم بدور الرقيب على الأداء السياسي للهيئات والأحزاب القائمة، بل ستنخرط في العمل السياسي إما كجسم مستقل يتنافس مع باقي الأجسام الموجودة، أو أنها ستسعى للحصول على حصة في الأجسام السياسية التمثيلية القائمة على غرار الحصة التي حصلت عليها بهيئة التفاوض من خلال اللجنة الدستورية.

كذلك يبرز احتمال انخراط المنظمات المنضوية في المبادرة ضمن مشروع سياسي يتبنى ويعتمد على خبرات المجتمع المدني في تحقيق أهداف تنموية تخدم هذا المشروع.

المساهمون