تحرك جديد لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت بعد 20 شهراً على الكارثة: لن ننسى
عشرون شهراً، مرّت على انفجار مرفأ بيروت وأهالي الضحايا يواصلون تحرّكاتهم منعاً لطمس قضيتهم، فيما المنظومة السياسية تتفنّن بشتّى أساليب الإفلاتِ من العقاب والتعسّف في استعمال الحق بدعاوى مدعى عليهم فاقت العشرين بغية عرقلة التحقيقات وإدخالها في موتٍ سريريٍّ وكفّ يدّ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار المعلَّقة مهامه منذ 23 ديسمبر/كانون الأول 2021.
وعلى وقعِ انضمام جوليا عودة وريتا الحرديني، قبل نحو أسبوعٍ، إلى قائمة الضحايا بعد عذاب جسدي ونفسي طويل، يصمّم الأهالي أكثر من أي وقتٍ مضى على رفض الاستسلام أو ترك المسؤولين عن مأساتهم يحكمون بلا محاسبة مهما طالت العدالة، وفق ما أكدوا اليوم الاثنين خلال تحركهم الشهري.
وجال الأهالي على الأحياء التي طبعت فيها دماء أولادهم وأحبائهم وشرِّدوا منها، حيث دعوا الناس التي تقف على الشرفات وداخل المحال التجارية للانضمام إليهم وعدم الوقوف متفرّجين إلى معاناتهم من دون ترجمة ملموسة لدعم قضيةٍ يجب أن يحملها كل لبناني ومتضرّر من التفجير.
هؤلاء، ومن ضمنهم مطلوبون، باتوا اليوم يرفعون قضيتهم ضمن شعاراتهم الانتخابية ويستغلون أوجاعهم ومعاناتهم
وعبّر بعض الأهالي عن امتعاضهم من صور المرشحين للانتخابات النيابية (15 مايو/أيار 2022) التي ترفع في الأحياء والمناطق وأنقاض مبانٍ لا تزال ترمّم بعد تضرّرها بفعل الانفجار، مشددين على أن هؤلاء، ومن ضمنهم مطلوبون، باتوا اليوم يرفعون قضيتهم ضمن شعاراتهم الانتخابية ويستغلون أوجاعهم ومعاناتهم، بيد أن محاولاتهم هذه لن تنطلي عليهم ولن ينسوا أبداً ما حصل في الرابع من أغسطس/آب 2020، مؤكدين أن كل الأحزاب لم تفعل شيئاً للشباب ومستقبلهم.
وكان لافتاً اليوم خلال تحرك الأهالي الذي يقام شهرياً -عدا عن وقفاتهم الاحتجاجية ضد محاولات السلطة السياسية تطيير المحقق العدلي- مشاركة مرشحين للانتخابات النيابية للمرّة الأولى، الأمر الذي أثار امتعاض عددٍ من الأهالي الذين أسفوا لهذا الاستغلال، لكنهم في الوقت نفسه حافظوا على هدوئهم ولم يعترضوا على وجود أي "وافدٍ" حديث سرعان ما سيغادر الساحة فور انتهاء الاستحقاق وإقفال صناديق الاقتراع.
وأصدر الأهالي بياناً بعد إضاءة الشموع والصلاة لراحة أرواح الضحايا في توقيت حصول الانفجار عند الساعة السادسة والسبع دقائق طالبوا فيه بإسراع المسؤولين بالإمضاء على مرسوم التعيينات القضائية ليسمح للقاضي بمتابعة عمله، مشددين على رفضهم أي تأجيل لما بعد الانتخابات "لأن دمنا لا يساوم عليه وليس لعبة سياسية".
وتوجهت جمعية أهالي الضحايا، في بيانها، إلى المدعى عليهما المرشحين للانتخابات النيابية (علي حسن خليل وغازي زعيتر على لائحة حركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري) بالقول "مكانكم السجن لا المجلس النيابي وأنتم تترشحون لتؤمنوا غطاءكم بالحصانات، فيا للعار عليكم وعلينا إن انتخبناكم لكننا نعوّل على اللبنانيين الشرفاء؛ إياكم أن تنتخبوهم فهم فارون من وجه العدالة".
كما كرّر الأهالي، الذين حرصوا اليوم على إعادة تعليق صور الضحايا على جدار بيروت التذكاري بعد تأثّر الرسومات بفعل الشتاء، مطالبة الأجهزة الأمنية بتنفيذ مذكرات التوقيف والجلب، رافضين في المقابل أي مساس بالإهراءات (صوامع القمح) في المرفأ أو إعادة الإعمار قبل جلاء الحقيقة.
في السياق، يشير المحامي في مكتب الادعاء في نقابة المحامين عن انفجار مرفأ بيروت يوسف لحود، لـ"العربي الجديد"، إلى أن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار متوقف عن النظر بالدعوى منذ ديسمبر الماضي، بفعل دعاوى الردّ، وكذلك مخاصمة الدولة التي بمجموعها لا تقل عن عشرين دعوى، عدا عن الدعاوى الجديدة التي لا يمكننا تبلغها مع عدم انعقاد المحاكم، مشيراً إلى أن أبرز العراقيل ارتبطت أخيراً بدعاوى مخاصمة الدولة عن أفعال قضاتها بحيث جرى استغلال أن الهيئة العامة لمحكمة التمييز فاقدة النصاب.
ويلفت لحود إلى أن النصاب اكتمل قبل فترة قصيرة بتعيين رؤساء لمحاكم التمييز وقد وافق مجلس القضاء الأعلى على التشكيلات الجزئية ونقل الملف إلى وزير العدل هنري خوري، ولكن الأمور لا تزال غير واضحة حتى اليوم بانتظار إصدار المراسيم التي ستجعل من المعيّنين قضاة أصيلين فتكتمل الهيئة للبت بطلبات المخاصمة.
وفي وقتٍ يستبعد لحود أن يطرأ أي جديد على الملف أو يحدث خرق للجمود حالياً قبل الانتخابات النيابية، يعتبر أن ترشح مدعى عليهما بالملف، أحدهما صادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية، هو "بمثابة ضرب لهيبة الدولة التي للأسف تسير إلى تآكل، خصوصاً أن هناك قرارا قضائيا صادرا بحقهما بغض النظر إلى أين ستؤول التحقيقات والأحكام".