أنقرة ترفض تفعيل قرار أوروبي يدّعي خرقها الإفراج عن عثمان كافالا

02 فبراير 2022
يقبع كافالا في السجن منذ اعتقاله في أكتوبر 2017 (دورسون أيديمير/الأناضول)
+ الخط -

فعّل الاتحاد الأوروبي، اليوم الأربعاء، إجراءات قرار يؤكد "خرق" أنقرة لقرار صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2019، بالإفراج الفوري عن رجل الأعمال التركي، عثمان كافالا، المعتقل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2017 في تركيا، بتهم متعددة، منها دوره في المحاولة الانقلابية عام 2016، والتواصل مع المخابرات الأميركية.

إرسال الملف للمحكمة الأوروبية

وخلال اجتماع للجنة الوزارية للمجلس الأوروبي، اليوم، تم التصويت بالأغلبية على قرار "بيني" بإرسال ملف خرق تركيا قرار الإفراج عن كافالا، إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، من أجل التثبت من تنفيذ أنقرة للقرار من عدمه، وهي مرحلة قد تؤدي لفرض عقوبات على أنقرة.

وتعد هذه اللجنة الوزارية، الجهاز التنفيذي للمجلس الأوروبي، ومقرها في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، ويبلغ عدد أعضائها 47 هم الممثلون الدائمون لبلدانهم.

وبداية، استمعت اللجنة الوزارية اليوم، لوجهة النظر التركية الرسمية حيال استمرار حبس كافالا، وخرق قرار المحكمة الأوروبية. وكانت أنقرة قد أرسلت رؤيتها بشكل رسمي في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وتضمنت أن كافالا لم يكن في السجن عند اتخاذ قرار المحكمة الأوروبية للأسباب التي ذكرتها المحكمة.

وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حكمت بأن "حق كافالا في الحرية قد انتهك بهدف غير مُعلن، وهو إسكاته"، ودعت إلى إطلاق سراحه على الفور.

خلال الأيام المقبلة، سيتم إرسال قرار من المحكمة الأوروبية إلى المجلس الأوروبي، لاتخاذ قرار بفرض عقوبات على تركيا من عدمه

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، تبنى المجلس الأوروبي قراراً بينياً أكّد أن أنقرة "خرقت" قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المتعلق بإطلاق سراح كافالا. وجاء قرار المجلس الأوروبي بعد انتهاء المهلة الممنوحة لأنقرة من أجل تطبيق القرار.

وتبع ذلك إرسال أنقرة الشهر الماضي رؤية الحكومة التركية حيال القضية، وذلك بعد أيام من قرار محكمة تركية باستمرار حبس كافالا، الذي تتهمه السلطات بالارتباط بأنشطة ضد الحكومة، وباحتجاجات منتزه غيزي عام 2013، وبالمحاولة الانقلابية في العام 2016.

وقد أثارت قضية كافالا جدلاً واسعاً، بعد مطالبة دول غربية بالإفراج عنه مقابل رفض تركي.

وجاء في رؤية الحكومة التركية أن أنقرة التزمت بقرار المحكمة الأوروبية، وأنه لا يوجد أي داع من أجل بدء مسار حول خرق قرار المحكمة.

ومع القرار البيني الجديد، سيتم التحقق عبر المحكمة الأوروبية من الإفراج عن كافالا. وخلال الأيام المقبلة، سيتم إرسال قرار من قبل هذه المحكمة إلى المجلس الأوروبي، لاتخاذ قرار بفرض عقوبات على تركيا من عدمه.

أنقرة ترفض القرار الأوروبي

من جهتها، رفضت وزارة الخارجية التركية في بيان لها اليوم القرار الجديد، قائلةً إن "أنقرة بيّنت وجهة نظرها الرسمية حول كافالا، ونفذت قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وكافالا حالياً مسجون بسبب قضايا أخرى لا تزال مستمرة، وتم الشرح أن هذه القضايا تسير وفق القوانين والحقوق، وقدمنا دعوة من أجل التحقق من ذلك".

وأضاف البيان "على الرغم مما قدمته الحكومة، إلا أن اللجنة الوزارية حوّلت ملف كافالا للمحكمة الأوروبية، وبهذا فإن اللجنة تتدخل بالمسار القضائي المستقل في تركيا، ما يخرق احترام استقلال القضاء".

الخارجية التركية: نفذنا قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وكافالا حالياً مسجون بسبب قضايا أخرى لا تزال مستمرة

وتابع البيان "كما أن اللجنة الوزارية لديها قرارات أخرى للمحكمة الأوروبية بشأن دول عديدة ولم يتم تطبيقها، من دون تحرك ضد هذه الدول، في حين يتم إبقاء قضية كافالا على جدول الأعمال، وهو ما يدل على أنها خطوة بعيدة عن النوايا الحسنة ونراها مقاربة لا جدوى لها".

وشددت الخارجية أن "هذا القرار عبارة عن هذيان سياسي، في الوقت الذي يستمر فيه المسار القضائي، وهذا القرار الذي يحمل أحكاماً مسبقة يلقي بظلاله على اعتبارية نظام حقوق الإنسان في أوروبا، ومن أجل أن يعمل هذا النظام بشكل جيّد، يجب الابتعاد عن التحيز والمقاربات الكيفية".

وختمت الخارجية بيانها بالقول: "نأمل من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن تقيّم القرار بشكل محق لصالح تركيا، وتراعي المسار القضائي المستمر في البلاد، وأن يُتخذ القرار وفق المبادئ والاجتهادات باتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية، لا التصرف كمحكمة ابتدائية".

اكتساب قضية عثمان كافالا زخماً

وكانت قضية كافالا قد اكتسبت زخماً في الأشهر الماضية عندما صدر عن سفراء كل من ألمانيا والولايات المتحدة والدنمارك وفنلندا وفرنسا وهولندا والسويد وكندا والنروج ونيوزيلاندا، في 18 أكتوبر الماضي، بيان، انتقدوا فيه اعتقال كافالا ودعوا إلى الإفراج عنه.

كما اعتبر السفراء العشرة أن "القضية المستمرة بحق كافالا، تلقي بظلالها على الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا".

وتبع ذلك استدعاء هؤلاء السفراء إلى الخارجية التركية، في الوقت الذي حذر فيه مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، الذي انضمت إليه تركيا عام 1950، من أنه قد يبدأ إجراءات ضد أنقرة في حال لم يتم الإفراج عن كافالا.

وإزاء ذلك، صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من موقف بلاده ضد السفراء، وقال إنه أصدر تعليمات إلى وزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، من أجل إعلان السفراء العشرة أشخاصاً غير مرغوب فيهم بأسرع وقت.

وعقب هذه التطورات، أعلنت السفارة الأميركية في تركيا عبر تويتر أن "الولايات المتحدة تؤكد على تطبيق المادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية". وهو ما أشارت إليه كذلك سفارات دول أخرى منها ألمانيا وهولندا.

وتنص المادة 41 على عدم التدخل بشؤون الدول الأخرى. وهو الأمر الذي اعتبرته وسائل إعلام تركية خطوة تراجع من قبل الدول المعنية. وعقب ذلك، اعتبرت الحكومة التركية أن الدول العشرة تراجعت عن موقفها، الأمر الذي جنّب حصول أزمة دبلوماسية بين أنقرة وهذه الدول.

طالبت النيابة العامة التركية مرتين بالحكم على كافالا بالسجن المؤبد

ومَثُل كافالا مرات عدة أمام القضاء، في ظل مواجهته تهماً عدة، منها الارتباط بجماعة "الخدمة" التي يتزعمها فتح الله غولن وتصنفها أنقرة منظمة إرهابية، والتواصل مع المخابرات الأميركية، من خلال علاقته بمستشار المخابرات الأميركية السابق الأكاديمي هنري باركي.

ووجهت النيابة العامة لرجل الأعمال التركي في وقت سابق، تهم "الشروع في استخدام القوة لإلغاء النظام العام المفروض وفق الدستور التركي"، و"تسريب وثائق أمنية وسياسية تحمل صفة السرية لأمن البلاد والتجسس العسكري"، وطالبت بالحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين.

ويقبع كافالا في السجن منذ اعتقاله في أكتوبر 2017، على الرغم من مطالبة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والعديد من الجماعات الحقوقية بالإفراج الفوري عنه، وإسقاط جميع التهم المنسوبة إليه، مشددة على عدم وجود دليل يدعم هذه الاتهامات.

المساهمون