ألمانيا: جدل سياسي وأمني بشأن "المتطوعين" الألمان للقتال في أوكرانيا

14 مارس 2022
من تظاهرة تضامنية مع أوكرانيا في برلين (Getty)
+ الخط -

سارعت وسائل الإعلام الأوكرانية إلى تقدير أرقام أعداد الأجانب "المتطوعين" للمشاركة في المواجهات العسكرية ضد روسيا، وذلك تلبية لمناشدة الرئيس فولوديمير زيلينسكي مساندة الأوكرانيين في الدفاع عن بلدهم ضد الغزو الروسي، مشيرة إلى أن أكثر من 20 ألف متطوع من 52 دولة باتوا ضمن "الفيلق الدولي" المستعد للقتال في أوكرانيا، بينهم 1000 من ألمانيا.

أمام هذا الواقع، أبرزت النائبة عن حزب اليسار مارتينا رينر زيادة أعداد الألمان المستعدين للمشاركة في الحرب، وأن التواصل يجرى عبر شبكة "تلغرام"، وأكثر المتفاعلين هم "من طيف اليمين المتطرف، وكذلك الجنود السابقين وجنود الاحتياط، والبعض أصبح بالفعل في أوكرانيا"، مشددة على أنه "يجب على الحكومة الألمانية أن تكون مستعدة لحقيقة أن هؤلاء الأشخاص سيعودون إلى ألمانيا في وقت ما، وأن تراقب الأخطار الناتجة عن ذلك على الأمن الداخلي".

أكثر المتفاعلين هم من طيف اليمين المتطرف، وكذلك الجنود السابقين وجنود الاحتياط

وفي رد على ما يقال عن أعداد المغادرين من الألمان للقتال في أوكرانيا، أبرزت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، عن المتحدث باسم الاستخبارات الداخلية (المكتب الاتحادي لحماية الدستور) أنغيلا بلاي، أنه "لا توجد سوى مؤشرات عن حالات قليلة لأشخاص ينتمون إلى اليمين المتطرف يشاركون في عمليات قتالية، وهذه المعلومات غير مؤكدة، ولم يتم التحقق منها بعد بشكل مستقل، والسلطات تراقب عن كثب محاولات الدعاية والنوايا المحتملة لمغادرة البلاد".

بدورها، أعلنت وزارة الداخلية عبر المتحدث باسمها أن التوقعات بأن يكون المغادرون من الأوكرانيين أو أولئك الذين يحملون إلى جانب جنسيتهم الأوكرانية الجنسية الألمانية، لكن "لا يمكن إعطاء أرقام محددة"، مشيرة إلى أنه "نظرا لعدم وجود ضوابط حدودية في منطقة شينغن، الناس حرة بتحركاتها، ولا يجرى تسجيلها من قبل الجانب الألماني، كما من الممكن على سبيل المثال المغادرة عبر بولندا إلى أوكرانيا". 

لكن موقع "شتيرن" أوضح أنه، ووفقا لقانون العقوبات الألماني، فإن أي شخص يجند ألمانيًّا "للخدمة العسكرية في مؤسسة أمنية أو شبيهة بالجيش لصالح قوة أجنبية، أو يقود مجندين إلى مؤسسة مثل هذه، يعاقب بالسجن مدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وخمس سنوات".

وفي السياق نفسه، نقل موقع "روندفونك برلين براندنبورغ" عن خبير أمني، طلب عدم نشر اسمه، أن اليمينيين المتطرفين منقسمون، وحاليا "تميل الدوائر المتطرفة في الغالب نحو المعسكر الروسي، بينها جماعة من الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، والذي يوصف بأنه منظمة نازية جديدة، وكذلك منظمة (سكسونيا الحرة) اليمينية المتطرفة المعادية للدستور".

في المقابل، فان حزب "الطريق الثالث" اتخذ موقفا "مؤيدا" لأوكرانيا، وهو مقرب من فوج أزوف الأوكراني الذي يدعو عبر الإنترنت للتطوع ودعم كييف.

وفي غضون ذلك، قال رئيس جمعية برلين السياسية العسكرية الخبير العسكري رالف تيلي، في مقابلة مع "روندفونك برلين"، إن "الأشخاص الذين يذهبون طواعية إلى أوكرانيا للقتال ليسوا إرهابيين، وأكثريتهم متأثرون بمسالة العدالة والتضامن مع أوكرانيا".

ويرى العقيد المتقاعد تيلي أن "هناك إمكانات تعبئة عالية لمحاربة الروس في أوكرانيا"، ومتوقعا أن يرتفع عدد المتطوعين للقتال من أوروبا ليصل إلى 50 ألفا، بينهم 10 آلاف من ألمانيا وحدها.

وعن الدوافع التي قد تدفع أشخاصا للمشاركة في عمليات قتالية في بلد ثان، أفاد تيلي بأنه "لا يمكن رسم صورة متجانسة لمن ينضم طواعية للدفاع عن أوكرانيا، فالدوافع قد تكون صلات القرابة العائلية بأوكرانيا، وهناك أيضا من يحبون القتال، مثل الجنود السابقين، أو الذين يرغبون في التجنيد أو الدافع المادي، لا سيما أن أوكرانيا أعلنت أنه سيجرى دفع مكافآت لهؤلاء"؛ قبل أن يبرز شكوكه حول ما إذا كان المتطوعون يمكنهم بالفعل تعزيز القوات الأوكرانية، "لأنهم لا يعرفون الأرض جيدا، والروس لا يزالون يشكلون قوة استثنائية، بغض النظر عما يفعلونه عسكريا بشكل خاطئ".

وأكد أن "أي شخص يتطوع في أوكرانيا ليست لديه أي خبرة عسكرية سابقة أو لغة أو معرفة بالبلد، قد يواجه الموت أو الإصابة أو التعذيب في الأسر".

تجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت هددت المقاتلين الأجانب، إذ نقلت وكالة "أنترفاكس" للأنباء، عن المتحدث باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشينكوف، قوله: "جميع المرتزقة الذين أرسلوا من الغرب لمساعدة نظام كييف، ليس لهم الحق في وضع أسير حرب، ويجب التفكير سبع مرات قبل المغادرة، وستحملهم روسيا المسؤولية الجنائية إذا ما تم القبض عليهم".

المساهمون