غداة تظاهرات للمعارضة الروسية لدعم المعارض أليكسي نافالني، طالب البرلمان الأوروبي، اليوم الخميس، بالإفراج عن المعارض الأشرس للكرملين، ودعا إلى توفير جميع أشكال الرعاية الطبية اللازمة، بما في ذلك الفحص والعلاج من قبل طبيب من اختياره. وفي رد سريع على القرار أعلن رئيس الوفد الروسي للجمعية البرلمانية ونائب رئيس مجلس الدوما، بيتر تولستوي، أن روسيا لن تنفذ قرار البرلمان الأوروبي بشأن نافالني أو القرارات المسيسة الأخرى لمؤسسات مجلس أوروبا.
وللمرة الأولى منذ 2 فبراير/شباط الماضي، خرجت، أمس الأربعاء، تظاهرات في أكثر من 30 مدينة روسية لدعم المعارض الروسي ألكسي نافالني.
وفي حين قدر فريق المعارض أعداد المتظاهرين بنحو 50 ألف متظاهر، قالت وزارة الداخلية الروسية، إن العدد لم يتجاوز 15 ألفاً في جميع المدن.
واعتقلت السلطات أكثر من 1700 مشارك في تظاهرات الأمس، نحو نصفهم في مدينة سانت بطرسبرغ حسب منظمات غير حكومية، فيما لم تعلن وزارة الداخلية أي أرقام محددة لأعداد المعتقلين والمحتجين في التظاهرات غير المرخص لها.
وبدأت التظاهرات، أمس، في مدن أقصى شرق روسيا، والأورال، تزامناً مع إلقاء الرئيس فلاديمير بوتين كلمته السنوية عن حال الاتحاد، ورغم حملة الاعتقالات الاستباقية لمنسقي فريق نافالني في عموم روسيا، التي بدأت منذ مساء الثلاثاء، شارك أكثر من ألف متظاهر في عدة مدن منها إيركوتسك نوفوسيبيرسك وفلادي فوستوك. وتقول المعارضة إن الأعداد أكبر بكثير، وبثت مقاطع فيديو للتظاهرات في شرق ووسط روسيا، وقالت إن المحتجين في يكاترينبورغ وحدها تجاوزوا 5 آلاف شخص.
وفي موسكو تجمع المتظاهرون في أكثر من نقطة في وسط العاصمة، وانطلقوا باتجاه شارع تفرسكايا وساحة بوشكين، التي نظمت فيها المعارضة تظاهرات ضخمة في يناير/كانون الثاني الماضي، احتجاجاً على اعتقال نافالني وللمطالبة بالإفراج عنه.
وكما درجت العادة تضاربت البيانات حول أعداد المشاركين، وقدرت عدة مواقع معارضة الأعداد بين 15 و30 ألف مشارك في موسكو، لكن وزارة الداخلية قالت إن عدد المشاركين بلغ 6 آلاف شخص فقط.
وسار المتظاهرون في أربع مسيرات متفرقة سارت باتجاه ساحتي بوشكين ومانيج مقابل الكرملين، والذي أغلقته السلطات منذ صباح أمس تحسباً لتجمع المتظاهرين، وعزف المتظاهرون النشيد الوطني الروسي، وأضاء كثير منهم مصابيح جوالاتهم أثناء مسيرهم.
وكانت المعارضة طلبت من سلطات المدينة ترخيصاً لتظاهرة في ساحة مانيج وسط العاصمة، وقالت إنها تتوقع مشاركة نحو 100 ألف شخص، لكن السلطات رفضت الطلب.
وذكرت وزارة الداخلية أن نحو 4500 شخص شاركوا في تظاهرات سانت بطرسبورغ، بينما قدرت المعارضة الأعداد بأكثر من 10 آلاف.
وشنت السلطات حملة اعتقالات استباقية طاولت منسقي حركة نافالني في المدن، إضافة إلى سياسيين سابقين منهم نيكولاي ريجكوف نائب رئيس مجلس الدوما (البرلمان) الأسبق، وعضو الدوما بين عام 1993 و2007، الذي وجهت له أمس اتهامات بالتحريض على التظاهر بعد تغريدة على "تويتر"، أعاد فيها نشر خبر التظاهرات التي تعتزم المعارضة تنظيمها، ما اعتبرته السلطات دعوة للتظاهر.
وكان لافتاً أن أعداد المعتقلين كانت أقل بكثير من التظاهرات السابقة، ففي موسكو لم يتجاوز عدد المعتقلين أثناء الاحتجاجات الحالية 20 شخصاً، وكان فريق نافالني أوصى المحتجين بوجوب عدم استفزاز رجال الأمن.
وذكرت منظمة "أو في دي أنفو" المعنية برصد أعداد المحتجزين والمعتقلين أن السلطات الروسية اعتقلت، حتى صباح اليوم الخميس، 1783 شخصاً على خلفية تظاهرات الأمس. وعلى عكس موسكو، اعتقلت أجهزة الأمن نحو 800 في عاصمة روسيا الشمالية سانت بطرسبورغ التي قدرت الشرطة أعداد المتظاهرين فيها بنحو 4500 متظاهر.
ويبدو أن الحملة القاسية على المتظاهرين في المرات السابقة، وجملة القوانين التي تبناها مجلس الدوما (البرلمان) الروسي في الأشهر الأخيرة للتضييق على نشر الإعلانات للتظاهر على وسائل التواصل الاجتماعي أتت أوكلها، خاصة بعد تقديم العشرات للمحاكمة وتغريم بعضهم بمبالغ كبيرة، أو الحكم عليهم بالسجن الفعلي لفترات تصل إلى ستة أشهر.
ومعلوم أن السلطات أوقفت 4002 و5754 شخصاً في تظاهرات 23 و24 يناير/كانون الثاني على التوالي، حسب تقديرات منظمات حقوقية مختلفة.
ويرى منظمو التظاهرات أنها نجحت في إيصال رسالة للدفاع عن نافالني الذي تدهور وضعه الصحي كثيراً.
وبدأ نافالني إضراباً عن الطعام في 31 مارس/آذار الماضي، للمطالبة بتقديم الدعم الطبي له من قبل أطبائه أو فريق مدني من خارج مستشفى إدارة السجون. وطالبت عائلته بنقله للعلاج في موسكو.
ويقضي نافالني فترة للسجن مدتها سنتان وتسعة أشهر في أحد السجون قرب مدينة فلاديمير على بعد نحو 200 كيلومتر من موسكو.