أردوغان يجدد استعداد تركيا لضمان أمن مطار كابول

19 اغسطس 2021
أردوغان أكد في المقابلة استعداده للقاء قادة "طالبان" (مصطفى كمجي/الأناضول)
+ الخط -

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، أنّ بلاده لا تزال مستعدّة لضمان أمن مطار كابول، حتّى بعد أن سيطرت حركة "طالبان على أفغانستان"، مشيراً إلى أنّ أنقرة تجري محادثات بهذا الخصوص مع جميع الأطراف المعنية.

وقال أردوغان، في مقابلة تلفزيونية، أوردتها وكالة "الأناضول": "كانت لدينا النيّة لضمان أمن المطار والمساهمة في أمن هذا البلد بعد انسحاب (القوات) الأميركية. ما زالت لدينا النيّة للقيام ذلك".

وأضاف: "نحن الآن نضع خططنا في ضوء الوقائع الجديدة التي ظهرت على الأرض، ونجري مفاوضاتنا وفقاً لذلك".

وكان مسؤولون أميركيون قد أفادوا بأنّ المباحثات بشأن هذه المسألة تتواصل مع أنقرة، وأعربوا عن امتنانهم للدور الذي تقوم به تركيا في إجلاء المدنيين من كابول.

واعتبر أردوغان أنّ "الوجود العسكري التركي في أفغانستان سيمنح الإدارة (الأفغانية) الجديدة ميزة على الساحة الدولية ويسهّل عملها".

لقاء قادة طالبان
وإذ شدّد على أنّ تركيا ستقف إلى جانب أفغانستان، أبدى استعداده للقاء قادة "طالبان". ورحب بـ"التصريحات المعتدلة" الصادرة عن قادة حركة "طالبان" على خلفية سيطرتهم على كامل أفغانستان.

وقال أردوغان إنّ "الوقوف بجانب أفغانستان في السراء والضراء أحد متطلبات الوفاء بالعهد والأخوة أياً كانت الجهة الحاكمة". وأضاف: "قلنا سابقاً إنه يمكن أن نستقبل قادة طالبان، وما زلنا على موقفنا".

وتابع: "مستعدون لكل أشكال التعاون من أجل رفاهية الشعب الأفغاني وسلامة بني جلدتنا أتراك أفغانستان ومصالح بلادنا".

وأشار أردوغان إلى أن القوات التركية في أفغانستان لم تكن قَطّ قوة قتالية، "ولم نستخدم جنودنا هناك كقوة أجنبية". وزاد: "الوجود العسكري التركي في أفغانستان سيقوي يد الإدارة الجديدة في الساحة الدولية ويسهل عملها".

ولفت إلى أنّ تركيا تعاطت مع الملف الأفغاني من زاوية الإرهاب والهجرة فقط مثلما هو الحال بالنسبة إلى سورية، وقالت إنه ليست هناك مشكلة ما لم يطاولها الإرهاب والهجرة.

وأكّد أيضاً أنّ "السياسات الخاطئة المتبعة منذ عشرات الأعوام هي التي تؤدي إلى الإرهاب والهجرة". وبيّن الرئيس التركي أنه لا يمكن المساهمة في تحقيق السلام والاستقرار قبل مواجهة "هذه السياسات الخاطئة".

وأشار إلى وجود روابط تاريخية إنسانية ثقافية قوية بين تركيا وأفغانستان.
وتابع: "لا يمكن أن ننسى الدعم المادي والمعنوي الذي قدمه الشعب الأفغاني لنا في حرب الاستقلال".

وشدد على أنّ معاهدة التحالف الموقعة بين البلدين في 1 مارس/آذار 1921 تتضمن عبارة تفيد بأن مصير البلدين وسعادتهما مرهون أحدهما بالآخر.

وذكر أن ّالمؤسسات التركية المعنية على تواصل مع حركة "طالبان" بالفعل منذ فترة من الزمن.

وأوضح أنّ موقف "طالبان" تجاه تركيا يتحلى بالحذر والدقة الشديدة بالنسبة إلى السياسة الخارجية، وأنقرة تأمل أن يستمر هذا الأمر.

ولفت كذلك إلى أن بلاده قامت باستثمارات كبيرة للغاية من أجل أفغانستان ولا تزال مستمرة في هذه الجهود عبر مستثمريها. وأكّد أنه يمكن الحديث عن خيارات مختلفة، مثل توقيع اتفاقية ثنائية على غرار ما وُقِّع بين تركيا وليبيا.

ولفت إلى ظهور مشهد جديد في الساحة الأفغانية عقب سيطرة "طالبان" على البلاد، وتركيا تتابع التطورات وتتخذ خطواتها على أساس ذلك.

من جهة أخرى، قال أردوغان إنّ تركيا ستعمل من أجل بناء جدار على كامل حدودها مع إيران.

وكشف أنه يعتزم إجراء لقاء مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال الأسبوع الحالي، بشأن التطورات في أفغانستان.

وأوضح أنّ هناك اتصالات أخرى متوقعة مع زعماء العديد من الدول الأوروبية في الإطار ذاته.

عمليات إجلاء المواطنين الأتراك
وبخصوص المواطنين الأتراك الموجودين في أفغانستان، أكد أردوغان أنّ "ضمان أمن مواطنينا وسلامتهم هناك على رأس أولوياتنا"، لافتاً إلى إجلاء 552 مواطناً من أفغانستان.

جاء ذلك في ردّ من الرئيس التركي على سؤال عن أوضاع المواطنين في أفغانستان، وما إذا كانت هناك أي شكوى وما إذا كانت عمليات الإجلاء ستستمر. وتابع أردوغان قائلاً: "نحن نواصل إجلاء مواطنينا عبر رحلات جوية خاصة"، مضيفاً: "وكما تعلمون، فإن المطار (بالعاصمة كابول) له بعدان، أحدهما مدني، والآخر عسكري، ونحن نقوم بهذا العمل في الغالب عبر المطار العسكري، حيث هناك مدرج واحد مشترك هو الذي نستخدمه".

وأوضح أن الجهات المعنية استطاعت الوصول إلى كل الراغبين في العودة إلى تركيا من المواطنين في أفغانستان من خلال التواصل مع السفارة والقنصلية بالعاصمة الأفغانية، وأنه حُشدَت كل إمكانات الدولة من أجل إنجاز عمليات الإجلاء في أسرع وقت.

ومنذ مايو/ أيار الماضي، بدأت "طالبان" بتوسيع رقعة نفوذها في أفغانستان، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأميركية، المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الحالي.

وسيطرت الحركة، خلال أقل من 10 أيام، على معظم أفغانستان تقريباً، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، خلال نحو 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.

الهجرة غير النظامية
وفي سياق ذي صلة، تطرق الرئيس التركي إلى تداعيات التطورات التي تشهدها أفغانستان، وأبرزها تزايد موجات الهجرة غير النظامية من اللاجئين الأفغان صوب الحدود التركية مع إيران.

وفي هذا الصدد، قال أردوغان: "نحن نبذل جهداً كبيراً من أجل التصدي لكل أشكال الهجرة غير النظامية، واتخذنا تدابير مختلفة لتعزيز أمن حدودنا"، مضيفاً: "لدينا 4 ولايات متاخمة للحدود الإيرانية هي: وان، وهكاري، وإغدير، وآغري".

وزاد على أنه "سيُشيَّد جدار على كامل الحدود مع إيران، ولقد انتهينا بالفعل من ذلك عند ولايتي غري وإغدير، ومقابل ولاية هكاري وصل العمل إلى منتصفه وبقي القليل، ومقابل ولاية وان، فإنّ العمل يستمر بشكل مكثف للانتهاء منه".

وأوضح أنه "حتى الآن تمّ الانتهاء من تشييد الجدار بطول 157 كيلومتراً، وسنواصل العمل على قدم وساق من أجل تأمين حدودنا بالكامل في تلك المنطقة".

وأوضح أنّ "تلك الجهود ليست للتصدي لموجات الهجرة فقط، بل للتصدي أيضاً للإرهاب ودحره، لافتاً إلى أن تلك الجدران "عبارة عن كتل خرسانية بارتفاع 3 أمتار، يعلوها كذلك سلك شائك بارتفاع متر".

وعن الإمكانات التي زُودت بها تلك الجدران، قال أردوغان: "تجري عمليات المراقبة بواسطة كاميرات حرارية، إذ زُوِّدَت 79 كيلومتراً مما شُيِّد بتلك الكاميرات، فضلاً عن أنظمة استشعار، كذلك زُوِّدَت 109 كيلومترات بأنظمة إضاءة".

وختم: "نراقب باستمرار تحركات الهجرة غير النظامية، ونتدخل على الفور، في ظل وجود أبراج بصرية وأبراج اتصالات من المنتظر أن تؤدي دوراً رئيسياً في الإدارة المتكاملة للحدود".

(الأناضول)

المساهمون