العراق: نُذر أزمة سياسية في كركوك وسط رفض الحكومة الجديدة

13 اغسطس 2024
رئيس الجبهة التركمانية العراقية حسن توران يدلي بتصريحات في كركوك / 11 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تشكيل حكومة كركوك الجديدة وأزمة الشرعية:** شهدت كركوك أزمة سياسية بعد تشكيل حكومتها المحلية، حيث قدمت قوى عربية وتركمانية وكردية طعوناً قضائية بشرعية جلسة الانتخاب التي عقدت في بغداد، والتي قاطعها الحزب الديمقراطي الكردستاني والقوى التركمانية وغالبية القوى السياسية العربية.

- **ردود الفعل والإجراءات الأمنية:** شهدت كركوك انتشاراً لقوات الشرطة تحسباً لتظاهرات رافضة لآلية اختيار الحكومة، واعتبرت عضو مجلس محافظة كركوك سلوى المفرجي أن عقد الجلسة في بغداد كان مفاجئاً وغير قانوني، بينما أكد الاتحاد الوطني الكردستاني قانونية الجلسة.

- **تحذيرات من تداعيات الأزمة:** حذر الباحث مجاشع التميمي من تداعيات شعبية واجتماعية للأزمة، داعياً لتدخل رئيس الوزراء لضمان الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي في كركوك.

دخلت محافظة كركوك شمالي العراق في أزمة سياسية جديدة بعد ساعات من إعلان تشكيل حكومتها المحلية الجديدة، حيث قدمت قوى عربية وتركمانية وكردية طعوناً قضائية بشرعية جلسة الانتخاب التي عقدت في بغداد السبت الماضي، عقب صراع وخلاف سياسي استمر لأكثر من تسعة أشهر.

وعقدت جلسة تشكيل حكومة كركوك المحلية، بمشاركة 9 أعضاء مجلس المحافظة، 5 من الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب بافل الطالباني)، و3 أعضاء من المكون العربي، وعضو واحد عن المكون المسيحي، وجرى خلالها انتخاب ريبوار طه من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، محافظاً جديداً، ومحمد الحافظ عن المكون العربي رئيساً لمجلس المحافظة، وإبراهيم تميم، نائباً للمحافظ، وإنجيل زيا عن جماعة بابليون المسيحية بزعامة ريان الكلداني، مقررة لمجلس المحافظة. وقاطع الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني والقوى التركمانية وغالبية أعضاء القوى السياسية العربية، الجلسة.

وشهدت مدينة كركوك خلال الساعات الماضية، إجراءات أمنية وانتشاراً لقوات الشرطة تحسباً لخروج تظاهرات رافضة لآلية اختيار الحكومة التي شهدت إقصاء لقوى التركمان وتغييب الكتلة العربية (حزب السيادة) الحاصلة على أعلى عدد من المقاعد. وقالت عضو مجلس محافظة كركوك عن المكون العربي سلوى المفرجي، لـ"العربي الجديد"، إن "عقد جلسة تشكيل الحكومة المحلية في فندق الرشيد بغداد، كان أمراً مفاجئاً وسمعنا به من خلال وسائل الإعلام"، معتبرة أن "إجراءات غير قانونية أدت إلى عقد جلسة كهذه من دون توجيه أي دعوة لنا بصفتنا أعضاء ضمن المجلس، فلم يتم دعوة 3 أعضاء من المكون العربي واثنين من الجبهة التركمانية".

وبينت المفرجي أن "الاتفاق السياسي، الذي تم سابقاً برعاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، نص على أن أي جلسة لمجلس كركوك، يجب أن تعقد بمشاركة كل الأعضاء والمكونات والشركاء السياسيين، كما أن جلسة انتخاب المحافظ ورئيس المجلس لم تعقد بدعوة من رئيس السن (أكبر الأعضاء سناً وفق الدستور) رغم وجوده، وهذه أيضاً مخالفة، ولهذا سيتم الطعن بهذه الجلسة لوجود مخالفات قانونية ودستورية"، محذرة من أن "تشكيل حكومة كركوك بهذا الشكل سيخلق مشكلات سياسية بسبب تهميش وإقصاء أطراف سياسية واجتماعية لها تأثير في المشهد السياسي والشعبي".

من جانبه، قال الناشط السياسي في كركوك محمد العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن التشكيلة الحالية لحكومة كركوك وطريقة اختيارها "التي تقترب من اللصوصية"، ستجلب "متاعب لأكثر من مليوني مواطن كركوكي". وأضاف العبيدي أنه "من الواضح بصمات حلفاء إيران على ما حدث، وأعني بهم بافل الطالباني، وريان الكلداني وقيس الخزعلي، والاثنان الأخيران على لائحة العقوبات الأميركية منذ سنوات بتهم جرائم وانتهاكات إنسانية وفساد".

لكن القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني أحمد الهركي، قال إن "تشكيل حكومة كركوك، تم وفق الأطر القانونية، وبتوجيه دعوة لكل الأعضاء"، مضيفاً: "هناك من أصر على المقاطعة، والجلسة عقدت بنصاب قانوني، وليس هناك أي نص قانوني يلزم على عقد جلسة المجلس في مبناه حصراً". وبين الهركي أنه "لم يتم تهميش أو إقصاء أي طرف سياسي، وحتى الجهات التي قاطعت الجلسة تم منح مناصب مهمة لها ومختلفة في الحكومة المحلية، وهي مطالبة بتقديم أسماء مرشحيها لتلك المناصب".

وأضاف أن "محافظ كركوك الجديد، سيعمل لكل المحافظة ومكوناتها، وليس هناك أي نية للاستحواذ على المناصب والسلطة بالكامل، بل نؤمن بمبدأ الشراكة وندعو كل الأطراف السياسية في كركوك للإسراع في الانخراط في الحكومة، وعدم وضع أي معرقلات أمامها لضمان نجاحها بتقديم أفضل الخدمات لأهالي كركوك".

ومضى القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني قائلاً: "جلسة تشكيل الحكومة المحلية في كركوك عقدت بشكل قانوني، ونحن نحترم أي قرار قضائي، سيصدر أمام أي طعن بشرعية عقد الجلسة، رغم أننا ندرك حصول الشرعية القانونية للجلسة".

تحذير من انتقال أزمة كركوك إلى الشارع

في المقابل، قال الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "تشكيل حكومة كركوك الجديدة، حسم خلافاً وصراعاً سياسياً استمر لأكثر من تسعة أشهر، لكنه خلق أزمة سياسية جديدة ربما تستمر لفترات أطول من أزمة التشكيل، وقد يطول عمرها لحين انتخابات مجالس المحافظات المقبلة".

وحذر التميمي من أن تؤدي الأزمة إلى تداعيات شعبية واجتماعية في الشارع، مشيراً إلى أن الساعات الماضية شهدت تظاهرات شعبية ورفضاً عشائرياً للحكومة الجديدة، "وهذا قد يسبب إرباكاً أمنياً وليس سياسياً فقط، خاصة في ظل وجود خلايا إرهابية في بعض مناطق المحافظة تحاول استغلال أي ظرف من أجل التحرك لشن أعمال إرهابية مختلفة".

ودعا إلى ضرورة تدخل رئيس الوزراء منع اتساع الأزمة الجديدة ووصولها إلى مراحل خطيرة، "والعمل على زج الأطراف السياسية المقاطعة بالحكومة الجديدة، بشكل توافقي لضمان الاستمرار السياسي والأمني والاجتماعي في كركوك".

وأفرزت الانتخابات الخاصة بمجلس محافظة كركوك التي جرت في نهاية العام الماضي 2023 مجلساً مكوناً من 16 عضواً: ستة للعرب وسبعة للأكراد، واثنان للتركمان، ومقعد واحد للمكون المسيحي. ويفرض القانون انتخاب المحافظ الجديد بأغلبية مريحة بواقع النصف زائد واحد، وهو ما لم يتوفر في خريطة توزيع مقاعد كركوك.

وبعد أول انتخابات في عام 2005، شهدت محافظة كركوك في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، انتخابات مجالس المحافظات، ونال الكرد فيها سبعة مقاعد، وانضمت إليهم كتلة بابليون التي فازت بمقعد الكوتا، ليصبح مجموع المقاعد ثمانية، وفي المقابل نال العرب ستة مقاعد، في حين حصل التركمان على مقعدين.