طالبت أحزاب الرئيس التونسي قيس سعيد بانتهاج الحوار وتشريك أوسع طيف سياسي ومجتمعي في صياغة الحلول المستقبلية مع وجوب احترام الدستور والشرعية.
وأصدرت أحزاب "بني وطني"، الذي يرأسه الوزير السابق سعيد العايدي، و"الائتلاف الوطني التونسي" الذي يرأسه الوزير السابق ناجي جلول، وحركة "مشروع تونس" التي يتزعمها محسن مرزوق، بياناً مشتركاً، مساء اليوم الأربعاء، ذكرت فيه أنه "إثر تواصل مناخ الغموض والضبابيّة السياسيّة التي تلت الـ25 من يوليو 2021، فإنّها تؤكّد أن مسار التغيير يجب أن يكون مزيجاً بين الوضع الاستثنائي التي حتمته ظروف الأزمة الخانقة بالبلاد والمقتضيات الدستوريّة التي يعني الخروج عنها نفي الشرعيّة عن كل المؤسّسات المنتخبة".
واعتبرت الأحزاب ذاتها أن "الدعوات لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة دون تغيير النظام الانتخابي والسياسي هو بمثابة إعادة إنتاج للأزمة نفسها". مستغربة "تواصل غياب الحكومة رغم تواصل تدهور الوضع الاقتصادي واستمرار مخاطر وباء كورونا"، كما طالبت "رئيس الجمهورية بأن يكون اختياره للحكومة ورئيسها قائماً على مبدأ الكفاءة ونظافة اليد لا على مبدأ الولاء للأشخاص".
وأكد جلول، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الأحزاب الموقعة على البيان المشترك تقدر بأن البلاد "ما زالت في ديناميكية وحراك 25 يوليو الذي تؤمن به، ولكن يجب أن يتخذ الرئيس قرارات؛ فلا يمكن أن تبقى البلاد بلا حكومة لفترة أطول، ولا يمكن أن نخرج عن إطار الدستور لأن الرئيس سيفتح بذلك على نفسه باب المشاكل من حيث الشرعية وكذلك المس بالحقوق".
وأضاف بالقول "نعتبر أن 25 يوليو حدث مهم أحدث تغييراً وأعاد الأمل للناس ونؤمن بأنه يجب أن يتواصل، ولكن في نطاق الشرعية الدستورية"، مشدداً على أن "الأحزاب تتقاسم نفس موقف اتحاد الشغل الصادر اليوم".
ولفت جلول إلى أنه "طال انتظار القرارات في وقت يتواصل فيه غلق القصبة (مقر رئاسة الحكومة)، التي لم تغلق أبوابها منذ العهد الموحدي في القرن 12، واليوم الوزارات معظمها منهكة وهناك نوع من العزلة الداخلية للرئيس، فليس هناك تواصل مع الاتحاد ولا مع الأحزاب وكذلك التواصل الخارجي للرئيس ضعيف".
ولفت جلول إلى أن "هناك تنسيقاً حزبياً مع حركة الشعب والتيار الديمقراطي، ومع المنظمات الوطنية مثل الاتحاد العام التونسي للشغل" مشيراً إلى أن "مطلبهم تشريك جميع التيارات الوطنية في رسم تصور وحلول مشتركة، لأن الوضع الاقتصادي يزداد سوءاً".
وأكد البيان المشترك بأن الأحزاب "تؤكّد أنّ المنظومة السياسية (النظامين السياسي والانتخابي) الذي وقع اعتمادهما منذ 2014 كانت أحد الأسباب الرّئيسيّة للأزمات السياسية والاقتصادية التي عاشتها البلاد وأنّ تغيير هذه المنظومة مسألة حيويّة للدّولة والأمّة". مشددة على أن "مسار تغيير هذه المنظومة يجب أن يكون تشاركيّاً بالصيغ التي تضمن مساهمة كافّة القوى الوطنيّة الحقيقة وتداولاً اجتماعياً واسعاً، يكون سابقاً لاستفتاء الشعب".
كما دعت إلى "إيقاف العمل بأية إجراءات تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان مثل منع السفر والإقامة الجبريّة دون إذن قضائي". مع التأكيد على "ضرورة الحفاظ على علاقات تونس الدوليّة الاستراتيجية بعيداً عن كلّ شعبويّة تعزيزاً لأمن البلاد وحفظاً لاقتصادها".
وكانت خمسة أحزاب تونسية قد عبّرت في بيان مشترك أمس الثلاثاء عن رفضها المطلق "دعوات تعليق الدستور" و"حالة الجمع بين السلطة والانفراد بالقرار"، مستغربة "استمرار الفراغ الحكومي".
وطالبت أحزاب التيار الديمقراطي وآفاق تونس والحزب الجمهوري والتكتل من أجل العمل والحريات وحزب الأمل الرئيس "بالالتزام بتعهداته للتونسيات والتونسيين باحترام الدستور وباليمين التي أداها قبل تولي مهامه على رأس الدولة".
الإفراج عن مهدي زقروبة
قررت دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف في تونس الإفراج عن المحامي مهدي زقروبة الموقوف على خلفية قضية "أحداث المطار" منذ يوم 2 أيلول/ سبتمبر الماضي، مع مواصلة محاكمته في حالة سراح من قبل القضاء العسكري، بعد أن اعترضت على عدم اختصاصها.
وأفاد المتحدث الرسمي باسم محكمة الاستئناف بتونس، الحبيب الطرخاني، في تصريح صحافي، بأن "الدائرة رفضت مطلب عدم اختصاص المحكمة العسكرية الدائمة بتونس في القضية التي ستبقى من أنظار قاضي التحقيق العسكري".
كذلك رفض القضاء المدني طعن القضاء العسكري في قرار إبقاء النائب المستقيل من ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي في حالة سراح.
ويلاحق القضاء العسكري 4 نواب آخرين من نفس الحزب من بينهم رئيس الكتلة والمتحدث باسم الائتلاف المحامي سيف الدين مخلوف، الذي رفض تسليم نفسه للقضاء العسكري متحصناً بالفرار.
ويعتبر المحامون التونسيون بأن قضية زقروبة تمثل قضية مركزية ومفصلية في مسار تكريس رفض محاكمة المدنيين عسكريا، حيث تجند المحامون طيلة الفترة السابقة دفاعاً عن زميلهم وانتصاراً لهذه القضية العادلة، بحسب تقديرهم.