أبطحي لـ"العربي الجديد": الإصلاحيون يقرّرون المنافسة في انتخابات الرئاسة الإيرانية

28 مايو 2024
أبطحي: أسماء المرشحين الإصلاحيين المحتملين قيد النقاش، 22 ديسمبر 2009 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- القيادي الإصلاحي محمد علي أبطحي يعلن عن قرار التيار الإصلاحي بالترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة، مما يمثل تحولاً في السلوك الانتخابي بعد سنوات من العزوف.
- هناك ترقب حول موافقة مجلس صيانة الدستور على ترشح الإصلاحيين، وسط ضغوطات لترتيب أوراقهم الانتخابية ونية المشاركة الفعالة في الانتخابات رغم الثقة الأكبر للمحافظين.
- تجري مناقشات حول المرشحين الإصلاحيين المحتملين، مع تركيز على شخصيات مثل محمد رضا عارف ومسعود بزشكيان، ومجيد أنصاري، ومحمد صدر كمرشح رئيس، في محاولة لتغيير المعادلة الانتخابية.

كشف القيادي الإصلاحي الإيراني البارز محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، لـ"العربي الجديد"، عن قرار للإصلاحيين بالترشح للانتخابات الإيرانية للرئاسة المزمع إجراؤها في 28 يونيو/ حزيران المقبل، خلافاً للسلوك الانتخابي لهذا التيار في الانتخابات منذ أكثر من عقد في أعقاب احتجاجات عام 2009 على خلفية نتائج الانتخابات وإقصاء قياداتهم البارزة من الترشح، وهو ما أدى إلى عزوف الإصلاحيين عن الترشح والمشاركة، خاصة منذ الانتخابات الرئاسية عام 2021 التي فاز فيها الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي قضى في 19 مايو/ أيار الجاري إثر تحطم مروحيته في شمال غربي البلاد في أثناء رحلة عمل.

ولم يتضح المشهد الانتخابي الإيراني بعد، بانتظار بدء موعد تقديم طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية الجديدة، الخميس المقبل، فيما بازار التوقعات والتكهنات بدأ يشهد سخونة بشأن أسماء المرشحين المحتملين، وما إذا كانت القوى الإصلاحية الإيرانية ستترشح لهذه الانتخابات، ومن ثم موقف مجلس صيانة الدستور الإيراني المخول دستورياً بالإشراف على العملية الانتخابية، والذي لطالما أثار سلوكه الانتخابي جدلاً واسعاً في إيران، قبل كل استحقاق انتخابي وأثناءه وبعده.

ويلعب الوقت ضاغطاً على القوى السياسية الإيرانية، الإصلاحية أو المحافظة، والتيارات المنضوية تحت هذين العنوانين، حيث إن الاستحقاق الرئاسي المرتقب جاء في غير موعده المحدد دستورياً، وفرض نفسه على الساحة الإيرانية إثر رحيل رئيسي المفاجئ. كما أن الفترة التي تفصل البلاد عن يوم الانتخابات الإيرانية المقبلة ليست طويلة كالانتخابات السابقة التي كانت القوى السياسية قبل حلول موعدها بعام تقريباً تستعد لها وسط استعراضات انتخابية لجس نبض السلطات والشارع لتقديم مرشحين يحظون برضا الطرفين في آن واحد.

في هذه الأجواء الانتخابية، يترقب الشارع ما إذا كان التيار الإصلاحي سيترشح للانتخابات الإيرانية المقبلة، وما إذا كان مرشحهم أو مرشحوهم سينالون ثقة مجلس صيانة الدستور، وذلك في ظل عزوف سابق عن الترشح والمشاركة على خلفية إقصاء مرشحيهم وتوحيد السلطات الإيرانية بقبضة المحافظين أو ما بات يُعرف في الأدبيات السياسية بـ"تنقية السلطة" في يدهم.

وقال القيادي الإصلاحي البارز محمد علي أبطحي (65 عاماً)، إنّ رحيل الرئيس إبراهيم رئيسي على نحو مفاجئ دفع البلاد نحو انتخابات مبكرة، ما جعل التيارات السياسية الإصلاحية تواجه وقتاً ضيقاً جداً لترتيب أوراقها الانتخابية. لكن ذلك لم يمنع الإصلاحيين، وفق أبطحي، من مباشرة اتصالاتهم ومشاوراتهم الانتخابية على نحو سريع في هذا الوقت القصير، لافتاً إلى أنّ التيار المحافظ أمام واقع مختلف، إذ إن جميع مرشحيهم المحتملين واثقون من تجاوز حاجز مجلس صيانة الدستور ونيل ثقته.

ويرى أبطحي، وهو رئيس المركز الدولي لحوار الأديان، أنّ "الأمر يبدو مختلفاً في معسكر الإصلاحيين"، في ظل عدم السماح لهم بالترشح للانتخابات في الدورات السابقة، وهو ما شكّل إحباطاً للشارع من الإصلاحات والانتخابات معاً، وقال لـ"العربي الجديد"، إنهم قرّروا هذه المرة، عكس الدورات السابقة، المشاركة في الانتخابات المرتقبة بنشاط، "أما ماذا سيكون موقف النظام من هذه المشاركة فأمر آخر".

توقعات بترشح لاريجاني للانتخابات الإيرانية

وأوضح أبطحي، وهو من مؤسسي جمعية "العلماء المناضلون" الإصلاحية التي يترأسها الرئيس الأسبق محمد خاتمي، أنّ الإصلاحيين أولاً قرّروا مبدئياً الترشّح للانتخابات الإيرانية المقبلة، وثانياً عدم دعم المرشحين غير الإصلاحيين في ظل التجربة التي مرّوا بها بدعم الرئيس السابق حسن روحاني، الذي قال إنه "أضرّ بتيار الإصلاحات كثيراً". وتأتي هذه الإشارة فيما تروّج توقعات في إيران بترشح المحافظ المعتدل علي لاريجاني، الرئيس السابق للبرلمان الإيراني، مع الحديث عن إمكانية حصوله على دعم التيارين الإصلاحي والمعتدل (أبناء مدرسة الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني).

وعما إذا كان التيار الإصلاحي سيتقدم بترشيح شخص واحد أو عدد من المرشحين، يقول أبطحي إنّ "هناك شخصيات مستعدة للترشح والمشاورات مستمرّة بشأن تحديد هوية المرشح أو المرشحين". ويرجح نائب خاتمي في حديثه مع "العربي الجديد"، أن يتقدم الإصلاحيون بعدد من المرشحين، عازياً السبب إلى تجارب سابقة في رفض مجلس صيانة الدستور أهلية الشخصيات البارزة في التيار، مع القول إنه "ربما من خلال تقديم عدة مرشحين يمكننا تجاوز فلتر مجلس صيانة الدستور".

ولفت أبطحي إلى ضغط عامل الوقت في هذه الانتخابات، ما يدفع الإصلاحيين إلى ممارسة النشاط الانتخابي وتقديم مرشحين قبل الانتظار لإعلان مجلس صيانة الدستور القائمة النهائية لتبنيهم ودعمهم، قائلاً إن المجلس قبل أسبوعين من الانتخابات المزمع إجراؤها في 28 يونيو/ حزيران المقبل سينشر القائمة. وبالتالي، لا يمكن للأصوليين ولا للإصلاحيين التريث حتى نشرها، فيما كانت الأنشطة الانتخابية في مواسم الاقتراع السابقة تبدأ قبل الانتخابات الإيرانية للرئاسة بنحو ستة أشهر.

وأفاد أبطحي بأنّ أسماء المرشحين الإصلاحيين المحتملين قيد النقاش حاليا، إلا أنه ينبغي النظر إلى المكانة التي يمكن أن يحظى بها كل من المرشحين المحتملين في المجتمع، وقال إنّ "بعض الشخصيات الإصلاحية ربما تكون قادرة على إدارة البلاد لكنها تفتقر إلى قاعدة جماهيرية، والعكس أيضاً صحيح، فربما تكون لدى آخرين هذه القاعدة، لكن من الصعب تخطيهم حاجز مجلس صيانة الدستور بسبب دعايات سلبية مورست بحقهم".

وتبرز حالياً أسماء عدد من القيادات الإصلاحية في بازار التكهنات الانتخابية بشأن ترشحها، منها محمد رضا عارف، النائب الأول للرئيس الإيراني الأسبق خاتمي، والمشرع الإصلاحي في البرلمان مسعود بزشكيان، ورجل الدين الإصلاحي مجيد أنصاري. ويعتقد أبطحي أن الانتخابات الإيرانية المقبلة ربما تتميز عن سابقاتها لسببين، الأول أنّ الانتخابات السابقة وكذلك حضور وجوه أكثر تطرفاً في البرلمان الجديد في ظل عزوف المواطنين عن المشاركة "ربما تشكّل إنذاراً للمجتمع باتجاه المشاركة" في الانتخابات المقبلة والإقبال على الإصلاحيين، والسبب الثاني أنّ تسجيل نسبة مشاركة متدنية في الانتخابات السابقة "لم يكن أمراً نافعاً للسلطات، وعليه ربما تريد هذه المرة تغيير المعادلة" الانتخابية بغية إجراء انتخابات تحقق مشاركة أفضل للشارع.

ويرى القيادي الإصلاحي أن عزوف شرائح مجتمعية عن المشاركة في الانتخابات سيستمر، لكن حادث مقتل رئيس الجمهورية ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق لهما، وسجل رئيسي خلال السنوات الثلاث، "ربما يخلقان أجواء جديدة تؤدي إلى مشاركة أكثر من قبل".

 في الأثناء، تتحدث وسائل إعلام إصلاحية عن أن نائب وزير الخارجية الإيراني الأسبق في حكومة محمد خاتمي محمد صدر، يعتبر المرشح الرئيس للإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال صدر، وهو حاليا عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، اليوم الثلاثاء، لموقع "منيبان" الإيراني إنه التقى أخيرا الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي في بيته، وإنه اقترح عليه الترشح للانتخابات الرئاسية. وأضاف صدر أنه لم يتخذ بعد قراره النهائي ويقوم حاليا بدراسة الترشح للانتخابات.