لم يخل افتتاح بطولة كأس العالم الثانية والعشرين في قطر، أمس الأحد، وهو الحدث الرياضي الأبرز على مستوى العالم، من لقاءات سياسية عديدة على هامشه، كان أبرزها ربما اللقاء الأول للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي، حيث اعتبرت المصافحة بينهما "خطوة أولى نحو مزيد من التطبيع في العلاقات"، فيما كان للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون النصيب الأكبر من هذه اللقاءات، وأبرزها لقاؤه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد فتور العلاقات بين البلدين، وغياب بن سلمان عن القمة العربية في الجزائر.
وقال الرئيس التركي، اليوم الإثنين، إن المصافحة التي تمت بينه وبين نظيره المصري في قطر، أمس الأحد، كانت خطوة أولى نحو مزيد من التطبيع في العلاقات بين البلدين، مضيفا أن تحركات أخرى ستليها.
ونقلت "خبر ترك" عن أردوغان تصريحات أدلى بها على متن الطائرة في رحلة عودته من قطر، حيث قال إن طلب أنقرة الوحيد من مصر هو تغيير أسلوبها تجاه وضع تركيا في البحر المتوسط.
من جهتها، ذكرت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية أن الرئيس أردوغان "التقى قادة دول عربية على هامش مشاركته في حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022 بالعاصمة الدوحة".
وأضافت أنّ أردوغان "تبادل أطراف الحديث مع بعض القادة في ملعب البيت خلال زيارته للدوحة تلبية لدعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني"، مشيرة إلى أنّ أردوغان التقى نظيريه الفلسطيني محمود عباس، والمصري عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني، كما التقى حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو.
لقاء تبون وبن سلمان
وفي السياق، التقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس الأحد، ولي العهد محمد بن سلمان، خلال حفل افتتاح مونديال قطر، وحصل خلال اللقاء حديث مطول بين قائدي البلدين، لم يتم الكشف عن مضمونه، لكنه كشف عن تطور لافت في العلاقة بين الجزائر والرياض.
وجاء اللقاء إثر تقارير سابقة كانت قد تحدثت عن وجود مشكلات بين الجزائر والرياض حالت دون مشاركة ولي العهد في القمة العربية الأخيرة، التي احتضنتها الجزائر في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
يأتي ذلك بينما يجري التحضير لزيارة مرتقبة لولي العهد محمد بن سلمان إلى الجزائر على رأس وفد وزاري ومستثمرين سعوديين، في حين لم يتم تحديد موعد الزيارة بعد، والتي كان من المقرر أن تتم في سبتمبر/ أيلول الماضي، قبل أن تتأجل في آخر لحظة.
وكان غياب ولي العهد محمد بن سلمان عن القمة العربية الأخيرة في الجزائر قد أثار جدلا سياسيا حول المبررات الحقيقية لهذا الغياب، ففي الوقت الذي أعلن فيه القصر الملكي أن التغيب يعود لأسباب صحية نتيجة توصية من الأطباء لمحمد بن سلمان، كشفت مصادر مسؤولة لـ"العربي الجديد"، خلال القمة، أن المبرر الصحي لم يكن مانعا لمشاركة ولي العهد وإنما الأمر يتعلق بأسباب أخرى لم يتم الكشف عنها، يرجح أن تكون لها علاقة برفض جزائري لأي وساطة سعودية في الأزمة بين الجزائر والمغرب.
وقال المحلل السياسي ميلود صديقي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن لقاء الدوحة، الذي يعد الأول بين الرئيس تبون وولي العهد منذ زيارة الرئيس الجزائري إلى الرياض في يناير/ كانون الثاني 2020، هو ضمن مؤشرات كثيرة تؤكد على تجاوز العلاقات الجزائرية السعودية مشكلات سياسية كانت قد حدثت خلال الفترة السابقة، وبعضها من مخلفات أزمة عام 2017".
وأضاف صديقي: "أعتقد أن الجزائر والرياض تبحثان الآن على خط علاقة استراتيجية، وخاصة أن مجموعة من المتغيرات الإقليمية والدولية وضعت البلدين ضمن النسق نفسه من المواقف الداعمة لمصالحهما المشتركة، الاقتصادية والسياسية خاصة".
وأشار إلى أن "الموقف الجزائري الداعم للرياض خلال أزمة قرار أوبك+ مع الولايات المتحدة، وبيان القصر الملكي عشية القمة العربية والذي يؤكد على أنه يمكن للجزائر أن تعتمد على الرياض، يؤكد أن العلاقة باتجاه تطور كبير، وهي بحاجة إلى خطوة لتكريس ذلك، ونعتقد أن الزيارة المقبلة لولي العهد ستحسم ذلك وتضع العلاقات الجزائرية السعودية على الخط الذي يجب أن تكون عليه".
وفي السياق أيضاً، التقى الرئيس تبون في الدوحة للمرة الثانية على التوالي خلال الشهر الجاري الرئيس المصري بعد القمة العربية الأخيرة التي عززت وجود تباين في المواقف تجاه ثلاث قضايا أساسية تخص الأزمة في ليبيا والمصالحة الوطنية الفلسطينية وأزمة سدّ النهضة. وهو اللقاء الثالث بين الرجلين في غضون الشهر الجاري، بعد لقاءات قمة الجزائر ثم قمة شرم الشيخ.
كما التقى الرئيس تبون بملك الأردن عبد الله الثاني خلال افتتاح كأس العالم.
الرئيس الجزائري يشيد بروعة تنظيم مونديال قطر
وخلال الحفل، التقى الرئيس تبون بأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، واستغل حفل كأس العالم لإعلان رسائل دعم سياسي كبير لقطر، في ظل تطور غير مسبوق للعلاقات بين البلدين على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
وقال تبون في تصريح لقناة الكأس القطرية عقب حفل افتتاح مونديال كرة القدم، إن "التنظيم كان من أروع ما يكون ويشرف دولة قطر الشقيقة والعالم العربي ككل، وروعة التنظيم دحضت كل الادعاءات والأقاويل التي سبقت انطلاق هذا المونديال".
ودشن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمة مقتضبة، أمس، افتتاح بطولة كأس العالم الثانية والعشرين في قطر، داعياً إلى أن تكون مناسبة لـ"الاحتفاء بالتنوّع واحترام الاختلاف وتعزيز التواصل الإنساني بين الحضارات".