"ليتل بترا"... حلقة من استهداف "عطيرات كهانيم" لعقارات المقدسيين

01 ابريل 2022
اقتحم مستوطنون الأحد الماضي فندق "ليتل بترا" (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -

قفزة جديدة حققتها أخيراً جمعية "عطيرات كهانيم" الاستيطانية، الناشطة في الاستيلاء على عقارات المقدسيين في البلدة القديمة من القدس المحتلة.

وقام العشرات من أتباع هذه الجمعية الاستيطانية، بحماية شرطة الاحتلال، فجر الأحد الماضي، باقتحام فندق "ليتل بترا" المهجور، والذي يشكل امتداداً وملحقاً لفندق "بترا" في منطقة باب الخليل في البلدة القديمة من القدس، واستولوا عليه.

وقام المستوطنون على الفور بتغيير أقفال الأبواب، وتركيب كاميرات المراقبة، والبدء بأعمال ترميم وصيانة للفندق الصغير الذي يطل على ميدان باب الخليل، المعروف بميدان عمر بن الخطاب، ويشرف كذلك على بركة السلطان التي يطلق عليها الإسرائيليون بركة حزقيا.

قدم محامي بطريركية الروم الأرثوذكس مستندات جديدة للمحكمة العليا للاحتلال تبطل عملية بيع الفندق

تهديد مستأجري "ليتل بترا"

الاقتحام ترافق مع ممارسة المقتحمين العنف، وتهديد حياة أفراد عائلة قرش صاحبة الحق بإدارة الفندق كمستأجرين محميين، والاعتداء عليهم وعلى المحامي مدحت ديبة ونجله إبراهيم، اللذين تم اقتيادهما من قبل عناصر من شرطة الاحتلال إلى مركز شرطة القشلة القريب من الفندق، حيث احتجزا هناك لنحو ست ساعات.

ويضم الفندق المستولى عليه 15 غرفة، وكان واحداً من عدة أبنية تابعة إلى فنادق، من بينها "بترا" و"إمبريال"، في باب الخليل والأعظمية في حي باب حطة المتاخم للمسجد الأقصى، تم بيعه لجمعية استيطانية في عهد بطريرك الروم الأرثوذكس السابق إيرينيوس.

وكانت صفقة البيع هذه سبباً في إقالة إيرينيوس ليحل مكانه البطريرك الحالي ثيوفيلوس الذي رفض الصفقة، فيما تمكن محامي البطريركية، قبل أشهر، من تقديم مستندات جديدة للمحكمة العليا للاحتلال تبطل عملية البيع وتظهر وجود رشى وعملية تزوير.

وقالت بسمة نبيل قرش، صاحبة حق استئجار الفندق، في حديث لـ"العربي الجديد": "إنها وشقيقاتها الثلاث يمتلكن حق إدارة الفندق، بموجب حق حماية كان حصل عليه جدها عبد المعطي قرش في أربعينيات القرن الماضي، وتم تجديده من قبل والدها وأحد أعمامها في عام 1996".

ونفت قرش وجود أي نزاع قضائي بينها وبين المستوطنين، وقد أبلغت المحكمة الإسرائيلية بذلك، مشيرة إلى أن بحوزتها ما يؤكد حيازتها حق الحماية، رغم الصفقة التي تمت في عهد إيرينيوس، التي لا تعترف بها. وتخشى قرش من أن يؤدي الاستيلاء على المبنى المهجور إلى سيطرة جمعية "عطيرات كهانيم" على المبنى الثاني الرئيس "بترا"، متذرعة بالصفقة القديمة التي أبرمت في عهد إيرينيوس.

امتداد للصفقة التي أجراها إيرينيوس

مصادر مقربة من بطريركية الروم الأرثوذكس، التي اتهمت الإدارة السابقة في عهد إيرينيوس بتسريب عقارات للاحتلال، قالت، لـ"العربي الجديد": إن "ما جرى من اقتحام كان امتداداً للصفقة المشؤومة التي أجراها إيرينيوس، والتي عزل من منصبه بسببها، وعين بدلاً منه ثيوفيلوس، الذي ما زال على موقفه من رفض تلك الصفقة وعدم الاعتراف بعقودها، بالرغم من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية التي أقرت للمستوطنين ما جاء في الصفقة".


استبق المستوطنون جلسة المحكمة باقتحام الفندق لفرض أمر واقع في المكان


وأشارت المصادر إلى تطور مهم في موضوع تلك الصفقة حدث قبل نحو أربعة أشهر، حيث تبين وجود فساد ورشى كثيرة ترافقت مع عقد تلك الصفقة ما يجعلها غير صالحة، وبالتالي تم تقديم أدلة جديدة من قبل محامي البطريركية للمحكمة المقرر أن تنظر فيها مجدداً، في موعد لم يتم تحديده بعد.

وأضافت المصادر أن التطورات الجديدة دفعت بالمستوطنين إلى استباق جلسة المحكمة، وفرض أمر واقع جديد في المكان، بعد أن اقتحموه، بحماية شرطة الاحتلال.

ومن شأن إحكام السيطرة على هذا الفندق خلق بؤرة توتر جديدة داخل البلدة القديمة من القدس، تفضي إلى تأجيج الأوضاع هناك، مع الزيادة الكبيرة في أعداد المستوطنين، الموزعين على نحو 100 بؤرة استيطانية، تقع جميعها في الحيين الإسلامي والمسيحي من البلدة القديمة من القدس، بالإضافة إلى نحو 4000 مستوطن يقطنون حارة الشرف، أو ما باتت تعرف اليوم بالحي اليهودي.

رسالة إلى "قمة النقب"

ورأى المهندس سمير قرش، وهو أحد أقرباء بسمة قرش، أن عملية الاقتحام التي تمت جرت في توقيت مرتبط بأمرين، الأول انعقاد "قمة النقب"، وبالتالي كان رسالة موجهة لوزراء الخارجية العرب الذين شاركوا في الاجتماع مفادها بأن المستوطنين هم أصحاب القرار.
وأشار قرش إلى أن الرسالة الثانية تأتي في إطار محاولتهم توتير الأوضاع في القدس، إذ إن عملية الاقتحام جاءت قبل أيام من حلول شهر رمضان (2 إبريل/ نيسان الحالي).

وأكد قرش، لـ"العربي الجديد"، أن الاستيلاء على "ليتل بترا" سيفضي إلى واقع جديد في باب الخليل، سيؤثر على كامل المنطقة والبلدة القديمة التي تشهد عملية تهويد مستمرة، واستيلاء على مزيد من العقارات وتعزيز التواجد الاستيطاني هناك.


سمير قرش: الاقتحام رسالة لوزراء الخارجية العرب الذين شاركوا في اجتماع النقب مفادها أن المستوطنين هم أصحاب القرار


وكان مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس قد أصدر، قبل أيام، بياناً حذر فيه من تداعيات استيلاء المستوطنين على الفندق. وأعلن أنه "ينظر بعين الخطورة لما تتعرض له مدينة القدس من استهداف ممنهج للمقدسات وللعقارات الوقفية، الإسلامية والمسيحية، في المدينة على حد سواء".

وأكد بيان المجلس "الحق التاريخي والقانوني القائم منذ عام 1967 وقبل ذلك، والذي يخول حصراً مجلس الكنائس إدارة كافة شؤون الأوقاف المسيحية في مدينة القدس، اتساقاً مع القوانين والشرائع الدولية التي تلزم بالحفاظ على الوضع القائم واحترامه، خاصة في مدينة القدس حسب الأعراف والقوانين الدولية".

وشدد على "تضامنه المطلق مع كامل نسيجنا المقدسي، بكل مكوناته وأطيافه الإسلامية والمسيحية، أمام كل مساعي العبث بالأملاك الوقفية الإسلامية والمسيحية في المدينة".

وطالب مجلس الأوقاف الإسلامية "بإعادة كل العقارات المسيحية المهددة الى أصحابها الشرعيين، تحت طائلة بطلان كافة العقود والصفقات المشبوهة التي حيكت في جنح الظلام، وفي غفلة من أصحاب الحقوق، من قبل أطراف لا يمثلون إلا أنفسهم المريضة وبعقود باطلة".

المساهمون