"لومون" تقرأ مشهد التطبيع البحريني الإماراتي مع إسرائيل: صورة تذكارية لدفن قضية فلسطين
وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية في مقال للمحلل ومحرر الشؤون السياسية آلان فراشون، اليوم الخميس، مشهد التطبيع الحاصل بين إسرائيل من جهة، والإمارات والبحرين من جهة ثانية، بأنه يصلح لأن يكون "صورة تذكارية توضع في مكان ما في الضفة الغربية لإعلان دفن القضية الفلسطينية بشكل جيد".
واعتبر المقال أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي كان يعتبر مركزياً في المنطقة، لم يعد كذلك، فهو الآن "لا يمنع أو لم يعد يمنع تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي".
وقال محرر الشؤون السياسية في "لوموند" إنه على الرغم من تطبيع العلاقات أخيراً بين تل أبيب وأبوظبي والمنامة، إلا أن "القومية الفلسطينية لن تزول. يمكن أن تدخل حقبة جديدة، وتكون عاملاً في تغذية معركة جديدة، لكنها بلا شك ستحدد مستقبل إسرائيل وطبيعتها كدولة يهودية وديمقراطية".
وفقاً لفراشون، فإن "كل ذلك حصل لأنه بالنسبة إلى كثير من الناس لم تعد القضية الفلسطينية قضية شعب يسعى للحصول على حقوقه في أرضه مثل أي شعب آخر؛ فالولايات المتحدة الأميركية منحت الشرعية لحكومة نتنياهو لاحتلال الأراضي الفلسطينية والضفة الغربية والجزء الشرقي من القدس، ولم تعد المستوطنات، كما تقول واشنطن، اليوم (عقبة في طريق تحقيق السلام). أما روسيا فلاديمير بوتين، الذي يتمتع بأفضل العلاقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فهو لا يفكر بشكل مختلف عن واشنطن، في حين تعمل الصين على تطوير تجارة كثيفة بشكل متزايد مع إسرائيل من دون التدخل في شؤونها الداخلية. وأخيراً، لم تقم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أبداً بربط علاقاتها مع إسرائيل بوضع حد لاستعمار الأراضي الفلسطينية".
حركة وطنية فلسطينية منقسمة
ويعتبر الكاتب، كغيره من الملاحظين، أن ما يثير الحيرة في وصف اتفاق التطبيع الأخير بأنه "اتفاق سلام"، هو أنه لا الإمارات ولا البحرين كانتا في حالة حرب مع إسرائيل، لكن "لا شك أنهما حصلتا على الضوء الأخضر من المملكة العربية السعودية للتوقيع على هذا الاتفاق".
ديناميكيات المستوطنات تبدو خطة لا رجعة فيها في الضفة الغربية
وبعيداً عن أنها كانت "مركزية" في المنطقة، فإن القضية الفلسطينية تصبح يوماً بعد يوم أقل أهمية بالنسبة إلى الدول العربية التي "تتناحر في أماكن كثيرة. إنهم يتحالفون مع إسرائيل لاحتواء التوسع الإيراني الذي يعتبرونه أكثر تهديداً، لأن الولايات المتحدة ترغب في الانسحاب من الشرق الأوسط".
ويستشهد الكاتب بورقة نشرها "المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI)" في تقريره السنوي الأخير، حيث اعتبر أن ديناميكيات المستوطنات تبدو خطة لا رجعة فيها في الضفة الغربية، إذ تخضع المنطقة لضم زاحف، بمعنى أن "النظام القانوني المدني الإسرائيلي يطبق على الأراضي التي أقيمت فيها المستوطنات"، وهذا يقلل باستمرار من إمكانية قيام دولة ثانية (فلسطين)، كمشروع حل للصراع طُرح في التسعينيات. لكن المشهد الآن هو "شعبان جنباً إلى جنب، أحدهما خاضع للنظام الديمقراطي، والآخر للاحتلال العسكري: إلى متى يمكن أن يستمر هذا المشهد؟".
إحياء فرضية الدولة ثنائية القومية
وخلص الكاتب إلى أن الفلسطينيين سيبدأون ربما في "التفكير في بقائهم داخل دولة واحدة" مع نفاد كل الخيارات أمامهم، إذ مهما "كان رأي المرء في جدوى قيام دولة ثنائية القومية في الشرق الأوسط، والتي قد تبدو إلى حد ما مثالية، فإن الفرضية تتجدد كل يوم من خلال السعي وراء المستوطنات. إنه نتاج مباشر للسياسات التي ينتهجها اليمين الإسرائيلي منذ سنوات".
وختم بالقول "لقد هنأ نتنياهو نفسه أخيراً على حصوله على (اتفاق سلام) في 15 سبتمبر/أيلول من دون التنازل عن شبر واحد من الضفة الغربية. بذلك، لم تعد القضية الفلسطينية مسألة تقاسم للأرض، ولكن مع التحول الذي تشهده الآن فهي ستحدد ما ستكون عليه إسرائيل غداً".