"قضية الأمل"... تصعيد مصري مرجح لمساومة أميركا

03 فبراير 2022
تضم القضية رامي شعث الذي رُحّل إلى فرنسا (حسام الصياد)
+ الخط -

أفادت مصادر خاصة تحدثت مع "العربي الجديد" بأن السلطات المصرية تتجه إلى إحالة متهمي القضية رقم 930، المعروفة باسم قضية "تنظيم الأمل"، إلى المحاكمة خلال أيام، وذلك مع انتهاء المدة القصوى المحددة قانوناً بعامين للحبس الاحتياطي.

وتضم القضية أسماء بارزة في الحياة السياسية من بينها، البرلماني السابق زياد العليمي، والصحافيان حسام مؤنس وهشام فؤاد، والناشط العمالي حسن بربري، وعلاء عصام، والخبير الاقتصادي عمر الشنيطي، ورجلا الأعمال أسامة العقباوي، ومصطفى عبد المعز، ومنسق الحملة الشعبية لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي رامي شعث، الذي أفرجت عنه السلطات المصرية أخيراً، في إطار صفقة تقضي بتنازله عن الجنسية المصرية في مقابل ترحيله إلى فرنسا، باتفاق مع باريس.

ضغط غربي في قضية الأمل 

وقد وجهت نيابة أمن الدولة للمعتقلين، اتهامات بـ"مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، ونشر وبث أخبار كاذبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بغرض إثارة الفتن وقلب نظام الحكم، فضلاً عن اتهام بعضهم بتمويل وإمداد الجماعة الإرهابية".

واعتبرت المصادر أن "الضغط الأميركي والأوروبي تصاعد على الحكومة المصرية، في ملف حقوق الإنسان بشكل عام وفي قضية معتقلي تنظيم الأمل بشكل خاص، تحديداً مع تمسك واشنطن بمطلب الإفراج عن 16 اسماً من بينهم معتقلو الأمل، رابطة ذلك بالإفراج عن 130 مليون دولار، هي جزء من المعونة العسكرية التي تقدمها سنوياً أميركا إلى مصر، والتي تقدر بـ1.3 مليار دولار".

وأضافت أن هذا الأمر "جعل السلطات المصرية مضطرة إلى استيفاء الشكل القانوني للقضية وإحالتها إلى المحكمة، لا سيما بعد استنفاد مدة الحبس الاحتياطي المقررة قانوناً".


"السلطات المصرية تتمسك بعدم الإفراج عن معتقلي قضية تنظيم الأمل

وذكرت المصادر أن "الطلبات الأميركية للحكومة المصرية بشأن الإفراج عن 16 معتقلاً، بالإضافة إلى رفع القيود المفروضة على المتهمين السابقين بالقضية رقم 173، المعروفة إعلامياً بقضية التمويل الأجنبي، قوبل برفض مصري وصل إلى حد التشدد".

وأضافت أن "السلطات المصرية تتمسك بعدم الإفراج عن معتقلي قضية تنظيم الأمل تحديداً، لأنها تضمّ شخصيات يراها النظام تشكل تهديداً عليه، وسبق أن وجهت إهانات كثيرة له"، مشيرة إلى أن على رأس هؤلاء "البرلماني السابق زياد العليمي، الذي أهان وزير الدفاع السابق، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق، المشير محمد حسين طنطاوي، الذي تولى حكم البلاد بين فبراير/ شباط 2011 ويونيو/ حزيران 2012، أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة".

وذكرت أن "هذا الأمر أغضب الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يعتبر المشير طنطاوي، قائده ومعلمه، بالإضافة إلى كونه رمزاً للعسكرية المصرية لا تجوز إهانته، وبالتالي فإنه من المستبعد الإفراج قريباً عن العليمي".

تقارير عربية
التحديثات الحية

ورجّحت المصادر أنه "خلال أيام قليلة ستحيل النيابة العامة في مصر القضية رقم 930 المعروفة باسم قضية تنظيم الأمل إلى المحاكمة، التي ستصدر بدورها أحكاماً بالسجن المشدد على المتهمين".

وحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فقد بلغ عدد المتهمين في "قضية الأمل" 82 متهماً. وبالإضافة إلى المعتقلين حضورياً، تمت إضافة مجموعة من الأسماء البارزة الهاربة خارج مصر، في مقدمتهم الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين محمود حسين (المعزول من جبهة القائم بأعمال مرشد الإخوان إبراهيم منير)، والإعلاميان المحسوبان على جماعة الإخوان معتز مطر ومحمد ناصر.

وأضافت المصادر أنه "بعد التأييد المرجح للأحكام على معتقلي قضية تنظيم الأمل، لن يتمّ الإفراج عن المتهمين إلا بعفو رئاسي من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، وسيستغرق هذا الأمر أشهراً".

وقالت المصادر إن "تأييد الأحكام على المتهمين في القضية، يعطي الفرصة للحكومة المصرية من أجل مساومة أميركا، واستخدام العفو الرئاسي ورقة أخيرة في المفاوضات مع الحكومة الأميركية من أجل الحصول على مكاسب، ومن أجل الإفراج عن باقي المعونة العسكرية".

أحكام طويلة على معتقلي قضية الأمل

وأوضحت المصادر أن "بعض معتقلي تنظيم الأمل قد حكم عليهم من محكمة جنح أمن الدول العليا طوارئ، في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في قضية (نشر أخبار كاذبة عبر الإيحاء)، وبينهم زياد العليمي الذي حكم عليه بالسجن 5 سنوات، والصحافيان هشام فؤاد وحسام مؤنس اللذان حُكم عليهما بالحبس 4 سنوات، وثلاث سنوات مع الشغل لمحمد البهنسي وهشام ناصر.

وحكمت المحكمة نفسها غيابياً بالسجن 3 سنوات لفاطمة رمضان". واعتبرت المصادر، أن "قضية تنظيم الأمل لا تزال تشكل في حد ذاتها ذريعة للضغط على الحكومة المصرية من الدول الغربية وأميركا، لا سيما وأنها تضم أسماء أخرى، غير التي حكم عليها من محكمة جنح أمن الدولة العليا طوارئ، وبالتالي فإن إحالتها للمحاكمة، ستجعل الموقف القانوني للحكومة المصرية أقوى، وستسمح لها فيما بعد باستخدامها كورقة في المفاوضات مع واشنطن".

وتعود وقائع قضية "تنظيم الأمل"، إلى يونيو 2019، حين اقتحمت قوات الشرطة منازل عدد من النشطاء السياسيين والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ورجال الأعمال، بعضهم كان بصدد تشكيل تحالف انتخابي مدني، كان يفترض أن يضم أحزابا وحركات سياسية وشخصيات مستقلة، استعداداً لخوض الانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر انعقادها في نوفمبر من العام نفسه.

وهو ما رآه النظام "مصدر تهديد محتمل لوجوده" في ظل سياسة "الصوت الواحد"، ومصادرة جميع الأصوات المعارضة، وبالتالي ألصقت بهم السلطات اتهامات مختلقة تتعلق بالإرهاب.

وفي السياق، أكدت المصادر لـ"العربي الجديد" أنه خلال الفترة المقبلة "من المرجح جداً أن تشهد ساحات المحاكم موجة من الأحكام ضد نشطاء وسياسيين وصحافيين، على عكس ما تم الترويج له أخيراً بشأن انفراجة في ملف المعتقلين السياسيين".

تقارير عربية
التحديثات الحية

بدورها، كشفت مصادر صحافية عن أن "بعض الصحافيين والنقابيين تحدثوا مع شخصية نافذة في الدائرة المقرّبة من السيسي، الأسبوع الماضي، وطلبوا منه التدخل للإفراج عن الصحافيين المعتقلين، وتحديداً الصحافيين حسام مؤنس وهشام فؤاد، المتهمين في قضية تنظيم الأمل، المحكوم عليهما في قضية نشر أخبار كاذبة من محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، لكنه رفض ذلك، وقال إن القضية سوف تأخذ مسارها الطبيعي في المحاكم".

وبحسب المصادر نفسها فإنها "ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها أطراف من نقابة الصحافيين لدى المسؤولين في النظام للإفراج عن زملائهم المعتقلين، والتي تقابل بالرفض، والتأكيد على أن المعتقلين عناصر إخوانية".

من جهته، قال مصدر قانوني وحقوقي، فضل عدم نشر اسمه لـ"العربي الجديد"، إنه "على الرغم من أن الضغط الغربي الأوروبي والأميركي على مصر في ملفات حقوق الإنسان مجرد لعب سياسي من دون نزاهة أو مصداقية أو شرف، وأنهما آخر من يجوز لهما تلقين غيرهم دروساً في قضية حقوق الإنسان، لكن هذا لا يمنع من الاعتراف بأن وضع حقوق الإنسان في مصر سيئ للغاية".

واعتبر أن "السلطات تنتهك أهم أبواب الدستور، وهو باب الحقوق والحريات، الضامن الرئيسي والحامي لحقوق الإنسان، وهي انتهاكات يدفع ثمنها المظلومون من المعتقلين وعائلاتهم، كما تدفع ثمنها مصر والشعب المصري بشكل عام من سمعته أمام المجتمع الدولي".


من المرجح أن تشهد المرحلة المقبلة محاكمة أشخاص آخرين

وأكد المصدر أن "إضفاء الطابع القانوني على الانتهاكات، عبر الإجراءات الشكلية، مثل إحالة قضية تنظيم الأمل إلى المحاكمة، لتفادي الضغوط الغربية، لا ينفي عنها صفة الانتهاكات ولا يجعلها مشروعة أمام المجتمع الدولي"، مضيفاً أن "استيفاء الشكل القانوني، لا ينفي ولا يلغي أن المضمون غير قانوني وغير دستوري وغير مشروع".

أميركا تحرم مصر من 130 مليون دولار

من جانبها، أفادت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد"، قبل أيام، بأن الحكومة المصرية لم تنفذ حتى الآن مجموعة طلبات لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ولذلك قررت الأخيرة حرمان مصر من مساعدات عسكرية بقيمة 130 مليون دولار. وأضافت أن "الأمر طبيعي وكان متوقعاً".

ولفتت المصادر إلى أن "موضوع طلب الإفراج عن قائمة تضم 16 معتقلاً في مصر معروف، ونوقش في جلسة بإحدى لجان الكونغرس الأميركي".

وأوضحت أن مصر "حاولت اتخاذ خطوات إيجابية في اتجاه معالجة هذه الطلبات، التي تحدد لها سقف زمني من الجانب الأميركي، ومنها الإفراج عن الناشط المصري رامي شعث، لكنها حتى الآن لم تصل إلى النقطة التي حددتها الإدارة الأميركية".

وكشفت المصادر أن الخارجية الأميركية قامت بحجب الأسماء الـ16 المطلوب الإفراج عنهم عن الكونغرس، تحت دعاوى الأمن القومي.

وأكدت أن هذه الأسماء أساس شرط أميركي للإفراج عن المعونة، ومن بين هؤلاء رئيس حزب "مصر القوية"، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، عبد المنعم أبو الفتوح، والناشط علاء عبد الفتاح، ومعتقلو "قضية الأمل".

المساهمون