يسعى العراقيون الشركس إلى أول تمثيل برلماني لهم من خلال المشاركة في الانتخابات التشريعية المقرر أن تجري بعد نحو أسبوعين من الآن، إذ زجت الأقلية التي تتركز في شمالي العراق، بأحد زعمائها، وهو أحمد كتاو، للمشاركة في انتخابات محافظة كركوك (250 كيلومترا شمال بغداد). وتعد هذه المشاركة الأولى للشركس في الانتخابات التشريعية منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.
وقال كتاو: "نسعى من خلال هذا الترشح إلى الحصول على تمثيل سياسي للشركس، ليس الشركس فقط، وإنما للشيشان والداغستانيين أيضاً، وهم أقليات عراقية تتركز في مناطق شمالي وشرقي البلاد، مبيناً خلال تصريحات صحافية، أن "الشركس والشيشان والقفقاس اتفقوا على تسمية موحدة تجمعهم وهي القفقاس"، ولفت إلى أن الهدف من ترشيحه هو الدفاع عن حقوق الأقليات.
وعلى الرغم من وجود أكثر من 50 ألف مواطن عراقي شركسي، معظمهم موجودون في كركوك ومناطق أخرى شمالي العراق، فإن هذه الأقلية لم يسبق لها أن تمثلت في البرلمان أو الحكومة.
وسبق أن تبوأت شخصيات من الشركس مناصب مهمة في العراق بالعهدين الملكي والجمهوري، منها حكمت سليمان، الذي كان رئيساً لوزراء العراق عامي 1936 و1937، وغازي الداغستاني، الذي كان من القادة العسكريين العراقيين البارزين، وضباط بارزون شاركوا في الحروب العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين.
وبحسب مؤرخين عراقيين، فإن العراقيين من أقليات الشيشان والداغستان والشركس كانوا ضحية تهجير قسري قامت به روسيا القيصرية قبل قرن ونصف، وأبعدوا خلالها من الشمال القفقاسي إلى تركيا أيام الدولة العثمانية، ومن ثم توزعوا على دول عدة، أبرزها الأردن وسورية والعراق".
ويمنح الدستور العراقي الصادر عام 2005، تسعة مقاعد برلمانية للأقليات، خمسة منها للمسيحيين ومقعد واحد لكل من الصابئة والشبك والكرد الفيليين والأيزيديين، دون أن تتم الإشارة للأقليات الصغيرة الأخرى.
الباحث في الشؤون الانتخابية حسين العامري، قال لـ"العربي الجديد"، إن الشركس "لا يمكن أن يحصلوا على مقعد من حصة الأقليات، لأن الدستور كان واضحاً حين وزع المقاعد التسعة على أقليات معروفة"، موضحاً أن الشركس يمتلكون فرصة أخرى للوصول إلى البرلمان من خلال المشاركة في الانتخابات العامة خارج مقاعد الأقليات.
وتابع: "أما إذا أصر الشركس على نيل مقعد من حصة الأقليات، فإن ذلك يتطلب إجراء تعديل على الدستور"، مستدركاً: "إلا أن هذا الأمر يعد صعباً على المستوى المنظور".
ولا تقتصر محاولة الأقليات الصغيرة الوصول إلى البرلمان على الشركس؛ إذ يحاول الكاكائيون نيل مقعد برلماني أو أكثر، من خلال خوض غمار الانتخابات المقبلة عن طريق طرح ثلاثة مرشحين ضمن صفوف الأحزاب الكردية في محافظتي كركوك ونينوى، شمالي البلاد.
والمرشحون هم نجوى حميد، عن الحزب "الديمقراطي الكردستاني" في الدائرة الانتخابية الثانية في كركوك، وهزار رشيد، عن الحزب "الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني" في الدائرة نفسها، وأحلام رمضان، المرشحة عن "تحالف كردستان" في محافظة نينوى.
وقالت المرشحة نجوى حميد إن "أصوات الكاكائيين مشتتة ومتوزعة على الدوائر الانتخابية والمحافظات ومن ثم الأحزاب"، مضيفة: "رغم مشاركتنا الفاعلة في كل انتخابات، فإننا لم ننجح في الحصول على مقعد في البرلمان العراقي".
وعبرت عن أملها في أن "يتمكن الكاكائيون هذه المرة من إيصال نائب كاكائي إلى البرلمان العراقي".
والكاكائية هي أحد فروع الديانة اليزدانية القديمة، التي كانت معتنقة من قبل معظم الكرد قبل الإسلام. وهي من الديانات غير التبشيرية، التي لا تسمح بانتماء الآخرين إليها، وتقام أغلب طقوسها بصورة فردية لا جماعية، ويوجد أفرادها في محافظتي كركوك ونينوى ومناطق أخرى من شمالي العراق.