"الحشد الشعبي" يستعرض في ذكرى تأسيسه: السلطة لنا

08 يونيو 2021
استعراض لـ"الحشد" في البصرة العام الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

تعتزم فصائل عراقية مسلحة تنظيم استعراض مسلح مركزي هو الأول من نوعه، بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيس "هيئة الحشد الشعبي"، المظلة الجامعة لأكثر من 70 فصيلاً مسلحاً في العراق. ويعتبر سياسيون ومراقبون أن هدف الاستعراض هو توجيه رسائل سياسية للداخل والخارج، فضلاً عن الدلالات التي يفرضها في الواقع الأمني العراقي، وذلك بالتزامن مع استمرار التوتر بين حكومة مصطفى الكاظمي والفصائل المسلحة الحليفة لإيران، التي تُشكل غالبية داخل "الحشد الشعبي"، إثر اعتقال القيادي في الحشد قاسم مصلح، أخيراً.


ينوي "الحشد" مبدئياً تنظيم استعراضه في 14 يونيو الحالي

وتم اعتبار اليوم الذي أصدر فيه المرجع الديني علي السيستاني فتوى "الجهاد الكفائي"، في 13 يونيو/ حزيران 2014، إثر اجتياح تنظيم "داعش" مساحات واسعة من مدن الشمال العراقي وغربه، ذكرى تأسيس "الحشد الشعبي". وعقب ذلك صوّت البرلمان في عام 2016 على مشروع قرار، قدمته قوى سياسية عدة، عرف باسم "قانون الحشد الشعبي" واعتبرت فيه "هيئة الحشد" منظومة أمنية رسمية، وتم إقرار رواتب شهرية لعناصرها موازية لرواتب الجنود في الجيش العراقي، مع تخصيص موازنة تسليح وتطوير سنوية. لكن ذلك لم يغلق باب الجدل والمطالبات بحل فصائل "الحشد" أو دمجها في صفوف الجيش والشرطة، بسبب استمرار تحديها للدولة والخروج عن قراراتها.

وحول التطورات الأخيرة، يكشف مسؤول عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن هيئة "الحشد الشعبي" تحضّر لاستعراض كبير تشارك فيه مختلف الفصائل المسلحة المنضوية تحت هذا العنوان. ويلفت إلى أنه جرى إبلاغ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالقرار، وسيُقام الاستعراض على غرار استعراض الجيش والشرطة العراقية في الذكرى السنوية لتأسيسهما. وسيكون الاستعراض مركزياً، فضلاً عن تنظيم الفصائل المسلحة احتفالات بمناطق انتشارها. ويشير المسؤول نفسه إلى أن "الكاظمي وافق على إقامة الاستعراض، وطالب بأن يكون بالتنسيق مع قيادة العمليات المشتركة، لكن حتى الآن من غير المعروف ما إذا كان الكاظمي سيحضره أم لا".

ويلفت المسؤول إلى أن الكاظمي طلب أن يكون الاستعراض خارج العاصمة بغداد، وهناك معلومات عن أنه سيكون في "معسكر أشرف" في محافظة ديالى، وهو المقر السابق لمنظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، التي جرى إبعادها من العراق نهائياً، إبان حكومة نوري المالكي، بعد تعرّض أعضائها لسلسلة اعتداءات دامية، من بينها هجمات صاروخية، فضلاً عن اقتحامات مسلحة. ويوضح أن "التاريخ المقترح لتنظيم الاستعراض حتى الآن، هو يوم 14 من الشهر الحالي، إلا أن الزمان والمكان ما زالا غير مؤكدين بشكل نهائي، وقد يتغير التاريخ بسبب إصرار بعض الفصائل على تنظيم استعراض ضخم، يتضمن أسلحة مختلفة، في مسعى منها لتوجيه عدة رسائل لجهات داخلية وخارجية، على أن تنّظمه وسط بغداد، في ساحة الاحتفالات الكبرى". وعن "حشد العتبات"، وهي التسمية التي تطلق على الفصائل المرتبطة بالمرجعية الدينية في النجف وليس بإيران، يكشف أنها لم تحسم بعد مشاركتها في الاستعراض، بسبب الخلافات بينها وبين رئاسة "الحشد الشعبي".

في السياق ذاته، يعتبر النائب عن تحالف "القوى العراقية" رعد الدهلكي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "استعراض الحشد الشعبي المرتقب لا يخلو من الرسائل السياسية والأمنية للقوى الداخلية أو الخارجية، خصوصاً أنه يأتي بعد التوتر الأمني الأخير الذي حصل في بغداد، على خلفية اعتقال أحد قادة الحشد". ويشير إلى أن "قادة الحشد الشعبي يريدون من هذا الاستعراض المسلح إيصال رسائل عدة، منها أنهم جزء من الدولة العراقية وليس سلاحاً متفلتاً، وكذلك يُراد من هذا الاستعراض إظهار قوة الحشد العسكرية والسياسية. ما قد يدفع أطرافاً أخرى إلى تنظيم استعراض أو تظاهرات لغرض بيان قوتها وتأثيرها على الشارع العراقي".


معطيات عن موافقة الكاظمي على استعراض "الحشد" شرط التنسيق مع السلطات

من جهته، يشدّد عضو تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، النائب فاضل الفتلاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، على حق "الحشد الشعبي في الاحتفال بذكرى تأسيسه كباقي الأجهزة الأمنية، وهذا الاستعراض سيجري ويتم بموافقة رئيس الحكومة". أما عن الحديث حول توجيه رسائل سياسية وأمنية في هذا الاستعراض، فيصفه بـ"البعيد عن الواقع". ووفقاً له، فإن "الاستعراض هو لإظهار قوة الدولة، وفيه رسائل فقط للجماعات الإرهابية والقوى الخارجية، التي لا تريد خيراً للعراق والعراقيين"، متحدثاً عن "مشاركة وحدات أمنية من الجيش والشرطة في هذه الاستعراض".

في المقابل، يكشف الخبير إحسان الشمري، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الاستعراض المسلّح المركزي للحشد في ذكرى تأسيسه، يأتي كمحاولة لإثبات قوة الحشد، خصوصاً بسبب ارتباطه بالأزمة الأخيرة في المنطقة الخضراء والتوتر الأمني مع الحكومة العراقية، الذي حصل على أثر اعتقال أحد قادة الحشد. ولهذا السبب تحتاج الفصائل إلى إظهار قوتها، خصوصاً أن عملية الانتشار في المنطقة الخضراء، سحبت الكثير من مستوى التأييد لها". ويرى أن "الاستعراض المسلح المركزي للحشد الشعبي بمثابة رسالة لجهات داخلية وخارجية تدفع باتجاه حل الحشد، ولهذا جاء الاستعراض كجزء من عملية الرد بأن الحشد بات أكثر تنظيماً من السابق". ويضيف الشمري أن "الاستعراض، الذي يعد الأول من نوعه، يأتي في إطار الكسب السياسي للأجنحة السياسية لفصائل الحشد الشعبي، خصوصاً وهي تتحضر لخوض انتخابات برلمانية مبكرة، ولهذا فإنه يشكل أيضاً جزءاً من عملية الدعاية الانتخابية". ويقول إن "الاستعراض المسلح المركزي للحشد الشعبي، يأتي أيضاً كرسالة بأن هناك قوة لا يمكن تجاهلها على مستوى الواقع السياسي والأمني العراقي، وأن كل التسويات والمعادلات السياسية المقبلة سوف تمرّ من خلال بوابة فصائل الحشد الشعبي والأجنحة المسلحة التابعة لها".