"التيار الصدري" متهم من خصومه بتوسيع نفوذه داخل الدولة العراقية

01 مايو 2022
خلال تجمع لأنصار "التيار الصدري" في بغداد (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

يواجه "التيار الصدري"، بزعامة مقتدى الصدر، اتهامات متصاعدة من قبل خصومه السياسيين في بغداد، تتركز حول ما يصفونه بسيطرة الصدريين على مفاصل مهمة في المؤسسات والوزارات الحكومية بمساعدة رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي.
وكان الكاظمي قد أقصى خلال العامين الماضيين مسؤولين بدرجات وكلاء وزراء ومديرين عامين ورؤساء هيئات ومؤسسات مهمة، فضلاً عن قيادات أمنية كان قسم منها محسوباً على أحزاب وقوى سياسية مختلفة، أبرزها حزب "الدعوة الإسلامية" بزعامة نوري المالكي، ومنظمة "بدر" بزعامة هادي العامري، و"المجلس الإسلامي الأعلى" برئاسة همام حمودي.

اتهامات للكاظمي بتمكين "التيار الصدري" في الدولة

ويعتبر خصوم "التيار الصدري" من القوى الأخرى ضمن "الإطار التنسيقي" الذي يضم قوى مدعومة من طهران أن ما يحدث من إحلال واستبدال في مفاصل الدولة يجرى لصالح "التيار" أو أشخاص مقربين منه، وضمن مشروع مسبق.

ويرى هؤلاء أن الاستحواذ على مناصب مهمة، مثل الأمين العام لمجلس الوزراء، ووكيل وزارة الداخلية، ووكيل وزارة الصناعة، ووكيل وزارة الصحة، ومحافظ البنك المركزي، وتولي قيادات عسكرية وأمنية مقربة من "التيار الصدري" مناصبها خلال الفترة الماضية من حكومة الكاظمي، لم يكن مصادفة.

قوى "الإطار التنسيقي" تعتزم طرح ملف "تمكين حكومة الكاظمي للتيار الصدري في مؤسسات الدولة" ضمن مفاوضات تشكيل الحكومة

وفي السياق، يكشف سياسي عراقي بارز في بغداد لـ"العربي الجديد" عن عزم قوى "الإطار التنسيقي" طرح ملف ما وصفه بـ"تمكين حكومة الكاظمي للتيار الصدري في مؤسسات الدولة على حساب القوى السياسية الأخرى، ضمن مفاوضات تشكيل الحكومة".

ويلفت السياسي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن "كتلاً داخل الإطار التنسيقي تقول إن أحد أبرز الأسباب لرفضها تولي التيار الصدري تشكيل الحكومة بمفرده هو سعيه إلى إزاحة قواعد الأحزاب والكتل الفاعلة من مؤسسات ووزارات الدولة، وهذا يشمل إدارات الحكومات المحلية في بعض المحافظات الجنوبية".

ويوضح أن "اتهامات تواجه الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي بأنه يضطلع بجزء كبير من هذا المشروع، وأن ذلك يساعد موقف الكاظمي القريب من الصدر". ويشير المتحدث نفسه إلى "إصرار بعض أطراف الإطار التنسيقي على تضمين هذا الملف في المفاوضات مع التيار الصدري، تحت عنوان التوازن داخل المؤسسات الحكومية".

تقارير عربية
التحديثات الحية

اتهام "التيار الصدري" بتأسيس دولة عميقة

من جهته، يتهم القيادي في تحالف "الفتح"، حامد الموسوي، في حديث مع "العربي الجديد"، "التيار الصدري"، بأنه "عمل منذ وصول حكومة الكاظمي على تأسيس دولة عميقة له من خلال الاستحواذ على المناصب المهمة في الدولة العراقية".

ويقول الموسوي إن "التيار الصدري لديه مشروع لبناء الدولة العميقة الخاصة به، وبدعم من قبل الكاظمي، فهو الذي يُسهل ويقدّم ما يريده التيار، وكان ذلك على أمل دعمه للحصول على ولاية حكومية ثانية خلال الفترة المقبلة".

ويعتبر المتحدث نفسه أن "بقاء الكاظمي لفترة أخرى سيتم استغلاله للتوسع في الاستحواذ على مؤسسات الدولة من قبل طرف واحد، وتهميش أطراف أخرى لها ثقلها السياسي والشعبي، وهذا الأمر لا يمكن السكوت عنه".

عارف الحمامي: سنعمل في الحكومة الجديدة على إعادة النظر في التغييرات كافة التي جرت في فترة حكومة الكاظمي

من جانبه، يتحدث عارف الحمامي، عضو ائتلاف "دولة القانون"، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، لـ"العربي الجديد"، عن أن "أطرافاً سياسية استغلت ضعف حكومة الكاظمي، واستحوذت على مناصب مهمة في الدولة خلال الفترة الماضية".

ويوضح الحمامي أنه "خلال الفترة الماضية، تم إعفاء الكثير من الشخصيات من مناصبها، بهدف اختيار بدلاء عنها مدعومين من جهات سياسية محددة".

ويؤكد الحمامي أنه "سنعمل في الحكومة الجديدة على إعادة النظر في التغييرات كافة التي جرت في فترة حكومة الكاظمي؛ من إعفاء شخصيات من مناصبها وإعطاء هذه المناصب لطرف سياسي معيّن، وتهميش الأطراف السياسية الأخرى".

ويضيف "ستكون هناك إعادة تعيين في بعض المناصب، وذلك وفق معايير محددة من دون اقصاء أي طرف سياسي".

ولاية ثانية لحكومة مصطفى الكاظمي؟

بدوره، يتهم رحيم العبودي، عضو "تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، في حديث مع "العربي الجديد"، التيار الصدري بأنه "أغلق جميع الأبواب الهادفة للوصول إلى حلول للأزمة السياسية الراهنة". ويرى أن ذلك "يدل على أن هناك استراتيجية يعمل بها التيار الصدري وقد تكون هي الإبقاء على حكومة مصطفى الكاظمي".

ويبيّن العبودي أن الكاظمي "أعطى الكثير للتيار الصدري من مناصب مهمة في الدولة، وحتى أعطاهم مناصب محافظين اثنين في الجنوب، وأقصى أطراف سياسية أخرى. وهذا كله الهدف منه الحصول على ولاية ثانية بدعم من التيار الصدري. ولهذا، توسّع نفوذ الأخير في الدولة على حساب قوى أخرى خلال حكومة الكاظمي".

"التيار الصدري" ينفي توسيع نفوذه داخل الدولة العراقية

ورداً على تلك الاتهامات، يقول عضو "التيار الصدري" عصام حسين، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "فكرة الدولة العميقة ليست من مبادئ التيار الصدري"، مؤكداً أن "تلك الاتهامات لا صحة لها".

ويلفت حسين إلى أن "الهيئة السياسية للتيار الصدري أجرت في الفترة الماضية إحصائية متعلقة بالوظائف التي يشغلها أشخاص ينتمون للتيار أو محسوبون عليه، وتبين أن نسبة هؤلاء لا تشكل أكثر من 3 في المائة في مختلف الدرجات والمناصب العامة في الدولة، والتي تستحوذ الكتل السياسية عليها، وخصوصاً قوى الإطار التنسيقي".

عصام حسين: يريدون حكومة توافقية حتى يحافظوا على الدولة العميقة التابعة لهم

ويقول حسين إن "تأسيس الدولة العميقة هو من تخصص قوى الإطار التنسيقي، ولهذا هم الآن يريدون حكومة توافقية، حتى يحافظوا على الدولة العميقة التابعة لهم".

ويتابع "هناك أحزاب وجهات ترشّح شخصيات معينة لبعض المناصب مقابل مبالغ مالية ضخمة، وتعهد بأن يعمل هذا المرشح لصالح الحزب الذي أتى به، ولهذا نجد هذا الكم من الفساد المروع والكبير منذ عام 2003 ولغاية الآن. وبعض القوى تريد استمرار هذا الفساد والاستحواذ من خلال حكومة توافقية على مناصب تخدم المصالح السياسية والشخصية".

وتعليقاً على هذه القضية، يقول الخبير في الشأن السياسي العراقي، أحمد الحمداني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "فكرة الدولة العميقة تتلخص بشكلها البدائي في العراق، إذ إن كل حزب أو كتلة سياسية تريد الحصول على منفذ لها في الدولة، تقوم بتوظيف أنصارها ليمرروا لها شؤونها ومصالحها، فضلاً عن أنه يكون لها مورد مالي مهم من خلال ذلك".

ويضيف الحمداني أن "حزب الدعوة الإسلامية تولى أربع حكومات في العراق، وهي حكومة إبراهيم الجعفري وحكومتا نوري المالكي وحكومة حيدر العبادي، بمجموع يصل إلى 13 عاماً ونصف العام (حكومة الجعفري نحو عام ونصف العام)، وهذا ما يجعل من المفاصل المهمة في الدولة إما بيد شخصيات من حزب الدعوة أو مقربة منه، خاصة إذا ما علمنا أن حكومة عادل عبد المهدي، على قُصر عملها، لم تزح أياً من هؤلاء".

ويعتبر الحمداني أن "ملف المناصب الخاصة قد يكون معركة مؤجلة ستحسمه طبيعة الحكومة المقبلة ومن الذي سيتولى تشكيلها".

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون