07 نوفمبر 2024
موجز عن غانتس
صارت وراءنا "خرّافية" ضرورة إسناد رئيس الأركان السابق لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بيني غانتس، ليتولّى، بأي صيغةٍ، رئاسة الحكومة في الدولة العبرية، بغرضٍ وحيد، هو إبعاد نتنياهو عن المنصب، فلا يعود إليه للمرّة الخامسة (منذ 1996). صحيحٌ أنه كان لهذا المنطق قليلٌ من الوجاهة في مطرحٍ ما، وإنْ تنعدم أي وجاهةٍ عن الحماس الزائد له، كالذي لوحظ لدى فلسطينيين وعربٍ كثيرين (ومنهم معلقون في الصحافة الأردنية) لتولية غانتس المنصب الأرفع في دولة الاحتلال. وصحيحٌ أن من أصحابنا هؤلاء من وجدوه حلالا، في المنطق السياسي الصرف، أن يفاضل واحدُنا بين صهيونيٍّ وآخر، أقلّه للتخلص من نتنياهو في الحالة هذه، وإنْ تعالمَ بعض هؤلاء، لمّا سخروا من الداعين إلى نبذ مقولة خطورة انتصار الفلسطيني لصهيونيّ على آخر مثله في لعبة مكايداتٍ انتخابيةٍ بينهما. صحيحٌ أن من تكلموا هكذا ظلوا يذكّرونا بمعرفتهم بجرائم الحرب التي قارفها غانتس في غزة وغيرها، وبأنه سيعمل على تنفيذ خطة صفقة القرن المرذولة، لو صار رئيس الحكومة، .. صحيحٌ هذا كله (وغيره)، ويحسن أن تُطوى المجادلات والملامات في خصوصه، غير أن أمرا وحيدا ربما ثمّة حاجة لاستدعائه من بين كل ذلك الكلام، موجزه أن أحدا من طرفي ذينك الاجتهاديْن لم يطرأ على باله أن نعوتا أخرى للجنرال الإسرائيلي المتحدّث عنه كان يجب أن تُقال وتنكتب، أنه انتهازي رخيصٌ إلى درجةٍ مريعةٍ من نقصان الأخلاق، وغبيٌّ من صنفٍ نادر، وساذجٌ في السياسة إلى مدىً يعصى على التصور.
بضعةٌ من رؤوس جيش الاحتلال السابقين، ممن تتزيّن صدورُهم بتوشيحاتٍ تم تكريمهم بها على ما ارتكبوها من جرائم استضعفوا فيها العزّل الفلسطينيين واللبنانيين في اعتداءاتٍ بلا عدد، تلملموا في تكتلٍ سمّوه "أزرق أبيض"، واختاروا المظلي في شبابه الأول في الجيش، بيني غانتس (60 عاما)، رئيسا له، والذي تولى قيادة منطقة الضفة الغربية ومنطقة الشمال وقيادة القوات البرّية، وصار رئيس الأركان لاحقا. خاض هذا التكتل الانتخابات الثلاث التي توالت في عام، آخرها الشهر الماضي (مارس/ آذار)، وأمكن له أن ينازع على رئاسة الحكومة، وأن يكون مُنافسا في أثناء طبخ أي ائتلافٍ يشكّلها، وكان شعار عدم الدخول في حكومة يرأسها نتنياهو جامعا لتشكيلات هذا التكتل وأنصاره والمصوّتين له. ومن فرط ما كان غانتس يردّد هذا الشعار، ويتوعد نتنياهو بإنهائه سياسيا، صار الظن أنه، بخبرة العسكري الذي يحسب الواردة والشاردة في الخطط الحربية، في وسعه أن يحقق هذا المنال المشتهى. وقد كانوا، في"أزرق أبيض"، يرمون نتنياهو بأنه "أردوغان" الإسرائيلي، في دعائيةٍ شعبويةٍ ساقطة.
وبعد تجاذباتٍ ومراوغاتٍ متعجّلة، باع بيني غانتس أكثر من نصف حلفائه في تكتله الانتخابي، وخان المصوّتين له، واكتفى بـ 15 مقعدا نيابيا بدل 33 مقعدا كانت برئاسته، ولم يرتض فقط أن يكون في حكومةٍ برئاسة نتنياهو، بل أن يكون حاميا لعرش الأخير، بحسب نعت معلقٍ في صحيفةٍ عبرية، وذيلا له، وملتحقا به مثل لصٍّ يتلفع بلصّ مثله. ولم يجد ما يحفظ شيئا من ماء وجهه، وهو ينتحر سياسيا، عندما طرب لتكليف رئيس الدولة له بتشكيل الحكومة برئاسة خصمه السابق، نتنياهو الذي فاق الثعالب في طبخ الكمائن التي أحرق فيها غانتس، وهو يأخذ منه موافقاته على كل طلبٍ، وذلك مقابل اتفاق على أن يصير هذا بعد 18 شهرا رئيس حكومة النصّابين (30 وزيرا!) المتفق عليها أخيرا، كما نعتها صحافي إسرائيلي، وسمّوها "حكومة طوارئ" (وهذه خدعة كبرى). ولا يقرأ الرملَ أيٌّ منا لو قال إن في جِراب نتنياهو حرابا كثيرة، في وسعه أن يرمي بها غانتس، في هذه الشهور المقبلة، ليصير في مكانه المستحق، سياسيا تافها بلا أي احترام.
أضيفت قبل أيام تهمة فساد جديدة لنتنياهو (هل صارت التهم ضده أربعا أم خمسا؟)، غير أنه، بعونٍ معلنٍ من غانتس، أمكن له أن يحوز حق الاعتراض على تعيينات قضاة المحكمة العليا، وما زال يُحرز الحصانة التي تحول دون المشهد الذي ترقّبه أصحابنا أولئك، موقوفا في قفص محكمةٍ، لمّا استعجلوا الرهان الخائب على غانتس، قبل أن يباغتهم بإنجازه المذهل، أنه صانع أحطّ الانعطافات الانتهازية في دولة إسرائيل منذ قامت قبل نيفٍ وسبعين عاما.
وبعد تجاذباتٍ ومراوغاتٍ متعجّلة، باع بيني غانتس أكثر من نصف حلفائه في تكتله الانتخابي، وخان المصوّتين له، واكتفى بـ 15 مقعدا نيابيا بدل 33 مقعدا كانت برئاسته، ولم يرتض فقط أن يكون في حكومةٍ برئاسة نتنياهو، بل أن يكون حاميا لعرش الأخير، بحسب نعت معلقٍ في صحيفةٍ عبرية، وذيلا له، وملتحقا به مثل لصٍّ يتلفع بلصّ مثله. ولم يجد ما يحفظ شيئا من ماء وجهه، وهو ينتحر سياسيا، عندما طرب لتكليف رئيس الدولة له بتشكيل الحكومة برئاسة خصمه السابق، نتنياهو الذي فاق الثعالب في طبخ الكمائن التي أحرق فيها غانتس، وهو يأخذ منه موافقاته على كل طلبٍ، وذلك مقابل اتفاق على أن يصير هذا بعد 18 شهرا رئيس حكومة النصّابين (30 وزيرا!) المتفق عليها أخيرا، كما نعتها صحافي إسرائيلي، وسمّوها "حكومة طوارئ" (وهذه خدعة كبرى). ولا يقرأ الرملَ أيٌّ منا لو قال إن في جِراب نتنياهو حرابا كثيرة، في وسعه أن يرمي بها غانتس، في هذه الشهور المقبلة، ليصير في مكانه المستحق، سياسيا تافها بلا أي احترام.
أضيفت قبل أيام تهمة فساد جديدة لنتنياهو (هل صارت التهم ضده أربعا أم خمسا؟)، غير أنه، بعونٍ معلنٍ من غانتس، أمكن له أن يحوز حق الاعتراض على تعيينات قضاة المحكمة العليا، وما زال يُحرز الحصانة التي تحول دون المشهد الذي ترقّبه أصحابنا أولئك، موقوفا في قفص محكمةٍ، لمّا استعجلوا الرهان الخائب على غانتس، قبل أن يباغتهم بإنجازه المذهل، أنه صانع أحطّ الانعطافات الانتهازية في دولة إسرائيل منذ قامت قبل نيفٍ وسبعين عاما.