03 مارس 2022
بريطانيا على بوابة العام الجديد
وأخيراً استتبّ حكم بريطانيا للمحافظين، بأغلبيةٍ افتقدوها منذ حكم مارغريت تاتشر في ثمانينيات القرن الماضي. تمكّن المشاكس بوريس جونسون من الفوز في الانتخابات العامة، مع أغلبيةٍ صلبةٍ تمكّنه من أخذ بريطانيا إلى حيثما يشاء. طريقٌ طويلةٌ قطعها المحافظون للوصول إلى هنا منذ العام 2010، عندما بدأ مسلسل تلاعبهم بمصير المملكة المتحدّة للبقاء في الحكم على حساب أي أعتبارات قومية، أو مصالح وطنية. عندما فاز ديفيد كاميرون في الانتخابات العامة آنذاك، من دون الحصول على أغلبية برلمانية تمكّنه من الحكم، لجأ إلى تشكيل حكومةٍ مع الحزب الديمقراطي الليبرالي، ولتمكين حزبه من الانفراد في الحكم لاحقاً، تعهد كاميرون في أوائل عام 2013 بطرح عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي في استفتاء شعبي. ومنذ ذلك الحين، تصدّر "الاستفتاء" بشأن مستقبل علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي برامج الأحزاب البريطانية، وصولاً إلى الانتخابات العامة التي جرت في 7 مايو/ أيار 2015، عندما رفع كاميرون خلالها سقف التوقعات، مُتعهداً بتنظيم استفتاء "بريكست" قبل نهاية العام 2017، إذا فاز حزبه في الانتخابات.
وبالفعل، بعد أيام قليلة من فوز حزب المحافظين في انتخابات العام 2015، قدّمت الحكومة الجديدة برئاسة كاميرون مشروع قانون إلى مجلس العموم (البرلمان)، يتضمن آليات الاستفتاء حول بقاء البلاد عضواً في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه. وبعد إقراره في البرلمان، أعلن رئيس الوزراء يوم 23 يونيو/ حزيران 2016 موعداً لتنظيم الاستفتاء. ليكون بذلك الاستفتاء الثاني بعد 41 سنة منذ الاستفتاء الأول على انضمام بريطانيا إلى المجموعة الأوروبية بعد استفتاء 1975. وبعد خسارة الاستفتاء، وتصويت 52% من البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، قدّم ديفيد كاميرون استقالته، ولكن حكم المحافظين تواصل بقيادة تيريزا ماي التي تعهدت بالمضي في طريق تحقيق الإرادة الشعبية، وإتمام عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي.
عنونت تيريزا ماي ملف "البريكست" بثلاث "لاءات صارمة"، كان منها أن "لا انتخابات مُبكرة" قبل الاستحقاق الانتخابي العادي في العام 2020. ولكن ماي، بعد عشرة أشهر من توليها رئاسة الحكومة في يوليو / تموز 2016، دعت إلى تنظيم انتخابات عامة مبكّرة، رغبة منها في الحصول على تفويض شعبي واضح، وتعزيز الأغلبية البرلمانية التي تتمتع بها قبيل مفاوضات "بريكست" مع الاتحاد الأوروبي. جرت رياح تلك الانتخابات على عكس ما تشتهي سفن ماي، وكما خسر كاميرون رهان الاستفتاء، خسرت ماي رهان الانتخابات المبكّرة، وبدلاً من تعزيز موقعها الشخصي القيادي، وتعزيز أغلبية حزبها في البرلمان، عادت مكسورة الظهر، مع حكومة أقليةٍ هشّة. وبعد ثلاث سنوات من الحكم الضعيف، اضطرت ماي إلى الاستقالة من منصبها زعيمة لحزب المحافظين في السابع من يونيو/ حزيران الماضي. وفتحت هذه الاستقالة الطريق أمام بوريس جونسون، الطامع بزعامة الحزب ورئاسة الحكومة. جاء إلى الحكم مدفوعاً برغبة جامحة في تحقيق انتصار سياسي عنوانه "الخروج من الاتحاد الأوروبي بأي ثمن". وعندما حالت المعارضة، بمن فيها معارضون من داخل نواب حزب المحافظين، دون تحقيق أهدافه، لم يتردّد جونسون في أخذ البلاد إلى انتخابات مبكّرة أخرى، فكان حظه في انتخابات ديسمبر/ كانون الأول الجاري أفضل من حظوظ سلفيه، كاميرون وماي، إذ فاز بأغلبيةٍ ساحقة، مكّنته بعد أيام قليلة من نيْل تأييد مجلس العموم خطته الخاصة بخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 يناير/ كانون الثاني 2020.
يأتي العام 2020 بينما بريطانيا على مفترق طرق. في حين يرى جونسون في العام الجديد نهاية قصة "بريكست" المؤسفة، وبداية مستقبل جديد للبلاد بعد الطلاق من الاتحاد الأوروبي، لا يرى زعيم حزب العمال (المعارض)، جيرمي كوربين، في قادم الأيام سوى مزيد من "شل النظام السياسي"، وربما بداية نهاية المملكة المتحدة، كما يرى آخرون أكثر تشاؤماً.
عنونت تيريزا ماي ملف "البريكست" بثلاث "لاءات صارمة"، كان منها أن "لا انتخابات مُبكرة" قبل الاستحقاق الانتخابي العادي في العام 2020. ولكن ماي، بعد عشرة أشهر من توليها رئاسة الحكومة في يوليو / تموز 2016، دعت إلى تنظيم انتخابات عامة مبكّرة، رغبة منها في الحصول على تفويض شعبي واضح، وتعزيز الأغلبية البرلمانية التي تتمتع بها قبيل مفاوضات "بريكست" مع الاتحاد الأوروبي. جرت رياح تلك الانتخابات على عكس ما تشتهي سفن ماي، وكما خسر كاميرون رهان الاستفتاء، خسرت ماي رهان الانتخابات المبكّرة، وبدلاً من تعزيز موقعها الشخصي القيادي، وتعزيز أغلبية حزبها في البرلمان، عادت مكسورة الظهر، مع حكومة أقليةٍ هشّة. وبعد ثلاث سنوات من الحكم الضعيف، اضطرت ماي إلى الاستقالة من منصبها زعيمة لحزب المحافظين في السابع من يونيو/ حزيران الماضي. وفتحت هذه الاستقالة الطريق أمام بوريس جونسون، الطامع بزعامة الحزب ورئاسة الحكومة. جاء إلى الحكم مدفوعاً برغبة جامحة في تحقيق انتصار سياسي عنوانه "الخروج من الاتحاد الأوروبي بأي ثمن". وعندما حالت المعارضة، بمن فيها معارضون من داخل نواب حزب المحافظين، دون تحقيق أهدافه، لم يتردّد جونسون في أخذ البلاد إلى انتخابات مبكّرة أخرى، فكان حظه في انتخابات ديسمبر/ كانون الأول الجاري أفضل من حظوظ سلفيه، كاميرون وماي، إذ فاز بأغلبيةٍ ساحقة، مكّنته بعد أيام قليلة من نيْل تأييد مجلس العموم خطته الخاصة بخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 يناير/ كانون الثاني 2020.
يأتي العام 2020 بينما بريطانيا على مفترق طرق. في حين يرى جونسون في العام الجديد نهاية قصة "بريكست" المؤسفة، وبداية مستقبل جديد للبلاد بعد الطلاق من الاتحاد الأوروبي، لا يرى زعيم حزب العمال (المعارض)، جيرمي كوربين، في قادم الأيام سوى مزيد من "شل النظام السياسي"، وربما بداية نهاية المملكة المتحدة، كما يرى آخرون أكثر تشاؤماً.