الجيش والسلطة في اليمن

13 فبراير 2018
+ الخط -
علاقة اتسمت بتبعية الجيش للسلطة التي كانت بيد القبيلة والأسرة، وبالذات في عهد علي عبدالله صالح. صحيح أنّ كل جيش يتبع سلطته السياسية، ولكن في اليمن خضع هذا الجيش لتغييراتٍ تجعل منه جيشا "تابعا" للحاكم وذا ولاءات متعدّدة، أي جيش ليس لديه عقيدة عسكرية ذات بعد وطني. حدث هذا في عهد الرئيس صالح الذي استمر حكمه فترة تزيد عن ثلاثة وثلاثين عاما.
عندما تكوّن هذا الجيش عقب ثورة 26 سبتمبر، كانت قياداته وطنية، ومن مختلف مناطق اليمن، وكان من أهم أهداف الملكيين الذين كانت تدعمهم السعودية آنذاك تفتيت هذا الجيش أو السيطرة عليه، وتمّ لها تحقيق جزء من ذلك في عهد الرئيس الراحل عبد الرحمن الأرياني، الذي اتصف عهده بالضعف وسيطرة مشائخ القبائل على قيادة الجيش، إلى أن قامت حركة 13 يونيو، بقيادة المقدم إبراهيم الحمدي الذي أعاد الجيش الى وضعه الطبيعي، وأقصى المشائخ عن قيادته، وتوّلت هذه المسؤولية قيادات عسكرية متعلمة ومؤهلة.
وقد تم التآمر على هذا الجيش مرة أخرى بواسطة بعض عملاء آل سعود داخل اليمن وفي شماله، منهم علي صالح الذي أصبح فيما بعد رئيساً للجمهورية. ومع اغتيال الرئيس الحمدي، بدأت مؤامرة كبرى ضد الجيش اليمني، أدواتها في الداخل مشائخ القبائل، وبعض قيادات في الجيش، منهم علي عبدالله صالح وحسين الغشمي، ومن المشائخ عبدالله الأحمر وعبد المجيد الزنداني، وهناك من كان له دورا مباشرا، وهناك من كان دوره من تحت الستار، ثم بدأت مرحلة تصفية بقية كوادر الجيش وكوادره، وهي بدأت (التصفية) في عهد الغشمي بعد مقتل الحمدي مباشرة، وتم تحويل قيادة هذا الجيش إلى أسرة آل الأحمر المدعومة سعوديا، وأقصد بالذات أسرة علي صالح وعلي محسن وآخرين، وعادت الأسرة والقبيلة لتحكم اليمن بفساد وعبث كبير لم يتحملهما الشعب، وتم توظيف هذا الجيش في حرب صيف 94 التي شنّها علي صالح وعبدالله الأحمر وحزب الإصلاح على الجنوب ومشروعه النهضوي لبناء الدولة اليمنية.
بعد قيام ثورة الشباب الشعبية في 11 فبراير/ شباط 2011، تمت هيكلة هذا الجيش، وهو ما أدى إلى أن يتحالف علي صالح وقواته مع الحوثيين، لينقلبوا على السلطة الشرعية، وهنا وقع علي صالح في شر أعماله، حيث عمل الحوثيون على السيطرة على ما بقي من هذا الجيش سيطرة طائفية وقيادية، محاضرات تثقيفية وتوجيهية، كي تصبح هذه القوة موالية عقائديا لسيد الجماعة، عبد الملك الحوثي.
متأخرًا، حاول صالح القضاء على هذه الجماعة داخل العاصمة صنعاء، وقد فشل في ذلك، نظراً إلى القوة التي اكتسبوها خلال فترة الإنقلاب، وكانت نهاية صالح مأساوية في آخر المطاف.
الأمل اليوم هو في الجيش الوطني الصاعد، وتنوع القيادة فيه ومشاركة الجميع من مختلف المناطق، على الرغم من بعض الاختلالات الموجودة في بعض مناطق الجنوب وتعز. ويتمثل الخطر القادم في تلك المحاولات التي يقوم بها طرف في التحالف العربي بإعادة تجميع قوات الحرس التابعة لعلي صالح خارج نطاق المؤسسة العسكرية التي تأتمر بقيادة واحدة للجيش، يمثلها رئيس الجمهورية. وهنا تجب الإشارة الى أنّ أي اقتتال داخلي في صفوف الشرعية سيكون مسؤولاً عنه التحالف العربي، باعتباره الممول لتشكيلات أمنية وعسكرية غير مرتبطة إدارياً بالقيادة الشرعية للجيش الوطني.
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)