28 اغسطس 2019
تعـز... "الإصلاح" وقوانين الدولة
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)
تعيش تعز آلامها وتعاني من جراحات الحرب بصمت، ولكن هذا الصمت لن يستمر على المدى الطويل، هآ أنذا أعود إليها مجدداً بعد فترة بيات في ريفها الجميل. تعز اليوم تختلف نوعاً ما عن تعز التي عاشت أياماً وشهورا وسنين تواجه صلف وجبروت مليشيات الانقلاب التي تحاول أن تخضعها، في تعز المدينة أصبح المتحكم في مساراتها الأمنية والعسكرية وتقريباً الإدارية حزب الإصلاح. ولا أبالغ حين أقول ذلك، فكل الشواهد داخل المدينة ومجريات الأحداث تؤكد ذلك، خصوصا بعد إخراج كتائب أبو العباس السلفية من داخل المدينة. في تعز الآن، تشكلت لـ"الإصلاح" قوة أمنية وعسكرية ووجود إداري كبير في الأجهزة الحكومية، وطبعاً هذا الوجود لهذه القوة مغلف باسم الدولة، وهو تغلغل في مفاصل الدولة، هذه الدولة التي كانوا شركاء فيها منذ عقود، بحكم المصالح التي كانت تربط بين شركاء الحكم قبل الوحدة، وأعني شمال اليمن، علي صالح وآل الأحمر. الناس هنا لا تعيب على حزب الإصلاح هذا التغلغل، وإنما تعيب عليه محاولة كسر قوانين الدولة لصالح توسيع رقعة الحزب فيها، فمن الناحية الأمنية لا تزال عمليات القتل خارج القانون مستمرة (الاغتيالات) ولم تتوقف وإن خفت بعض الشيء، بعد خروج السلفيين الذين يمثلهم أبو العباس من داخل المدينة. وما زالت هناك عصابات تجول في المدينة وأزقتها، تنتسب لألوية الجيش الموالية لحزب الإصلاح، فتقوم بأعمال الجباية خارج القانون من أسواقها ومحلاتها التجارية، وتمارس الجريمة المنظمة والجريمة العشوائية.
يتطلع مجتمع تعز إلى أمن وجيش يكون بعيداً عن مصالح القوى السياسة، بمعنى أن يكون ولاء هذه الأجهزة للوطن، وعملها مسخراً لخدمة هذا الوطن وتحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة الخارجين على القانون، مهما كان انتماؤهم الحزبي أو القبلي، يتمرد الموالون للإصلاح على قرارات الدولة، ممثلة بمحافظ المحافظة، فهناك أكثر من قرار يتم التمرّد عليه، منها تغيير مدير مديرية المسراخ الذي أصبح مطلوباً للعدالة، وما زال على الرغم من ذلك بنظر الإصلاح هو مدير المديرية، وهناك مدير مديرية صالة الذي يرفضون تغييره، كما أن من ظواهر السيطرة التي تبدو جلية عملية اقتحام مستشفى الثورة، وهو أكبر المرافق الصحية في تعز وأهمها، والاعتداء على مدير المستشفى والتهجم على موظفيه، ما أدى إلى إضراب للمدير وللموظفين، قام محافظ المحافظة بتعيين إيلان عبد الحق مديرة مؤقتة للمستشفى، إلا أن الموالين لحزب الإصلاح طردوها من المستشفى، كما تم طرد مدير مكتب الصحة من مكتبه الذي يقع في إطار مستشفى الثورة.
يوزع "الإصلاح" حالياً عبر نشطائه في المجتمع التعزي بيانا يطالبون الناس بالتوقيع عليه، وهو في خلاصته يرفض عرض فيلم شبابي في منتزه المدينة. أنتج الفيلم في عدن، ويتحدث عن شابين يريدان الزواج، وفيه عرض لما تعانيه أو عانته عدن في فترة الحرب. عنوان الفيلم "عشرة أيام قبل الزفة". ويطالب بتحكيم الشريعة، وهذا عنوان عريض لفرض سيطرة الحزب باسم الدين على المدينة وسكانها، فكان يكفي المطالبة بتطبيق القوانين النافذة باعتبارها تمثل الجميع وفيها أحكام شريعتنا الإسلامية، وينتشر مئات من كوادره التي سيطرت على التوجيه المعنوي للجيش والأمن في مساجد المدينة وأحيائها يطالبون الناس بالتوقيع على هذا البيان.
"الإصلاح" في تعز، وعبر هذا الوجود القوي، له في الأمن والجيش والدولة، يحاول تطويع الأجهزة لصالح وجوده. وهذا ما سيؤدي إلى تكرار تجارب تنظيمات أخرى في المنطقة، حاولت الشيء نفسه، فكان مصيرها السقوط، والأحرى أن يدعم الإصلاح تنفيذ قوانين الدولة، كأن تقوم الأجهزة الأمنية بعملها بدون انتقائية، فتلقي القبض على كل الخارجين على القانون وتودعهم السجون، ويتم تفعيل القضاء ومحاسبة المتورطين بجرائم الاغتيالات، فحسب إعلامهم الأمني تم القبض على متهمين كثيرين في هذه الجرائم، ويجب أن تظهر الحقائق للناس. وفي الجانب العسكري، يتوقع أن يستقيل المنتمون للأحزاب من أحزابهم، ويتفرغوا لعملهم الوطني في الدفاع عن المدينة، والاستعداد لعملية تحرير تجمع كل ألوية الجيش وكتائبه من أجل هذه المهمة. وهناك مختطفون، يتهم حزب الإصلاح بالمسؤولية عن اختطافهم، ومنهم الناشطان أيوب الصالحي وأكرم حميد، محسوبان على الحزب الاشتراكي اليمني، ومن نشطاء ثورة 11 فبراير 2011. هناك كثير من عمليات تصادم قوة "الإصلاح" مع قوانين الدولة. والسؤال: هل يستيقظ حزب الإصلاح وأدواته في تعز قبل فوات الأوان، ويخضعوا وجودهم لقوانين الدولة؟ أم يستمر هذا البروز لقوة "الإصلاح"، وتستمر عملية السيطرة، فيخرج الشارع في الأخير، ويتم استغلاله لإخراجهم من هذا الوجود داخل الدولة، كما فعل في بعض الأقطار؟
يوزع "الإصلاح" حالياً عبر نشطائه في المجتمع التعزي بيانا يطالبون الناس بالتوقيع عليه، وهو في خلاصته يرفض عرض فيلم شبابي في منتزه المدينة. أنتج الفيلم في عدن، ويتحدث عن شابين يريدان الزواج، وفيه عرض لما تعانيه أو عانته عدن في فترة الحرب. عنوان الفيلم "عشرة أيام قبل الزفة". ويطالب بتحكيم الشريعة، وهذا عنوان عريض لفرض سيطرة الحزب باسم الدين على المدينة وسكانها، فكان يكفي المطالبة بتطبيق القوانين النافذة باعتبارها تمثل الجميع وفيها أحكام شريعتنا الإسلامية، وينتشر مئات من كوادره التي سيطرت على التوجيه المعنوي للجيش والأمن في مساجد المدينة وأحيائها يطالبون الناس بالتوقيع على هذا البيان.
"الإصلاح" في تعز، وعبر هذا الوجود القوي، له في الأمن والجيش والدولة، يحاول تطويع الأجهزة لصالح وجوده. وهذا ما سيؤدي إلى تكرار تجارب تنظيمات أخرى في المنطقة، حاولت الشيء نفسه، فكان مصيرها السقوط، والأحرى أن يدعم الإصلاح تنفيذ قوانين الدولة، كأن تقوم الأجهزة الأمنية بعملها بدون انتقائية، فتلقي القبض على كل الخارجين على القانون وتودعهم السجون، ويتم تفعيل القضاء ومحاسبة المتورطين بجرائم الاغتيالات، فحسب إعلامهم الأمني تم القبض على متهمين كثيرين في هذه الجرائم، ويجب أن تظهر الحقائق للناس. وفي الجانب العسكري، يتوقع أن يستقيل المنتمون للأحزاب من أحزابهم، ويتفرغوا لعملهم الوطني في الدفاع عن المدينة، والاستعداد لعملية تحرير تجمع كل ألوية الجيش وكتائبه من أجل هذه المهمة. وهناك مختطفون، يتهم حزب الإصلاح بالمسؤولية عن اختطافهم، ومنهم الناشطان أيوب الصالحي وأكرم حميد، محسوبان على الحزب الاشتراكي اليمني، ومن نشطاء ثورة 11 فبراير 2011. هناك كثير من عمليات تصادم قوة "الإصلاح" مع قوانين الدولة. والسؤال: هل يستيقظ حزب الإصلاح وأدواته في تعز قبل فوات الأوان، ويخضعوا وجودهم لقوانين الدولة؟ أم يستمر هذا البروز لقوة "الإصلاح"، وتستمر عملية السيطرة، فيخرج الشارع في الأخير، ويتم استغلاله لإخراجهم من هذا الوجود داخل الدولة، كما فعل في بعض الأقطار؟