نقصان الكوشير في دبي
يكابد الإسرائيليون الذين يتقاطرون، بالآلاف في هذه الأيام، إلى دبي، من مشكلةٍ تحتاج حلا عاجلا، نقصان مطاعم الكوشير (اللحم الحلال حسب التقاليد اليهودية). يستمتعون بلذائذ كثيرة في المطاعم المشمسة على شواطئ الإمارة، في جزيرة النخيل وغيرها، إلا أنهم يتذمّرون من قلة الكوشير. ولكن نائبة عمدة القدس (المحتلة للتذكير) المحامية، فلوير حسن ناحوم، كانت سعيدةً ببهجة أبنائها وهم يتناولون في واحدٍ من هذه المطاعم الفطائر المغمورة بالقطر، بعد أن اكتشفوا أنها معدّة على طريقة الكوشير. وتنقل الصحافية لويز كالاغان، في تقريرها في "صنداي تايمز"، عن هذه المرأة قولها إن خمسين ألف إسرائيلي سيتوافدون إلى دبي (وأبوظبي)، للهروب من الإغلاقات وقيود كورونا، وللاستمتاع بالشمس، ولقضاء الأعياد اليهودية في الفنادق المريحة، ومعهم شمعداناتهم. وقد احتفلت عائلاتٌ سبقتهم، أخيرا، مع "أصدقاء" إماراتيين استضافوهم، بعيد يهودي. وعلى ما أفيد، فإن مشكلة نقصان الكوشير في طريقها إلى الحل.
تقرأ تقرير الصحيفة البريطانية، وأنت تواظب على مطالعة تقارير يومية في صحف إسرائيلية عن إسرائيل في الإمارات، وتلقى كاتبيها يخوضون في ما يسردون بكل راحتهم، فيما لا تقع على أي شيءٍ عن هذا في أيٍّ من الصحف والمواقع الإماراتية، أو المحسوبة على أبوظبي، المحافظة منها والمعنية بإشاعة التنوير من الصنف إياه. تنبئك تقارير وكتاباتٌ وأخبارٌ مسترسلةٌ في الصحافة الإسرائيلية والأجنبية، غزيرة ومسلّية، أو على الأصح محزنة، أيّ قاعٍ من الصهينة المريعة صارت تقيم فيه دولة الإمارات، ما يجعلك تسأل عن بواعث كل هذه الاتفاقيات المتوالية والتي تعصى على العدّ، في كل شأن (لا مبالغة) مع إسرائيل، من قديمها (قبل نحو أسبوعين) استيراد شركة إماراتية النبيذ والطحينة والعسل وغيرها من منتجات مستوطناتٍ في شمال الضفة الغربية، زار وفد من مجلس يضم ممثلين عنها أبوظبي أخيرا، وقال رئيسه إنهم يصنعون التاريخ، في مثل هذه الاتفاقية، كما في غيرها تتعلق بالتعاون في صناعة البلاستيك وصناعة المعادن، وأخرى لتوريد الحمّص المجفّف عالي البروتين الذي يمكن استخدامه في صناعاتٍ غذائية، وذلك أياما بعد اتفاقٍ على استيراد الإمارات النبيذ من الجولان. وهذا صحافي في "إسرائيل اليوم" يكتب إن إسرائيل إذا ما حافظت على ما سمّاه وجهها الجميل، فإننا "سنشهد مع الإمارات قصة حب تتجاوز الحدود".
غرّد إماراتيون من النوع إياه مغتبطين بعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين يتوافدون بكثافةٍ عاليةٍ إلى بلدهم، سيما وقد أمكن لوزارة الخارجية في دولة الاحتلال، ومعها مجلس الأمن القومي، إجبار وزارة الصحة الإسرائيلية على إلغاء تصنيفها الإمارات دولةً حمراء بشأن كورونا. ومن كثيرٍ صادفه صاحب هذا السطور، في خصوص أفواج زوّار الإمارات من دولة الاحتلال (سيتم إلغاء دفع رسوم التأشيرة 90 دولارا قريبا)، ما كتبته مغنّية إسرائيلية، في صحيفة عبرية، تحذّر دبي من سرقة هؤلاء المناشف والشراشف والوسائد (وحتى الحنفيات) من غرف الفنادق التي يقيمون فيها. ولواحدِنا أن يسأل ما إذا كان المغرّدون إياهم، ومنهم وزراء ومستشارون ومقرّبون من حكام أبوظبي ودبي، يقرأون الذي ينكتب ويُذاع ويُنشر في صحافات ووسائط إعلام عبرية وأجنبية في هذا الأمر وغيره، من قبيل الذي ذكرته القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية الخاصة، إن مجرمين إسرائيليين، بعضهم مطلوبون في قضايا قتل وتخريب مخدّرات، فرّوا إلى الإمارات، ووصل بعضهم إليها وكلاءَ لرجال أعمال، كما أن نظراء لهم إسرائيليين فرّوا سابقا إلى جنوب أفريقيا ورومانيا وأوكرانيا وصلوا أخيرا إلى دبي، لبحث إقامة شراكاتٍ في بناء مشاريع سكنية وفنادق. وعلى ذمّة القناة نفسها، فإن قادةً بارزين في منظمات الجريمة في إسرائيل نقلوا نشاطهم إلى الإمارات.
هل يقرأ المسؤولون وصنّاع القرار في أبوظبي هذا، ويختبرون صحته؟ هل صحيحٌ ما كتبه عماليا روزنبلوم في "هآرتس" (30/11/2020)، إن "أحد المشاريع المشتركة الرئيسية بين إسرائيل والإمارات تقديم زناة من جانب إسرائيل وخدمات زنا من جانب دبي"، وأن شبابا إسرائيليين يسافرون حاليا إلى دبي، بقناع رجال أعمال، يعرفون ذلك؟ يأخذ الكاتب المسمّى هنا راحته وهو يكتب ما يعفّ قلم صاحب هذه السطور عن الإتيان عليه.
تتحدّى الصهينة النشطة في الإمارات سقوف الخيال، فالإسرائيليون يتبرّمون من نقصان مطاعم الكوشير في دبي.