نحن و"اليوم السابع" المصرية

25 سبتمبر 2015
+ الخط -
بدأنا في "العربي الجديد" نتلقى، في الآونة الأخيرة، إطلاق نار منتظماً ومتواصلاً من صحيفة اليوم السابع المصرية. وواضح أن الهدف من التصويب نحونا إلحاق الأذى والضرر، وليس الدخول في اشتباك محدود، أو ما شابه ذلك. وحتى يتم وضع الأمور في نصابها، فإنه يجب التوضيح أن هجوم "اليوم السابع" ضدنا يأتي في سياق حملة مصرية رسمية دشّنها، فعلياً، الرئيس عبد الفتاح السيسي في أغسطس/آب 2014، وشاركت فيها صحف ومواقع وقنوات تلفزيونية، لكن صحيفة اليوم السابع واصلت هجومها ضدنا، متجاوزة كل قواعد الخلاف والاختلاف المعروفة في عالم المهنة، بالاعتماد على قاموس مبتذلٍ، تعفّ حتى الصحف الصفراء عن استخدامه.
منذ صدورنا، اعتمدنا منهجاً يقوم على احترام القواعد والمواثيق المتبعة بين زملاء المهنة الواحدة، ومنها إعلاء شأن الاختلاف في الرأي ووجهات النظر والخط التحريري، وعدم الدخول في معارك وحروب. ولم نضع أيّاً من وسائل الإعلام في خانة العداوة، على الرغم من إدراكنا المسبق أن عالم المهنة جرى إغراقه، في العقد الأخير، بأشباه الصحف والصحافيين، واستُثمر فيه المال القذر بقوة، وجرى تأسيس دكاكين وبقاليات تعتاش على المعارك الهامشية، وهدفها التشويش على الصحافة المهنية النظيفة التي تحاول إعادة الاعتبار إلى المهنة والتنافس الشريف. ووسط هذا الخراب المعمم الذي تم بدعم من دولٍ فاسدة وديكتاتورية، ورجال أعمال لصوص، تكوّن جيش من المرتزقة بمرتبة صحافيين، رصيدهم الوحيد فبركة الأكاذيب وكيل الشتائم والإساءة إلى الآخرين. ومثلما يعمل المرتزقة في الحروب تحت إمرة من يدفع لهم، فإن هؤلاء يضعون أنفسهم تحت تصرف من يدفع أكثر. وعلى الرغم من أن بعض هؤلاء بات يمتلك امبراطورية إعلامية وجيشاً من العاملين، ولديه قنوات تلفزية وصحف مطبوعة ومواقع إلكترونية، فإنه لم يكبر في نظر الرأي العام، وبقي أجيراً صغيراً.
ونحن، في "العربي الجديد"، لم يكن هذا هاجسنا، ولا هذا المضمار مضمارنا. ولذا أردنا، منذ صدورنا، أن نقدم اقتراحاً مهنياً وسياسياً جديداً ومختلفاً، يقوم على احترام القارئ العربي، ويتعاطى مع قضاياه وهمومه من منظور آخر. ولذا اخترنا أن نكون مع الناس، أي المواطنين العرب في كل مكان، وانحزنا إلى كل ما يهم هذا الإنسان، ويشكل أولوياته. ولذا لم يعجب هذا النهج أولئك الذين أرادوا للصحافة أن تتحول إلى أبواق وعدسات لتلميع الطغاة والفاسدين. وأول هجوم وصل إلينا كان من صحافة الثورة المضادة في مصر، هذا الفريق الذي وجد في انقلاب 3 يوليو فرصة من أجل الإثراء، لأن الحكام الجدد وداعميهم كانوا بحاجة ماسة إلى منابر إعلامية لتبييض صفحة القتلة والانقلابيين، وتشويه صورة الثورة التي قام بها الشعب المصري من أجل الخلاص.
لم تكن الصحافة المصرية هدفاً لنا، ولن تكون، لأننا لسنا من هواة المماحكات الإعلامية، بل من دعاة العمل والإنتاج والمنافسة الشريفة والتميّز. ولذا لن ننخرط في حفلات الردح التي تخصص فيها بعضهم، وبات لا يعرف غيرها. ونحن نقول لهؤلاء إن الافتراء على الآخرين لا يحتاج إلى موهبة، كما أن النزول إلى القاع، والتمادي في السوقية، لا يصنعان رصيداً مهنياً أو سياسياً. ومن طرفنا، نعاهدكم أنكم لن تجرّونا إلى طريقكم، لأننا لن نتراجع عن احترام المواثيق الأخلاقية لهذه المهنة النبيلة، ولن ننحدر إلى الفساد الذي أشاعه المال الحرام وجنرالات القتل وضباط الأمن المزيفون الذين فبركتهم إسرائيل، وأطلقتهم من عطالتهم كمبشّرين بالهزائم والانكسارات. ونحن نعرف جيداً أن جزءاً من مهمة هذه الدكاكين الصحافية هو إغراق الصحافة المهنية النظيفة في المستنقع، لمنعها من إشعال شمعة في الظلام، لإضاءة الطريق في الزمن الصعب الذي صار فيه القابض على موقفه، والمدافع عن حقوق الناس في الحرية والكرامة، كالقابض على الجمر.
شاعر وكاتب سوري من أسرة العربي الجديد
شاعر وكاتب سوري من أسرة العربي الجديد
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر