05 نوفمبر 2024
ما بعد الفلوجة
منذ البداية، قلنا إنها معركة لا علاقة لها باستعادة مدينةٍ عراقيةٍ سقطت في قبضة تنظيم داعش، وإنما هي محاولة لكسر رمزية مدينةٍ، كان لها وسيبقى مكان، ليس في ذاكرة العراقيين وحسب، وإنما في ذاكرة التاريخ والعالم، فالفلوجة ومنذ عام 2004، يوم أن وقفت وحدها تقاوم وتقاتل أعتى قوة عسكرية واقتصادية وإعلامية في العالم، خرجت من العراق الضيق إلى فضاء الإنسانية والعالم والتاريخ، سجلت يومها اسمها بأحرفٍ من نور ودم على صفحات تاريخٍ، سيقف مطولاً أمامها. وبالتالي، ليست المعركة ضد هذه المدينة لإخراج "داعش" الذي سيطر على المدينة قبل عامين ونصف العام، وإنما لكسر هيبتها، ثم كسر ما تبقّى لأهل السنة في العراق من وجود.
أظهرت الصور المسرّبة من محيط الفلوجة واقعاً كنا نعتقد أنه سيقع، وكنا نراه ماثلاً، بحكم ما خبرناه من وحشية وطائفية المليشيات المدعومة إيرانياً، والتي ساقتها الحكومة العراقية أمامها في معركة تحرير الفلوجة، فقد فعلت الفعل نفسه في تكريت وسامراء وبيجي وجرف الصخر، ومازالت تمارس غواية التعذيب والقتل والإذلال، في مسعى منها، على ما يبدو، لجبر ذلّها، وليس فقط لكسر هيبة الآخر.
الفيديوهات الخطيرة التي سرّبت لاعتقال مئات من أهالي المناطق المحيطة بالفلوجة، وأعمال القتل والتعذيب بحقهم، وأيضاً حالات الإذلال المتعمّد، تُظهر أن هذه المليشيات جاءت ليس فقط لتأخذ ثأراً من الفلوجة، وإنما أيضاً لإظهار أهلها الذين عرفوا بالبأس والقوة والبطولة والشجاعة بمظهر الضعيف الذي لا يقوى على شيء. وإلا بماذا نفسّر أن يجمع أحد عساكر هذه المليشيات عشراتٍ من أهالي الفلوجة الذين هربوا من المدينة، بسبب القصف الوحشي، ويطلب منهم أن يردّدوا بصوت واحد "أهل الفلوجة نسوان"؟ ما عقدة النقص التي يعاني منها هذا وغيره إزاء أهل الفلوجة؟ ما عقدة الدونية التي يعيشها هذا المليشياوي الذي استأسد على ثلةٍ هاربةٍ بعمرها من بطش "داعش" وقصف المليشيات؟
لا يمكن أن تكون الوحشية التي تعاملت بها هذه العناصر المليشياوية بعيدةً عن أعين الدولة، بل إن الدولة التي تعترف بهذه المليشيات، وطالما دافعت عنها، تعتبر المسؤول الأول عن هذه الأفعال، وإلا بماذا نفسّر قول وزير خارجية المنطقة الخضراء، إبراهيم الجعفري، إن المقاتل يتعرّض لضغوطٍ، ويمكن أن تظهر منه تصرفاتٌ غير منضبطة، إلا أن يكون دفاعاً عن هذه المليشيات المجرمة؟ بماذا نفسّر وصف رئيس الحكومة، حيدر العبادي، ما جرى لأهالي الفلوجة النازحين خروقاً، وقوله إنه شكل لجنة للتحقيق، علماً أن ما جرى في محيط الفلوجة على يد المليشيات يرقى إلى أن يكون جرائم حرب، وفقا للأعراف الدولية، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من الحقيقة غير مكتشف، لأسبابٍ شتى، منها التعتيم الذي تمارسه سلطات بغداد.
حفلات التعذيب، (هكذا يطلقون عليها في عراق المليشيات) للهاربين من بطش "داعش"، كانت تقام في معسكر طارق الذي تسيطر عليه المليشيات المشاركة في معركة الفلوجة، بحضور نواب في البرلمان، منهم النائبتان، السابقة مها الدوري (التيار الصدري) والحالية حنان الفتلاوي، ناهيك عن دفاعٍ مستميتٍ من النواب الشيعة عن هذه المليشيات، وأيضاً دفاع العبادي عنها، على الرغم من كل ما اقترفته من جرائم.
ليس الهدف تحرير الفلوجة من داعش، واهمٌ من يعتقد ذلك، واهمٌ من راهن على عملية تحريرٍ للمدينة بأيد وسواعد عراقية 24 قيراطا، كما عبّر أحد ساسة السنة في العراق الذي تعامى، بقصد أو من دونه، عن كل التاريخ الإجرامي للمليشيات، وحتى القوات الحكومية التي عرف عنها أسلوبها الطائفي المقيت.
رسائل الفيديوهات المسرّبة لعمليات التعذيب بحقّ أهل السنة من أهالي الفلوجة عديدة، لا تتعلق بالعراق وحده، وإنما تمتد إلى الإقليم العربي، فهي تقول إن الفلوجة التي كانت يوماً للقوات الأميركية حلماً أنْ تدخلها، باتت في قبضة الولي الفقيه وجيشه، وفي مقدمتهم قاسم سليماني، الذي ما انفكّ يلتقط الصور على أطراف الفلوجة، وكأنه غير مصدّقٍ أن أقدامه يمكن أن تطأ هذه الأرض الطاهرة. إنها رسالة أن إيران طموحة، ولديها قدرة على تحقيق طموحها، في غياب أي ردِّ فعلٍ عربيٍّ أو إسلاميٍّ تجاه ما تقوم به، خصوصاً أنها اليوم مدعومة من شيطانها الأكبر أميركا.
لن يعني انكسار الفلوجة لتنظيم داعش الذي تمدّد شيئاً كثيراً، غير أنه سيعني الكثير لسنة العراق، ولدول المنطقة، خصوصاً الخليج، فالقواعد الإيرانية وقتها ستُبنى على حدود السعودية، ووقتها لن تجدِ الحلول الترقيعية مع عدوّ يرفع السلاح ويقتلك، ويخطط لغزو مكة والمدينة.
أظهرت الصور المسرّبة من محيط الفلوجة واقعاً كنا نعتقد أنه سيقع، وكنا نراه ماثلاً، بحكم ما خبرناه من وحشية وطائفية المليشيات المدعومة إيرانياً، والتي ساقتها الحكومة العراقية أمامها في معركة تحرير الفلوجة، فقد فعلت الفعل نفسه في تكريت وسامراء وبيجي وجرف الصخر، ومازالت تمارس غواية التعذيب والقتل والإذلال، في مسعى منها، على ما يبدو، لجبر ذلّها، وليس فقط لكسر هيبة الآخر.
الفيديوهات الخطيرة التي سرّبت لاعتقال مئات من أهالي المناطق المحيطة بالفلوجة، وأعمال القتل والتعذيب بحقهم، وأيضاً حالات الإذلال المتعمّد، تُظهر أن هذه المليشيات جاءت ليس فقط لتأخذ ثأراً من الفلوجة، وإنما أيضاً لإظهار أهلها الذين عرفوا بالبأس والقوة والبطولة والشجاعة بمظهر الضعيف الذي لا يقوى على شيء. وإلا بماذا نفسّر أن يجمع أحد عساكر هذه المليشيات عشراتٍ من أهالي الفلوجة الذين هربوا من المدينة، بسبب القصف الوحشي، ويطلب منهم أن يردّدوا بصوت واحد "أهل الفلوجة نسوان"؟ ما عقدة النقص التي يعاني منها هذا وغيره إزاء أهل الفلوجة؟ ما عقدة الدونية التي يعيشها هذا المليشياوي الذي استأسد على ثلةٍ هاربةٍ بعمرها من بطش "داعش" وقصف المليشيات؟
لا يمكن أن تكون الوحشية التي تعاملت بها هذه العناصر المليشياوية بعيدةً عن أعين الدولة، بل إن الدولة التي تعترف بهذه المليشيات، وطالما دافعت عنها، تعتبر المسؤول الأول عن هذه الأفعال، وإلا بماذا نفسّر قول وزير خارجية المنطقة الخضراء، إبراهيم الجعفري، إن المقاتل يتعرّض لضغوطٍ، ويمكن أن تظهر منه تصرفاتٌ غير منضبطة، إلا أن يكون دفاعاً عن هذه المليشيات المجرمة؟ بماذا نفسّر وصف رئيس الحكومة، حيدر العبادي، ما جرى لأهالي الفلوجة النازحين خروقاً، وقوله إنه شكل لجنة للتحقيق، علماً أن ما جرى في محيط الفلوجة على يد المليشيات يرقى إلى أن يكون جرائم حرب، وفقا للأعراف الدولية، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من الحقيقة غير مكتشف، لأسبابٍ شتى، منها التعتيم الذي تمارسه سلطات بغداد.
حفلات التعذيب، (هكذا يطلقون عليها في عراق المليشيات) للهاربين من بطش "داعش"، كانت تقام في معسكر طارق الذي تسيطر عليه المليشيات المشاركة في معركة الفلوجة، بحضور نواب في البرلمان، منهم النائبتان، السابقة مها الدوري (التيار الصدري) والحالية حنان الفتلاوي، ناهيك عن دفاعٍ مستميتٍ من النواب الشيعة عن هذه المليشيات، وأيضاً دفاع العبادي عنها، على الرغم من كل ما اقترفته من جرائم.
ليس الهدف تحرير الفلوجة من داعش، واهمٌ من يعتقد ذلك، واهمٌ من راهن على عملية تحريرٍ للمدينة بأيد وسواعد عراقية 24 قيراطا، كما عبّر أحد ساسة السنة في العراق الذي تعامى، بقصد أو من دونه، عن كل التاريخ الإجرامي للمليشيات، وحتى القوات الحكومية التي عرف عنها أسلوبها الطائفي المقيت.
رسائل الفيديوهات المسرّبة لعمليات التعذيب بحقّ أهل السنة من أهالي الفلوجة عديدة، لا تتعلق بالعراق وحده، وإنما تمتد إلى الإقليم العربي، فهي تقول إن الفلوجة التي كانت يوماً للقوات الأميركية حلماً أنْ تدخلها، باتت في قبضة الولي الفقيه وجيشه، وفي مقدمتهم قاسم سليماني، الذي ما انفكّ يلتقط الصور على أطراف الفلوجة، وكأنه غير مصدّقٍ أن أقدامه يمكن أن تطأ هذه الأرض الطاهرة. إنها رسالة أن إيران طموحة، ولديها قدرة على تحقيق طموحها، في غياب أي ردِّ فعلٍ عربيٍّ أو إسلاميٍّ تجاه ما تقوم به، خصوصاً أنها اليوم مدعومة من شيطانها الأكبر أميركا.
لن يعني انكسار الفلوجة لتنظيم داعش الذي تمدّد شيئاً كثيراً، غير أنه سيعني الكثير لسنة العراق، ولدول المنطقة، خصوصاً الخليج، فالقواعد الإيرانية وقتها ستُبنى على حدود السعودية، ووقتها لن تجدِ الحلول الترقيعية مع عدوّ يرفع السلاح ويقتلك، ويخطط لغزو مكة والمدينة.