ماذا تفعل أسماء الأسد؟
ليس من مصدرٍ موثوقٍ يؤكّد (أو ينفي) خبراً شاع عن طلب أسماء الأسد (49 عاما) الطلاق من بعْلها، في مقامهما المستجدّ في موسكو، لنيّتها المغادرة إلى لندن والإقامة مع والديْها، طبيب القلب المعروف هناك، فواز الأخرس، ووالدتها الدبلوماسية السابقة، سحر العطري. وخبرٌ من هذا اللون عصيٌّ على التحقّق، سيما في الظروف شديدة الخصوصية التي يوضَع فيها الرئيس الفارّ وزوجتُه، في العاصمة الروسية، غير أنه، في تجريدٍ ذهنيٍّ ومحض منطقي، خبرٌ قابل للتصديق، بل متوقّع، وفي الوسع أن يخمّن واحدُنا أنه مؤكّد. ذلك أن لا شيء يضطرّ هذه السيدة للبقاء زوجةً لرئيسٍ مخلوع، ستُلاحقه قريباً، فضلا عن لعناتٍ غزيرةٍ راهنةٍ (إلى الأبد)، متابعاتٌ قضائيةٌ كبرى في جرائم مشهودة، إذا ما تيسّر لها أن "تتحرّر" من حالة شبه الاعتقال التي تُغالبها منذ نُزع عنها لقب السيدة الأولى في سورية فجر الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وفي البال أنها مريضةٌ باللوكيميا (الابيضاض النقوي الحادّ)، على ما أعلن بيان رسمي، في مايو/ أيار الماضي، ولا بدّ تحتاجُ تطبيباً ومتابعة صحية، وهذان لم يعودا ميسوريْن لها في موسكو بالسلاسة التي كانت. وطالما أنها تحوز جنسيةً بريطانية، لم يُستجَب لمطالباتٍ عديدةٍ برفعها، فإن في وسعها، إذا ما أوكَلت "قضيّتها" لمكتب محامٍ قدير، أن تُغادر برودة موسكو إلى دفء ذكريات الصبا في لندن. أما قضايا النهب والفساد والإثراء غير المشروع، المتّهمة ببعضها قبل تحرّر سورية الأحد قبل الماضي، فإن مكتب محاماةٍ متمكّناً قد يستطيع التوصل إلى "تسوياتٍ" مالية معها، في ظلال القضاء البريطاني.
هذا ما قد يُتَخيّل أن أسماء الأسد "تُحدِِّث" نفسها به، أو ما قد يجوس في دماغها. والراجح أنه صحيحٌ ما انكتب عنها في "وول ستريت جورنال"، أخيراً، أنها تملك عقليةً تجارية، فقد أحرزَت خبرةً غير هيّنة، في العقد الأخير خصوصاً، في غضون مراكمتها أموالاً وحساباتٍ بنكيةً وعقاراتٍ وشركات، صادرت بعضاً غير قليلٍ من أصولها من الذئب الجريح في جمهورية النهب ومافيا الفساد المريع، رامي مخلوف. واستطاعت، في الأثناء، بناء شبكةٍ خاصةٍ بها لتنظيم "أعمالها" و"تبييض" أموالها وممتلكاتها. فضلا عن أنها، قبل اقترانها ببشّار الأسد، عملت مصرفيّة في "دويتشة بنك" و"جي بي مورغان"، بعد تدرّبها في هذا الميدان في نيويورك. وقبل هذا كله، كانت قد درست الحاسوب (والأدب الفرنسي!) في جامعة لندن. وهذه المقاطع، وحدها، من شطرٍ في حياتها، لا تفسّر "نباهتها" في جمع "ثرواتٍ غير مشروعة" (مع عائلتها)، على ما "اتّهمتهم" وزارة الخارجية الأميركية، بل هي شهوة الاستحواذ، والشهية المتوحّشة للتسلط، وانعدام أي حسٍّ أخلاقي وإنساني لديها، مع تغوّل زوجها الذي أمكن له أن "يرتّب" انتخاباتٍ رئاسية، و"يلتهم" الدولة، وأن تُساق إليه قطعان الشبّيحة والمطبّلين. وتلك عبارتُها، في رسالة إلى صديقة لها، تسرّبت إلى الصحافة، إنها "الدكتاتور الحقيقي" في العائلة، تؤشّر إلى ما يتوطّن في مدارك هذه السيدة التي ضمّتها الولايات المتحدة إلى الشخصيات المشمولة بعقوباتها، ووصفتها بأنها "من أسوأ المستفيدين من الحرب في بلادها".
وليس جموحا في الخيال، قد يأتي إلى دماغ المرأة التي وصفتها كاتبةٌ في مجلة فوغ الفرنسية، إبّان نشبت الثورة السورية في 2011، بأنها "وردة في الصحراء"، أن الرئيس بوتين قد يبيع الأسد، فتضيع هي "فرق عملة" في حساباتٍ روسيةٍ مع الأميركان والأتراك وغيرهما، إذا جدّ جديدٌ، يُقايَضُ فيه بما قد يُقايَضُ به. وليس شططاً في التخيّل أن المرأة، الشغوف بالأحذية الفاخرة، جليسة براد بيت وأنجلينا جولي في قصر الرئاسة في دمشق، قد تجنح إلى سوء الظن بزوجها الذي باع سورية، وباع إخوته وجماعته، من أجل أن ينجو بجلده، فقد يفعل شيئاً مثيلاُ، ويقدّمها "قرباناً" ما لأمرٍ ما.
ليس ثمّة ما تصنعه أسماء الأسد في وحشتها، شديدة الكآبة، هناك في موسكو، سوى أن تقدّم وتؤخّر في مثل الأفكار أعلاه، وترتّب حساباتها، بعقلية الصيرفي السارق، وتهيئ أولويات أولوياتها، وتحسِب لكل خطوةٍ ممكنةٍ أو محتملةٍ محاذيرَها ومآلاتها. وفي الأثناء، قد تجد من الضروري طلاقاً من زوجٍ صار رئيساً مخلوعاً، وبات ضارّاً.