12 فبراير 2021
كل هذه الإبادة
تفيد التطورات العسكرية الراهنة الخطيرة في إدلب وريف حلب الغربي بأنّ "الإبادة" في سورية مستمرة. وبأنّ المحاولات التركية للتفاهم مع إيران وروسيا، من أجل إيقاف حمّام الدم، والحيلولة دون نزوح السكان من إدلب في مساري أستانة وسوتشي، قد باءت بالفشل. فقد تسببت الهجمة الروسية الأسدية على إدلب منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي في نزوح حوالي 600 ألف سوري وتهجيرهم، بحسب الأمم المتحدة التي تصف هذه الموجة بأنّها أكبر موجة لاجئين خلال الحرب السورية برمّتها. وهذا تدهور خطير جدًا في هذه الحرب يزيد في الدلالة على أنّ ما حدث وما يحدث حرب "إبادة." وفي الحقيقة، العدد الضخم للنازحين مخيفٌ، ليس لتركيا فحسب، بل للدول الأوروبية المعنية باللاجئين. يقول السكرتير العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيغلاند: "إدلب مخيم عملاق للاجئين. هربت العوائل إلى إدلب في خلال ثماني سنوات، فلا يمكن أن تكون هناك حرب لا تميّز في مخيّم لاجئين. تستطيع تركيا وروسيا وإيران ودول الخليج التمكين لوقف إطلاق نار آخر، قبل أن نرى حمام دم بين النازحين". هكذا يحاول هذا الرجل التحذير، عبر حسابه على "تويتر"، ومخاطبة اللاعبين السياسيين الدوليين في الحرب السورية الطويلة.
ومعلوم أنّ التدخل التركي العسكري منذ عام 2016 كان يهدف إلى تقويض قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التابعة لحزب العمال الكردستاني، ومنعها من تكوين كيان شبيه بالدولة على الحدود التركية، بعد حصولها على دعم عسكري كبير من الولايات المتحدة التي استخدمتها في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وإلى هذا السبب، تركيا معنية كذلك بمسألة اللاجئين، وقد حاولت منذ 2017 إيجاد قنوات اتصال مع إيران وروسيا لتجنيب إدلب ويلات الحرب على المدنيين التي تعني إزاحتهم نحو حدودها ومن ثَمّ أراضيها. وأبرمت مع روسيا اتفاق سوتشي في سبتمبر/ أيلول 2018 لإنشاء منطقة آمنة، لم تُحدّد بدقة.
ويُظهر الواقع على الخريطة أنّ الطيران الروسي والأسدي يتجنب قصف المنطقة الشمالية الحدودية المحرّرة من "قسد"، بوساطة الجيش التركي وفصائل الجيش السوري الحر في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون (2016 – 2018). أما تركيا فقد أقامت نقاط مراقبة على طول خطوط التماس على جبهات القتال في إدلب، بموجب اتفاقية سوتشي التي لم يحترمها الطيران الروسي والأسدي؛ فتصاعد القصف والقتل منذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي وأدى إلى نزوح ما يزيد على نصف مليون سوري في أسابيع، بل وتجرأ الطيران الأسدي فقتل 13 جنديا تركيا يرابطون على نقاط المراقبة، ما دفع تركيا إلى الرد السريع، وإدخال مئات المركبات العسكرية إلى إدلب وقصف مناطق سيطر عليها الأسد، وإسقاط مروحية أسدية.
وتفيد هذه التطورات بأنّ حدود "المنطقة الآمنة" غير محدّدة بين الجانبين، الروسي والتركي. إذ
تصرّ تركيا على أنّ حدود المنطقة الآمنة داخل إدلب وريف حلب الغربي، وبالتالي أقامت نقاط مراقبتها داخل إدلب. في حين يشير القصف الروسي والأسدي إلى أنّ المنطقة الآمنة التي يعتدّان بها هي منطقة الشمال السوري المحاذي للحدود التركية فقط، والذي حرّره الجيش السوري الحر بمساعدة الجيش التركي من "قسد" في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون.
وفي حين تقلق تركيا وأوروبا لأجل اللاجئين، وما يمثلون من عبء سكاني سيرهقهما كليهما، فإنّ روسيا وسورية الأسد تستمران في ارتكاب الإبادة من دون وازع أو رادع، فكل سكان سورية بالنسبة لهما كانوا عرضة للقتل والتهجير والإفناء في حرب تطهير شاملة. وفي الأيام القليلة الماضية سيطرت "مليشيا أسد" على مدينة سراقب المحورية الواقعة على الطريق الدولي M5 ، وتظهر الكاميرات الروسية فيديو مُصوّراً لمدينة سراقب، بعد السيطرة الأسدية عليها، وهي خاوية على عروشها وخالية من سكانها المائة وعشرة آلاف. نعم! هُجرّ هؤلاء بالآلاف بكفاءة عالية حديثة، هُجرّوا بالطيران فقط! بالقصف المستهدف للبيوت والمستشفيات والمدارس والمساجد. هُجرّ آلاف السكان هؤلاء من بيوتهم وأراضيهم وحياتهم، وأزيحوا نحو شريط حدودي شمالي، خُصّص لإيوائهم في مخيمات. هجّروا ولا ذنب لهم سوى أنّهم يسكنون سراقب. مثلما هجّر ملايين السوريين في موجات إزاحة متتالية في ثماني سنوات، ليس لسبب سوى أنّهم يسكنون في بيوتهم في المناطق التي تقصفها روسيا ويقصفها الأسد.
وفي الوقت الحالي، يُمطر الطيران الأسدي والروسي ريف حلب الغربي، فهو بالنسبة لهم لا يدخل في "المنطقة الآمنة"، وعلى سكانّه أن "يُزاحوا" كذلك إلى مخيمات الشمال، لتنجز روسيا وسورية الأسد "آخر فصول الإبادة"، وتقضيان على لون الثورة الأخضر في إدلب وريف حلب الغربي.
لم تستطع أيّ قوّة ردع روسيا عن إبادة السوريين، سواء كانت الولايات المتحدة التي لم تجد لها مصلحة في هذه الحرب، أو تركيا التي تحاول إفادة الثورة السورية بما تستطيع على هامش حربها على حزب العمال الكردستاني التركي، حفاظًا على أمنها القومي.
ويُظهر الواقع على الخريطة أنّ الطيران الروسي والأسدي يتجنب قصف المنطقة الشمالية الحدودية المحرّرة من "قسد"، بوساطة الجيش التركي وفصائل الجيش السوري الحر في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون (2016 – 2018). أما تركيا فقد أقامت نقاط مراقبة على طول خطوط التماس على جبهات القتال في إدلب، بموجب اتفاقية سوتشي التي لم يحترمها الطيران الروسي والأسدي؛ فتصاعد القصف والقتل منذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي وأدى إلى نزوح ما يزيد على نصف مليون سوري في أسابيع، بل وتجرأ الطيران الأسدي فقتل 13 جنديا تركيا يرابطون على نقاط المراقبة، ما دفع تركيا إلى الرد السريع، وإدخال مئات المركبات العسكرية إلى إدلب وقصف مناطق سيطر عليها الأسد، وإسقاط مروحية أسدية.
وتفيد هذه التطورات بأنّ حدود "المنطقة الآمنة" غير محدّدة بين الجانبين، الروسي والتركي. إذ
وفي حين تقلق تركيا وأوروبا لأجل اللاجئين، وما يمثلون من عبء سكاني سيرهقهما كليهما، فإنّ روسيا وسورية الأسد تستمران في ارتكاب الإبادة من دون وازع أو رادع، فكل سكان سورية بالنسبة لهما كانوا عرضة للقتل والتهجير والإفناء في حرب تطهير شاملة. وفي الأيام القليلة الماضية سيطرت "مليشيا أسد" على مدينة سراقب المحورية الواقعة على الطريق الدولي M5 ، وتظهر الكاميرات الروسية فيديو مُصوّراً لمدينة سراقب، بعد السيطرة الأسدية عليها، وهي خاوية على عروشها وخالية من سكانها المائة وعشرة آلاف. نعم! هُجرّ هؤلاء بالآلاف بكفاءة عالية حديثة، هُجرّوا بالطيران فقط! بالقصف المستهدف للبيوت والمستشفيات والمدارس والمساجد. هُجرّ آلاف السكان هؤلاء من بيوتهم وأراضيهم وحياتهم، وأزيحوا نحو شريط حدودي شمالي، خُصّص لإيوائهم في مخيمات. هجّروا ولا ذنب لهم سوى أنّهم يسكنون سراقب. مثلما هجّر ملايين السوريين في موجات إزاحة متتالية في ثماني سنوات، ليس لسبب سوى أنّهم يسكنون في بيوتهم في المناطق التي تقصفها روسيا ويقصفها الأسد.
وفي الوقت الحالي، يُمطر الطيران الأسدي والروسي ريف حلب الغربي، فهو بالنسبة لهم لا يدخل في "المنطقة الآمنة"، وعلى سكانّه أن "يُزاحوا" كذلك إلى مخيمات الشمال، لتنجز روسيا وسورية الأسد "آخر فصول الإبادة"، وتقضيان على لون الثورة الأخضر في إدلب وريف حلب الغربي.
لم تستطع أيّ قوّة ردع روسيا عن إبادة السوريين، سواء كانت الولايات المتحدة التي لم تجد لها مصلحة في هذه الحرب، أو تركيا التي تحاول إفادة الثورة السورية بما تستطيع على هامش حربها على حزب العمال الكردستاني التركي، حفاظًا على أمنها القومي.
خديجة جعفر
مقالات أخرى
05 فبراير 2021
27 يناير 2021
20 نوفمبر 2020