جوائز النظام لأبنائه في الرضاعة

17 يونيو 2021
+ الخط -

هل جوائز الدولة في مصر أدبية وعلمية، أم عطايا نظير السكوت والمجاملة والصمت أحياناً، أو الشراكة في الانقلاب، كما في حالة محمد سلماوي والأخوين سيد حجاب، طيّب الله ثراه، وشوقي حجاب، وآخرين كثيرين في الظل، بعيداً عن الواجهة؟ وهل هي جوائز دولة أم جوائز نظام يعرف جيداً سبب العطايا؟ دعنا نتأمل الأسماء ونعرف.

نبدأ بجائزة النيل، أعلى الجوائز من الناحية الأدبية، والمادية أيضاً. واضح أنّ اسمها مرتبط بأغلى شريان مائي في البلاد، نهر النيل، والذي ارتفعت قيمته مادياً ومعنوياً عند أهل مصر من قديم الزمان، فلا بدّ أن يكون صاحب الجائزة الذي ارتبط اسمه بذلك النهر الكريم معطاءً هو الآخر في مجاله أو تخصصه. نضرب مثالاً بمحمد سلماوي، الحائز على جائزة النيل هذا العام، فهو المتحدث الإعلامي باسم لجنة دستور 30/ 6، والذي غيّره عبد الفتاح السيسي بالطبع بانتخابات، ثم تمّ ركن الدستور على الرفّ. أفلا يحقُّ لنظامٍ، سكت تماماً متحدث إعلام دستوره عن تغييره أن يكرّم هذا المتحدث بجائزة النيل؟ أما إذا احتكمنا إلى القيمة الأدبية، فالكلّ يعلم أنّ محمد سلماوي قد كفّ عن الإبداع منذ عقود، في حين تجد واحداً كإبراهيم عبد المجيد الأكثر موهبةً بمسافات، والأكثر حضوراً على الساحتين، الداخلية والأجنبية، كتابةً وترجمة، بشهود الغرب والعرب، لم يحصل عليها. لكن، واضح أنّ جوائز الانقلابات "للطبقة الشبعانة أصلاً" لا تمرّ إلّا عبر المعادي، ولا تقترب أيضاً من كرموز أو غيط العنب، فانتظر، يا إبراهيم، إلى "كمالة" ثانية من انقلاب، تنال فيها جائزة النيل، كي تلحق بركب محمد سلماوي، وجمال الغيطاني، إلى آخره، وهذا أول الغيث بالطبع.

الثاني، وهو شوقي حجاب، حاز هذا العام على التقديرية 2021. وبالطبع، لا تعرف لماذا فاز، فهل هو كاتب رواية، أو قصة، أو شعر، أو مسرح، أو مفكّر، أو مترجم، أو فيلسوف، أو حتى محرّك عرائس؟ لا شيء من ذلك كلّه بالطبع، لكنّه أخ الشاعر سيد حجاب، الحاصل على الجائزة نفسها في 2013، بعد إعداده ديباجة الدستور نفسه بعد 2013، والذي تم تغييره وركنه على الرفّ من دون أن يزعل أو يكفهر "شعرياً سيد حجاب في حياته" أفلا يحقّ للنظام أن يعطي "شقيق واضع ديباجة الدستور في 2013" الجائزة التقديرية هو الآخر هذا العام 2021؟ وتلك نادرة مدهشة من نوادر جوائز الدولة في مصر، أن يحصل على الجائزة التقديرية شقيقان في ظلّ "ثورة 2013"، وتلك نادرةٌ يشرف غينيس، صاحب الموسوعة، أن يسجّلها عنده، كي لا ينساها التاريخ، ومصر دائماً سبّاقةٌ في الخير.

أما المضحك والمبكي معاً في حجب جائزة النيل لهذا العام فرع العلوم الاجتماعية، فلك أن تتخيّل أنّ المتسابقين الـ14، في الجائزة، كان في مقدمتهم فتحي سرور (مع أنّه كاتب قصة قديم من جيل الخمسينيات)، وظلّ الخضري عبد الحميد، شيخ أدباء الأقاليم، يتشرّف ويضحك على المقاهي في ملوي، بأنّه ظل عشرين سنة يرسل قصصه إلى الصحف والمجلات في القاهرة فتنشر قصصه، في حين ترد الصحف والمجلات على فتحي سرور في بريد القرّاء: "المزيد من القراءة مع تجويد الصنعة والاهتمام بالحبكة، والكتابة ليست موضوعاً بل أسلوب". وكان فتحي سرور، ساعتها، قد وصل إلى رئاسة مجلس الشعب، في جلّ سنوات حسني مبارك الأخيرة، والخضري عبد الحميد ساعتها لم يكن معه ثمن "باكو المعسّل"، لكنّها الأقدار.

أما الثاني من الأربعة فهو الدكتور حسن راتب، صاحب قناة المحور. وأنا لم أرَ الرجل إلّا درويشاً قديماً للشيخ متولي الشعراوي، أو مناقباً ومنادياً ومبتهلاً في جمال الفنانة يسرا في اللقاءات، فمن أين وجد الرجل من الوقت، كي تقدّمه الجهات لنيل جائزة النيل. واضحٌ أنّ الرجل "منظم أوقاته جامد".

والثالث هو السفير عبد الرؤوف الريدي. أما رابعهم فهو الدكتور علي الدين هلال، فهل بعد ذلك تسألني: لماذا فرشت الست أم محاسن الملاية للست أم أشرف، تحت بلكونتها في "المرج"، وضربتها "بالروسية"، مع أنّ الست أم أشرف كانت تمدّها بالثوم والبصل والكمون والقرفة؟