تبرعوا لنقابة الفنانين السوريين
تشهد صفحاتُ التواصل الاجتماعي، في هذه الأيام، مماحكاتٍ، وأخذاً ورداً بين فنانين سوريين ونقابة الفنانين التي يديرها السيد زهير رمضان، سببُها فصل الأخير عدداً من الفنانين، لأسباب تتعلق، كما جاء في حيثيات القرار، بتقصيرهم عن دفع الاشتراكات المالية للنقابة!
تتصف مثل هذه المماحكات، عادةً، بالطرافة، فهناك، في سورية، على الدوام، حالات مضحكة، سببُها الأساسي أن نظام الأسد ينتقي لإدارة النقابة أقلَّ الفنانين أهميةً وظهوراً ولمعاناً، وأكثرَهُمْ انبطاحاً أمام الأجهزة الأمنية، وتزلفاً للأسرة الحاكمة، وتمرغاً أمام الحلقات الصغيرة القريبة منها، ويأمر بتعيينهم في موقع القيادة بطريقة "الانتخاب المُوَجَّه"؛ إذ يكفي أن يعرف الناخبون أن هؤلاء الأشخاص هم مرشحو القيادة الحكيمة، لكي ينجحوا؛ بالحسنى، وإلا فبالغَصب.
هذا الأمر، في الحقيقة، معمول به في مختلف النقابات المهنية والعلمية والأدبية، والصحفية، وحتى في البرلمان. ولكن، له، عند الفنانين، طَنّة ورَنّة. في النقابة، كما هو معروفٌ، أسماء كبيرة جداً، من أمثال هيثم حقي وعلاء الدين كوكش ونبيل المالح وثناء دبسي ومأمون البني وحاتم علي ونائلة الأطرش وبسام الملا وسهيل عرفة، وفيها "نجوم" الدراما من جمال سليمان وعبد الهادي الصباغ وسلوم حداد وأمل عرفة وبسام كوسا، إلى تيم حسن وكاريس بشار وقصي خولي. يكفي أن نعرف ذلك لكي نفهم ماذا يعني تعيين شخص ضحل، يمثل الوجهَ القبيح لسلطة المخابرات، كالسيد زهير رمضان، نقيباً للفنانين، وماذا يعني، من ثم، أن يعمد هذا الشخص إلى فصل أعضاء بينهم نجوم الإخراج، كهيثم حقي وهشام شربتجي وحاتم علي، ونجوم التمثيل كتيم حسن وباسل الخياط، وفنانين تعتقلهم السلطة الأمنية، مثل سمر كوكش وزكي كورديللو، ومعتقل سابق هو الفنان محمد أوسو!
لو عقدنا مقارنة بسيطة بين اثنين من أزلام نظام الأسد، لعثرنا، في النتيجة، على فروقات تستحق الذكر، فالسيد المهندس محمد ناجي عطري الذي كان رئيساً للحكومة السورية في سنة 2006، حينما تلقى أمراً من القيادة العليا للمخابرات بتسريح الموقعين على "بيان بيروت- دمشق" من وظائفهم في الدولة، نفذ الأمرَ؛ صاغراً بالطبع، لكنه كان حَيِيَّاً، فلم يذكر السبب الحقيقي للفصل، بل قال إنهم سُرحوا لأسباب تمس النزاهة!. وبالنظر إلى أن العرب عامة، والسوريين خاصة، يبحثون، منذ فجر التاريخ، عن تعريف جامع مانع للنزاهة، من دون أن يعثروا على ضالتهم، فقد ضاع دمُ هؤلاء المساكين بين القبائل. أما زهير رمضان، فحينما سئل عن سبب فصل هؤلاء القوم المحسوبين على الحركة الفنية السورية العظيمة، أبدى كثيراً من الاستعلاء و(المنفخة)، إذ قال إنه لا يريد أن يذكر أسماء هؤلاء المحتجين على الفصل، لئلا يُعْلي من شأنهم!.. وسبب ازدرائه لهم أنهم انتقصوا من سيادة الوطن ورموزه، والعَلَم السوري، ومقام السيد رئيس الجمهورية، رمز الوحدة الوطنية، الرئيس المنتخب من الشعب السوري! ولم ينس زهير أن يُذَكِّر هؤلاء المارقين بأن الديمقراطية المتمثلة بالتعددية الحزبية كانت موجودة في سورية من أيام القائد الخالد حافظ الأسد. (انظر موقع DRnews).
في تداعيات هذا القرار البطولي الذي ينتصر لمحور الصمود والتصدي والممانعة، ويقف في وجه الإمبريالية والصهيونية والرجعية، نذكر أن الشاعر سامر رضوان، مؤلف المسلسل الشهير "الولادة من الخاصرة"، أراد أن يدافع عن زملائه المفصولين (المساكين!) فأبدى استعداده لأن يدفع عنهم الاشتراكات المتأخرة، عسى أن تعاد إليهم العضوية في نقابتهم العزيزة! وبالطبع، هذا ممكن، لأن زهير قلبُه كبير، وطيوب، لكنه، بالتأكيد غير قادر على بحث موضوع الفنانين المعتقلين، والفنانات المعتقلات، فهذا شأن يعود تقديره للقيادة الحكيمة التي تؤمن بالديمقراطية والتعددية الحزبية من أيام القائد التاريخي المذكور آنفاً.