اللغة العربية في قطر

01 فبراير 2015

حروف عربية (إنترنت)

+ الخط -
موجز الخبر أن ثمّة مشروع قانون لحماية اللغة العربية في قطر، اطلع عليه مجلس أمناء المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية في اجتماعه، الأسبوع الماضي في الدوحة، أفاد رئيس مجلس أمناء المنظمة، عبد العزيز السبيعي، بأنه يحقّق ما نصّت عليه المادة الأولى للدستور القطري، ويؤكد القرارات الرسمية لمجلس الوزراء بشأن احترام اللغة العربية والمحافظة عليها، والملزمة لجميع المؤسسات التربوية والتعليمية والأكاديمية والعلمية، ووضعها موضع التنفيذ، "للحد من الاستهتار والتمادي على لغة الوطن والأمة، أسوة بما هو معمول به في الدول المتقدمة". وبعد تقديرٍ واجب للخطوة التشريعية المرتقبة هذه، نجدنا مضطرين إلى استعادة الكلام إياه، عن المسافات بين النصوص والواقع في بلادنا العربية، ويُؤمل أن تمضي دولة قطر في اتجاه إقرار مشروع القانون المطروح، وإنْ بتعديلاتٍ قد يراها أهل الاختصاص لازمة، ثم في التشدّد بتطبيقه بمنطق العقاب والجزاء، لأن حال اللغة العربية في قطر بالغ السوء، كما في دول الخليج عموماً، ليس فقط للوجود المهول للعمالة الأجنبية، (الآسيوية خصوصاً)، بل أيضاً للشعور العام والواسع بين الناشئة والشباب من أهل الخليج بأن استخدام العربية يؤشر إلى مكانةٍ متدنية، فيما الحديث بالإنجليزية يدل على تميز اجتماعي ومعرفي. والأخطر أن تأثير العمالة المنزلية في دول الخليج العربية مريع، وكانت دراسة قد أفادت بأن 90% من الأطفال الإماراتيين يعانون من صعوبةٍ في نطق الحروف العربية، وأن 95% يعانون من محدودية مفرداتهم العربية، بسبب تعاملهم اليومي مع الخدم، من مربيات وسائقين وطباخين ومزارعين. وكشفت دراسة أخرى أن 89% من أسباب ضعف اكتساب الطفل في دول الخليج اللغة العربية تعود إلى العمالة المنزلية.
لا شطط في القناعة بأن اللغة في أي دولة تقع في صميم الأمن الوطني، ولا حاجة، هنا، لتأكيد البديهي أن امتلاك اللغات الأخرى ضرورة لا نقاش فيها. ولا تزيد في الزعم أن حماية العربية، بل إنقاذها، تتطلب قرارات تنظيمية واجبة التطبيق وبتشدد. وإذ أكدت هذا الأمر مؤتمرات قمم عربية، (منها قمتا دمشق والدوحة مثلا)، وإذ ثمّة قرارات حكومية وتوجيهات عليا ملزمة (في قطر والإمارات وغيرهما)، وإذ من تقاليد مؤتمرات وزراء الثقافة العرب أن تسهب في ذلك كله، كما في "إعلان الرياض" الشهر الماضي، فذلك كله لا يبدو واقعاً متحققاً بالكيفية اللازمة. ومن شأن قانون في قطر أن يعين في حل ما توصف، بحق، أنها مصيبة كبرى تلحق بالعربية في بلادها، ونظن أن إجراءات قانونية وتشريعية، في هذا المسار، أكثر أهمية من مؤتمرات وفيرة صارت تعقد في غير بلد عربي، تنشط بنيّات طيبة، وجهود محمودة، في التنبيه إلى تمثيلات المصيبة الموصوفة، وفي طرح مقترحاتٍ وخطواتٍ عملية وواقعية في هذا الشأن. وفي البال أن مشروع قانون قدمه مجمع اللغة العربية في الأردن، قبل نحو عشرين عاما، لم يحظ بعد بنظر الحكومات المتعاقبة فيه، وطرحه على مجلس النواب. كما أن "مشروعاً وطنياً للدفاع عن اللغة العربية" في الأردن ينشط، في خصوصه، خبراء وعلماء ومختصون، وهناك "خطة وطنية" في سورية في هذا الأمر، أعلن عنها، قبل سنوات.
تستحق هذه الجهود (وغيرها) الثناء والتقدير، وكلها تلح على الحد من استخدام الإنجليزية في المكاتبات والمعاملات في إدارات ومؤسسات وهيئات وشركات عربية، وإلزام المحلات والمطاعم والفنادق بحضور العربية وعدم الاكتفاء بالإنجليزية التي ينبغي منع التسميات بها لمؤسسات ومنشآت عربية. ونظنه الإفراط في الاستخفاف بالعربية، واعتبار قضيتها ثانوية، والغلو في قلة احترامنا لغتنا، جعل اليونسكو تعد العربية لغةً قابلة للاندثار، واستدعى من أدونيس قوله، مرة، إن موت العربية فرضية ينبغي النظر فيها، ومن محمد بنيس أن يراها تحتضر في دول المغرب العربي.

معن البياري
معن البياري
رئيس تحرير "العربي الجديد"، كاتب وصحفي من الأردن، مواليد 1965.