ونزل العشرات من الفلسطينيين إلى الشارع بشكل عفوي احتفالاً بالمصالحة، ووزعت الحلوى، أما صفحات النشطاء الفلسطينيين فتغيرت من التوجس إلى الترحيب بالاتفاق، مع وجود كثير من الحذر من التفاصيل غير الواضحة حتى الآن.
على الصعيد الرسمي، وصف أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" صائب عريقات، في بيان له من واشنطن، هذا اليوم بأنه "تاريخي" في حياة الشعب الفلسطيني، وقال: "ننهي اليوم واحداً من أحلك الفصول السوداء في تاريخ قضيتنا ليفتح الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وأطيافه وفصائله الوطنية والإسلامية فصلاً مليئاً بالأمل، ويمنحه أهم أدوات القوة والتمكين الذاتي في مواجهة التحديات المحيطة به، وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي"، بينما ثمن أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، جِبْرِيل الرجوب، في تصريح له، كافة الجهود التي بذلت في سبيل إنجاز ملف المصالحة، معتبرا توقيع الاتفاق بالقاهرة بداية مهمة ومحورية وضرورة وطنية لإنهاء الانقسام.
كذلك، رحبت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، في تصريح لها، بإعلان اتفاق المصالحة، واصفة الإعلان بالنقلة النوعية في تاريخ القضية الفلسطينية، الذي سيساهم في إعادة المسار الوطني لمكانه الصحيح، وسيعمل على استرجاع حالة الوحدة الوطنية لمواجهة تحديات الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته السافرة بحق الأرض والإنسان الفلسطيني.
وأشارت عشرواي الى أهمية الالتزام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه في أسرع وقت ممكن، مشددة على أن المصلحة الوطنية تتطلب خطوات سريعة وفاعلة لمواجهة التطورات الإقليمية والعالمية.
كما رحبت حركة "الجهاد الإسلامي"، اليوم، بما تم التوصل إليه بين "فتح" و"حماس" في القاهرة، داعية إلى "اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتخفيف معاناة المواطنين، وإلغاء كافة العقوبات المفروضة في الضفة وغزة، بما فيها وقف الاعتقالات السياسية والملاحقات الأمنية".
وتوجهت "الجهاد"، في بيان، بالشكر لمصر على جهودها ورعايتها للحوارات الفلسطينية - الفلسطينية، وطالبت كذلك بـ"استكمال الحوارات حول باقي الملفات الوطنية الهامة، وبناء استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الاحتلال، وتحقيق الأهداف الوطنية المتمثلة بالعودة والتحرير والاستقلال".
الفرحة المشوبة بالحذر لم تمنع أيضاً النشطاء من نشر التهاني والعبارات المؤيدة لاتفاق المصالحة، وتصاميم الوحدة الفلسطينية، إلى جانب الأمنيات بوقف جميع الاعتقالات السياسية والتراشق الإعلامي، والالتفات لمصالح الوطن والمواطن، والتحشيد الوطني والدولي لمساندة قضية فلسطين، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
الصحافية، فوزية الحلو، قالت إن "الشعب الفلسطيني وحده من يدفع ضريبة الانقسام الذي استمر لسنوات طويلة، وإن هناك نوايا جدية لدى أطراف الانقسام بتحقيق الوحدة الوطنية، خاصة بعد أن وصل بعض دعاة الانقسام إلى طرق مسدودة، دفعتهم إلى الرضوخ لمطالب الشعب الفلسطيني".
أما الصحافي، حسن النخالة، فأوضح أن الشعب الفلسطيني "كان وما زال يتوق لهذه اللحظة، غير أنه ما زال فرحا بحذر، يترقب أن يرى ثمارها على أرض الواقع لا في المؤتمرات الصحافية"، وشاركته داليا مقداد، بالقول "مش حاسة غير أنه بدي يفتحوا المعبر بأسرع وقت عشان ألحق أشوف أمي المريضة قبل ما يفوت الأوان".
الناشط زهير الآغا بدا متفائلاً بشكل كبير، فكتب "بعد خبر إتمام المصالحة، بتنا نشعر بذاتنا، بكرامتنا، بوطنيتنا، بأصولنا، وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا، كذلك نشعر أن هناك جرحاً أكبر من الانقسام، وهو الاحتلال الإسرائيلي، وعلينا أن نكون يداً واحدة لمواجهته".
أما الناشط، محمد الغز، فتحدث عن "حالة الحيرة" التي تصيب الشباب، قائلاً بلهجته العامية: "مش مصدقين إنه في أخبار حلوة؟ معقول رح يصير في شي؟ مش متعودين على الإيجابية والأخبار الحلوة"، بينما قالت الناشطة، زينة المشهراوي: "اللي جاي أحلى.. مع النوايا الحقيقية بعد 11 سنة من الصبر".
الحذر والقلق لم يغيبا عن مشاركات النشطاء والإعلاميين الفلسطينيين نتيجة التجارب السابقة، والتي عُرقلت بعدها المصالحة، إذ تمنى النشطاء أن يكون اتفاق القاهرة "الاتفاق الأخير"، وأن تشهد بنوده تطبيقاً على أرض الواقع، وأن يلمس المواطن الفلسطيني التغييرات الإيجابية.
الناشط، عطية الوادية، قال إن "هذه التجربة مررنا بها مسبقاً، وهو فرح يتلوه حزن بسبب عدم التنفيذ الميداني للتفاهمات الموقعة، أعتقد نتروى قليلا لنرى مصداقية ما تم الاتفاق عليه وقد طبق في الميدان فعليا"، ووافقه في الرأي إبراهيم جعرور، الذي قال: "بدنا نشوف بالعين أولاً".
وذهب الناشط، رشاد عيسى، إلى مطالبة حركتي "فتح" و"حماس" بالاعتذار من الشعب الفلسطيني، والقدس، والأرض، وأن يعتذرا للمرضى والبيوت المهدمة والجرحى، والعائلات التي فقدت أولادها، كذلك للمصابين، وللشباب نتيجة ضياع نحو 11 عاماً من أعمارهم في الانقسام، موضحاً، في الوقت ذاته، أن تحقيق الوحدة الفلسطينية "شعور جميل وإيجابي".