إدمان التسوق

15 يناير 2015
هوس المرأة (Getty)
+ الخط -
كانت هي وزوجها موظفين برواتب معقولة، تسمح لهما بأن يكونا من الطبقة الوسطى، وباستئجار شقة في منطقة راقية في بيروت، وبوضع ولديهما في مدرسة خاصة تؤمن تعليماً ممتازاً.

كانت الأمور لتكون مريحة في حياة الزوجين الشابين لولا هوس وإدمان الزوجة التسوق. فمع بداية كل موسم كانت "تبخشش" ثيابها "القديمة" التي اشترتها في الموسم الفائت، لتشتري أخرى جديدة.

لم تكن تقوى على ارتداء القطعة مرتين، وكانت الثياب التي تشتريها من ماركات عالمية غالية، لا تتناسب مع مدخولها ومدخول زوجها، فتلجأ بكل بساطة إلى استدانة المال من أقاربها وصديقاتها بالسر عن زوجها طبعاً.

هذا النوع من الهوس بالتسوق هو في الحقيقة مرض نفسي، ويُعرف علمياً بـ "اضطراب الشراء القهري". ومن الممكن علاج هذا المرض، لولا أن غالبية المصابين به لا يعون حالتهم أو أنهم ببساطة ينكرون وجودها.

وقد يظن بعضهم أن إدماناً كهذا موجود بين النساء فقط، إلا أنّ الإحصاءات والدراسات الحديثة تظهر تفشيه بين الجنسين على السواء، وأن عدم ملاحظته بوضوح لدى الرجال يعود إلى نوعية المشتريات التي يدمنون عليها كالسيارات والإلكترونيات والمعدات الكهربائية. بينما يتوجه هوس الشراء لدى النساء نحو الثياب والأحذية والإكسسوارات. ومن المفاجئ أيضاً أن إدمان التسوق يصيب الطبقات الدنيا أكثر من الأغنياء!

ليس بالضرورة أن يقوم مدمنو التسوق بالشراء، والحصول فعلياً على الأمور التي يرغبون في شرائها. فالكثير منهم، وخصوصاً النساء، يمارسن التسوق من خلال النظر إلى الواجهات فقط. فقد تجد امرأة تمضي نهارها كاملاً في استطلاع واجهات المحلات التجاريّة، وقد تدخلها للتجريب في كل محل تمر به من دون شراء شيء، الأمر الذي يزيد حدة إحساسها بالفراغ وعدم الاكتفاء، ويعتبر نوعاً من جلد الذات وعقاب النفس.

ومدمنة التسوق هي في الغالب غير راضية عن هويتها وحضورها شكلاً ومضموناً ومكانة، فتلجأ إلى اقتناء أشياء تساعدها على تحسين الوضع الذي يشعرها بالإحباط، فتدخل في فورة من التسوق، تبدو أثناء حصولها، كأنها تخلصها من التوتر والقلق وعدم الرضى الذي سرعان ما يتحول إلى شعور بالراحة لفترة وجيزة.

لكن ذلك ما يلبث أن يدخلها في إحساس بالذنب، خصوصاً حين تنتبه إلى كمية المبالغ التي أنفقتها على أشياء لن تستعمل غالبيتها، لأنها إما غير عملية أو لا تليق بها أو... أو... فالهدف من الشراء هو عملية الشراء ذاتها، التي تنتج الديون فقط.

المرأة التي أوصلت علاقتها بزوجها إلى الطلاق بسبب إدمانها التسوق. كانت تجلس وزوجها، قبل حصول الطلاق بفترة وجيزة، مع العائلة والأصدقاء الذين كانوا يحاولون أن يصلحوا بينهما. في أوج الحديث عن المشاكل المتراكمة والحلول، ومن خلال دموعها المنهمرة، شهقت الزوجة، فظن الجميع أن أمراً جللاً قد حصل، ونظرت إلى ابنة خالتها، قائلة "رائع لون أحمر شفاهك! ما هي ماركته ومن أين اشتريته؟" سكت الجميع... قال الزوج "فالج لا تعالج"... وحصل الطلاق.
المساهمون