صورة دونالد ترامب تحت العلم وتسليع الاغتيال

17 يوليو 2024
التقط الصورة الفوتوغرافي إيفان فوشي (ويليام ويست/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **انتشار صورة ترامب ونظريات المؤامرة**: صورة ترامب التي التقطها إيفان فوشي انتشرت بسرعة وأثارت نظريات مؤامرة، وقورنت بأعمال فنية وسخر منها البعض بوضعها على أغلفة ألبومات موسيقية، مما يعكس طبيعة الاستهلاك في أمريكا.

- **السخرية والسلعة في حياة ترامب**: السخرية كانت رد فعل موازٍ لنظريات المؤامرة، وانتشرت مقاطع فيديو ساخرة من محاولة الاغتيال، مما يعكس سيرة ترامب الرئاسية التي تتسم بالسلعة والسخرية.

- **ردود الفعل والتبعات السياسية**: بعد محاولة الاغتيال، أسقطت التهم الجنائية عن ترامب، مما أثار تساؤلات حول التوقيت. لم يأخذ كثيرون محاولة الاغتيال بجدية، واستخدمت كلمات مثل "إطلاق نار" و"العنف السياسي" بدلاً من "محاولة اغتيال".

سارعت وسائل التواصل الاجتماعي لتداول صورة دونالد ترامب التي دخلت التاريخ، تلك التي التقطها مصور وكالة أسوشييتد برس إيفان فوشي، وبدأت حولها التحليلات بشأن توزّع العناصر الممتاز. وفي الوقت ذاته، هناك نظريات المؤامرة حولها، لتُختصر بعبارة: "لو أن هذه الصورة مركبّة أو مخطط لها لما ظهرت بهذا الشكل".
يقابل الخبر الذي تطوّر لحظةً بلحظة، تلك السخرية التي لم تتوقف، إذ قورن ترامب بالرسام فان غوخ، الذي قطع أذنه، كون ترامب أيضاً جرحت أذنه، وآخرون وضعوا صورته على غلاف ألبوم الرابر فيفتي سنت المعنون بـ"كن غنياً أو مت وأنت تحاول"، في إحالة إلى الحادثة الشهيرة التي وقعت مع الرابر، الذي نجا بعد إطلاق النار عليه عدة مرات.
السخرية كانت رد الفعل الموازي لنظريات المؤامرة وتحليل الصورة. وبدأت تنتشر مقاطع فيديو ساخرة من عملية الاغتيال، لكن ما يعكس طبيعة أميركا هو الاستهلاك، الذي اتضح بإطلاق قمصان تحمل الصورة التاريخية وبيعها في المتاجر. ولا يُستغرب ذلك من ترامب، الذي يبيع صور اعتقاله لمن يريد. رأس المال دوماً يتحرك، ولا يتوقف حتى أمام محاولة اغتيال الرئيس.
السلعة والسخرية، ربما هذا ما يختصر سيرة ترامب الرئاسيّة، خصوصاً مع أحاديث أنه سيفوز في الانتخابات، ويحقق نبوءات The Simpsons، التي تنبأت باغتياله، لكن الفيديو مزيف والنبوءة مزيفة ونفاها منتج المسلسل. في عالم ترامب، الحقيقة والمؤامرة والأخبار المزيفة تتوازى بعضها مع بعض، وكلها تمثّل مصادر للحكاية الترامبيّة.
سمعنا ما قاله ترامب بعد إطلاق النار عليه. بحث عن حذائه، وكأنه لم يرد أن يمشي حافي القدمين. وحين كان تحت الحرس الرئاسي، يقول إيفان فوشي: "بدأت أفكر، ما الذي سيحدث لاحقاً؟ إلى أين سيذهب". وهنا حصل ما لكم يكن متوقعاً، وقف الرئيس السابق، الذي تدور انتقادات حول عمره المتقدم، ورفع يده هاتفاً: "قاتلوا، قاتلوا".
المصادفة أنه بعد يوم من الحادثة أسقطت التهم الجنائية عن ترامب الخاصة بحيازته وثائق سرية في مكان سكنه، لا نعلم إن كانت مصادفة أم لا، لكن التوقيت هنا له معناه.
كثيرون لم يأخذوا محاولة الاغتيال على محمل الجد بدايةً، أو على الأقل لم تذكر كلمة "محاولة اغتيال"، كما في تغريدة بايدن الأولى، الذي وصف الحدث بـ"إطلاق نار"، أو باراك أوباما الذي وصف ما حدث بـ"العنف السياسي". كلمات يرى بعضهم أنها محاولة للوقوف بوجه دونالد ترامب وحرمانه "شرف" أن تلتصق كلمة محاولة اغتيال باسمه، ما سيكسبه أصواتاً وتعاطفاً لا نعلم إلى أي حد مداهما.
مستوى السخرية نراه أوضح في حفل موسيقي أحياه الممثل الأميركي جاك بلاك مع فرقته، وقال فيه علناً: "لا تخطئوا ترامب مرة أخرى"، الأمر الذي لا نعلم تبعاته، كون المزاح حول موضوع الاغتيال السياسي في أميركا ذا عواقب وخيمة، كما حدث مع الكوميديّة كاثي غريفين عام 2017، حين حملت رأساً مقطوعاً يمثل ترامب، ما أدى إلى جدل واسع انتهى بـ"إلغائها" وخروجها علناً لتعتذر لأنها "تجاوزت الحدّ".

لا جدل أن صورة دونالد ترامب ستدخل التاريخ، ومحاولة الاغتيال ستولد نظريات مؤامرة ستطغى على حقيقة ما حدث، خصوصاً أمام شح المعلومات حول من يكون مُطلق النار توماس ماثيو كروكس، وامتلاء الإنترنت بفيديوهات مزيفة يظهر فيها شخص يشبهه يلقي بياناً عن كراهيته للجمهوريين. كل هذا وترامب لم يصبح رئيساً بعد، وصحة بايدن تتدهور، فإن كانت صورة بايدن أمام العالم هي صورة لعجوز لا يقوى على النطق، فإنّ غريمه الآن مجرم مدان، ذو صورة دخلت التاريخ، وستمحى من الأذهان بسهولة.

المساهمون