علي الهلباوي: الانشاد الديني أصل المغنى

12 يونيو 2016
المنشد علي الهلباوي (معتز عنتابي)
+ الخط -
علي الهلباوي، المطرب والمُنشد المصري الشهير، في بيروت، وهو يشارك يومياً في الفقرة الغنائية لبرنامج "لمّتنا أحلى" الذي يعرض يومياً ما عدا السبت على شاشة شبكة "التلفزيون العربي". يقول علي الهلباوي حول مشاركته إنها المرة الأولى التي يقضي فيها رمضان بعيداً عن مصر، بعدما طُلب من إدارة البرنامج للمشاركة في فقرة الغناء الإنشادي اليومية للبرنامج، واتفق معه على إنشاد وتقديم مجموعة من الأعمال الخاصة، ومنها "السيرة الهلالية"، إضافة إلى أناشيد وبعض الأغنيات والأدوار والتواشيح، إضافة إلى فن "المونولوغ" الذي، برأي علي الهلباوي، يتجه إلى الانقراض، دون أسباب وجيهة سوى الهروب إلى عصر الاستهلاك الغنائي الذي يسيطر على عالمنا العربي.


يقول علي الهلباوي: "تأثرت بداية حياتي الفنية بعدد من المقرئين، ومنهم الأساتذة محمد عمران، ومحمد رفعت، وموسيقياً كان تأثري بالفنان الكبير صباح فخري واللبناني وديع الصافي، هؤلاء وضعوا أمامي قواعد وأسس الغناء، ولا زالوا حتى اليوم مرجعيتي في أي عمل أقدمه".
يذكر الهلباوي أنه دخل عالم الإنشاد وهو في السادسة من عمره، وكان على مقاعد الدراسة بعدما تأثر بوالده المنشد المعروف محمد الهلباوي، الذي حمّله هذه الموهبة الصوفية والطريقة الحميدية الشاذلية، في الغناء والإنشاد. بعدها، يتابع علي الهلباوي، بدأت اشق طريقي الفنّي بنفسي، ولم أحصر صوتي بالإنشاد الديني فقط، بل كان اتجاهي غنائي، بعيداً عن الإسفاف، وعصر الاستهلاك، ولا زلت حتى اليوم أبحث في الحفلات التي أقدمها عن القصائد والشعر "العفيفي" المبني على الموسيقى البسيطة، والأداء السليم. يتابع: ومن قال إن العصر لا يفضّل هذا النوع من القصائد أو الأغنيات، على العكس تماماً، لا زلنا نحصد في أمسياتنا الغنائية أو الإنشادية أكبر عدد من الناس وهم من مريدي هذا الفنّ.

في العام 2011، نال علي الهلباوي جائزة لأفضل أغنية قدمها في فيلم "ميكرفون" في مهرجان السينما الدولي في القاهرة، هذه الأغنية والفوز فتحا أمامه الطريق لجمهور أكبر شاهده في الفيلم، أثنى على موهبته، وشكلا بالنسبة له انطلاقة جماهيرية كانت أكثر تداولاً من كونه مغنياً أو منشداً في بعض الحفلات، ويقول: دخلت الأوبرا المصرية، وقدمت حفلات كثيرة، ما ثبّت حضوري أكثر في أذهان الناس.

يقول الهلباوي: حاولت أن أمزج بين الإنشاد الديني ومجموعة من الأدوار أو الموشحات التراثية في الحفلات التي أقدمها، وهذا المزج كان السبيل الوحيد لنجاحي، في القاهرة وخارجها، حتى قررت أنا والمرنم القبطي ماهر فايز، إقامة مجموعة من الحفلات، وحملت عنوان "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، وكما توقعنا، لاقت الحفلات نجاحاً وتفاعلاً من الناس، وجمعت النغمات بين الطوائف، خصوصاً بعد الفترة السياسية والأمنية الحرجة التي عاشتها مصر، ويعيشها العالم العربي، كان توجهنا موحّداً إلى الله. وكانت ردود الفعل على ما نقدمه مشجعة جداً، لذلك تابعنا هذه المسيرة، حتى وصلنا فرانكفورت الألمانية وقدمنا حفلات في الإنشاد الصوفي وحصدنا نجاحاً غير متوقع. لم تكن مستغربة كيفية تجاوب الناس مع ما نقدم، إلّا أن حسن الصوت والموسيقى التي نحملها إلى العالم كانت بمثابة لغة جامعة لجمهور لا يتقن العربية. هناك تأثرتُ جداً بردة فعل وزيرة السياحة الألمانية التي دخلت علينا وكانت إلى جانب القنصل المصري، وأثنت على حسن أدائنا، حتى أنها بكت وقالت "ما يخرج من القلب ذهب إلى القلب، لقد أخذتنا إلى عالم ندرك معناه ولا ندرك مداه".

وحول المشاريع الجديدة التي يُعدها، يقول علي الهلباوي: "أنشأنا نقابة للإنشاد الديني وأسسنا مدرسة لهذا الفن والنوعية من الأعمال، وأشارك على نطاق موسمي في لجنة تحكيم خاصة تجوب كل المحافظات المصرية لاختيار مجموعة من الأصوات الشابة ومساعدتها على الدراسة لفن الأداء، وتشجعيهم للالتفاف حول الإنشاد الديني، فهذا يهذّب كل المواهب الشابة، وهو على علاقة باللغة والنغم، وعلى كل منشد أو صاحب موهبة غنائية أن يتعلّم ويكتسب خبرة في عالم الموسيقى والنوتة.

عن الأسلوب الغنائي الطربي المختلط الذي يقدمه، يقول: "كل مغن يجب أن يدخل مدارس أصول تعلُّم الغناء عن طريق القواعد الأساسية، ومنها التجويد، فوالدي قدم بحوثاً علمية وما يُعرف "بالتصوير النغمي للنصّ"، وتأثري بذلك هو ما دفعني لتقديم هذه الأعمال وتركيب المقامات، فالشجن مثلاً الذي يجسّد الحزن أقدمه بطريقة بعيدة عن "البكائيات"، بل أذهب باتجاه الفرح أكثر، فنبدأ أحيانا في حفلاتنا ببعض الأناشيد ثم نتجه للغناء، وأتقصّد تقديم "مونولوغ"، لأنني أريد إحياء هذا الفن التراثي الجميل الذي اشتهر به الفنان الراحل محمد شكوكو، ثم أؤدي الموشحات والقدود الحلبية، مثل "قل للمليحة" وما شابه، فأحصد ردود فعل الجمهور وتفاعله الظاهر بعد فترة من الانسجام الصوتي بداية، وهذا توجه لكل الأذواق الحاضرة في الحفل.


وحول ما إذا كان هذا النوع من الفنّ يحقق إيرادات مالية كبيرة، على غرار المغنين العاديين، يقول الهلباوي: لا تبحث كثيراً عن الثراء المالي عندما تدرك أنك تقدم فنّاً باقياً، لا بل هو من أصول الغناء العربي.
وحول تعاونه في شهر رمضان مع "تلفزيون العربي" في أمسيات برنامج "لمتنا أحلى"، يقول: هي المرة الأولى التي أطل فيها لفترة أسبوعين متواصلين في شهر رمضان. هي تجربة جيدة جداً وتُسهم إلى حد ما في تعريف الناس بهذا الفنّ نظرا لما يحققه البرنامج من مشاهدات عالية وتفاعل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.
دلالات
المساهمون