عندما تتحوّل البيتزا إلى حلم

04 يناير 2016
سرّ البيتزا في العجينة (GETTY)
+ الخط -



مطعم حميم، ديكوره خشبي، أجواؤه هادئة ورومانسية. تتربع المدفأة في الصدارة تبعث الدفء شتاءً، وتجعل الزائر يسرح بهندستها إذا قصده في الصيف.

يعتذر المطعم من المدخنين ومحبي النرجيلة بلباقة عند الباب، ومن مدمني التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي كذلك. فالمكان غير متصل بالشبكة العنكبوتية، وعلى قاصده أن يستبدل حاسوبه أو جواله بكتاب أو بصديق.

المطعم متخصص بتقديم البيتزا. يفتح بابه المحاط بالنباتات والأزهار ظهراً ليقدم وجبة الغداء وبعدها العصرونية ويودع زواره بعد وجبة العشاء. هو فسحة للقاءات العائلية والأصدقاء واجتماعات الأصحاب بعد الاشتياق، والمناسبات المفعمة بالشغف وحب اللقاء.

ليس لهذا المطعم عنوان حتى الآن. فهو لا يزال فكرة مرسومة ومحفورة في بال صاحبته بانتظار التنفيذ.

ولكن هل يعقل أن نتحدث عن فكرة لم تولد بعد، ونخبر الناس عن مشروع لا يزال افتراضياً؟ لمَ لا، ما دام أنه المشروع الحلم الذي يراود صاحبته اللبنانية بدرية حيدر، والذي تأمل بتحقيقه بعد تقاعدها خلال سنوات. ولمَ لا، كونه مشروعاً يبعدها عن أجواء الحرب والسياسة والمشاحنات والتوتر، وينقلها إلى عالم مغاير، مسالم ومريح، ويكون المكافأة بعد مشوارها الطويل في الوظيفة.

ولدت الفكرة عند بدرية عندما كانت لا تزال طالبة، فلطالما تميزت بإعداد البيتزا لزميلاتها، ولاحقاً بعد تخرجها واتساع دائرة أصحابها ومعارفها في الجامعة وفي العمل. كانت تتبرع بإعداد صواني البيتزا في السهرات واللقاءات، حتى صارت البيتزا من اختصاصها ومن نصيبها دوماً عندما يتقاسم الجميع أصناف الأطباق التي سيحضرونها في المناسبات التي تجمعهم.

هذا الرابط بين بدرية وطبقها المميز جعل الأصدقاء يطلقون على البيتزا خاصتها "بيتزا بادو"، وبادو هو الاختصار لاسمها. فقد كان استمتاع الحاضرين بما تعده دوماً يجعل الحديث يدور تباعاً حول ضرورة تفكيرها جدياً باستغلال موهبتها وشغفها في تحضير البيتزا، عبر مشروع عملي يمنح الكثيرين تجربة تذوق ممتعة، لطبق يلقى الحظوة عند أغلب الناس.

اقرأ أيضاً: ألف دولار... إكرامية "فتى بيتزا" الأوسكار

ولكن هل يستحق "بيتزا بادو" حقاً أن يكون علامة تجارية مثبتة فوق المطعم "الحلم"؟

من يتذوق البيتزا التي تعدها يتوقع النجاح للمشروع. فقد كان طبق البيتزا حاضراً خلال حديثنا مع السيدة الطموح. ومع الاستماع إلى شرحها عن ميزات طبقها، كنا نتلذذ بقضم العجينة الهشة، ونشم روائح المكونات التي تغطيها والجبنة الذائبة التي تكسوها.

وعن طريقة إعدادها للبيتزا تقول إن السرّ في العجينة لأنها الأساس، أما المكونات فيمكنها أن تتغير وفقاً لرغبات الشخص، فيضيف المكون الذي يحبه ويستبعد ما لا يرغب بتناوله. ولا تكشف لنا طريقة إعداد العجينة لكنها تقول إنها لا تضيف لها الزبدة أو الحليب كما يفعل البعض.

وتخبرنا بأن تحضير العجينة في الشتاء يحتاج إلى ليلة كاملة حتى تتخمر جيداً، في حين أنها لا تتطلب في الصيف أكثر من ساعتين. وتمدّ العجينة وترقّها في الصواني المدهونة بالقيل من الزيت، وتتركها قليلاً حتى ترتاح وتتمدد.

أما الصلصة التي تغطي بها العجينة فتحضرها من البندورة الناضجة المقطعة التي تغليها مع القليل من الماء. وعندما تذبل تضيف إليها الزعتر البري اليابس، الأوريغانو، الحبق، البقدونس والقليل من الملح. وعندما يصبح قوام المزيج المغلي كالصلصة، تضعه فوق العجينة، لتبدأ بعدها بوضع المكونات التي يتم اختيارها حسب الرغبة.

وعما تعتمده من مكونات مضافة، تذكر الزيتون المقطع والفطر المقطع والفليفلة الخضراء والذرة وجونبون الحبش أو البقر، الأرضي شوكي. أما بالنسبة للجبنة فتنصح بالابتعاد عن الموزاريلا التي تتحول إلى طبقة من الجيلاتين، واعتماد الغرويير المبشورة والخالية من الدسم.

في نهاية لقائنا مع بدرية أو بادو كما يناديها أهلها والأصدقاء، وعدتنا أن نكون من أوائل المدعوين لافتتاح مطعمها المرتقب.

اقرأ أيضاً: البيتزا بالزعفران والسوشي بالتمر

المساهمون