استمع إلى الملخص
- فيلم "كابو نيغرو" (2024) للمخرج عبد الله الطايع، يعرض في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي، ويركز على حياة الصديقين سندس وجعفر في فيلا فاخرة، ويتناول موضوعات مثل الهجرة غير الشرعية.
- القصة تبدأ بغياب جوناثان، أستاذ جعفر، مما يدفع الصديقين لاستكشاف حياتهم اليومية في المنتجع، ويعرض الفيلم علاقات معقدة وأحداثًا متشابكة بلغة بصرية وكلامية بسيطة.
"كابو نيغرو" منتجعٌ يُطلّ على البحر الأبيض المتوسّط، في الساحل الشمالي للمغرب، يشتهر بمطاعم راقية، وشواطئ ومناظر طبيعية جبلية. يُقال إنّه مقصدُ أثرياء من المغرب ومن خارجه.
هذا يظهر، قليلاً ومواربةً، في "كابو نيغرو" (2024)، للمغربي عبد الله الطايع، المُشارك في مسابقة "بروكسيما"، في الدورة الـ58 (28 يونيو/ حزيران ـ 6 يوليو/ تموز 2024) لـ"مهرجان كارلوفي فاري السينمائي". فالنواة الدرامية معقودةٌ على ما يعيشه الصديقان سُندس (أميمة بريد) وجعفر (يونس بايج)، في أيامٍ متتالية، في فيلا جميلة، وحيّز جغرافي هادئ، ومساحات طبيعية يظهران فيها ليلاً أو نهاراً.
إحدى ميزات "كابو نيغرو" كامنةٌ في مدّته المقبولة للغاية: 76 دقيقة. هذا يُزيل ثرثرةً، ويُكثّف مساراً يكشف أحوال صديقين، ومحيطِين بهما. يوميات صيفية في منتجع ساحلي، يمضي أثرياء فيه وقتاً لراحةٍ واستجمامٍ، ويأتيه الصديقان لتمضية وقتٍ مع حبيب جعفر، المتواري عن الأنظار، في فيلا يملكها رجلٌ حادّ الملامح. صُورٌ مستلّة من واقع، تقول أشياء، وتعرّي أفراداً، وتوارب في إضاءة حالة آنية، تتمثّل بـ"حرّاقة"، أي أولئك المهاجرين والمهاجرات إلى أوروبا، عبر الساحل الشمالي الأفريقي هذا، الذين يحرقون كلّ شيءٍ وراءهم قبل المغادرة المرجوة.
المدّة هذه يُفترض بها أنْ تصنع مطلوباً، درامياً وجمالياً ومعاينةً، غير مملّ وغير فارغ. فللحكاية خصوصية، يختارها عبدالله الطايع من دون افتعالٍ أو تصنّع، بل بكثيرٍ من الشفافية، والبحث عن أبسط المفردات، البصرية والكلامية، لتعبيرٍ أو بوح أو سرد. لكنْ، هناك ما يشي بملل (الروتين اليومي مُصوّر بتكرارٍ، مع أنّ هناك لقطات تُجدِّد السياق بحكايات، بعضها غير متشابه مع بعضه الآخر)، وبشيءٍ من فراغ (لحظاتٍ عدّة تحثّ على طرح سؤال: ماذا بعد؟).
أمّا سُندس وجعفر، فيعكسان كلّ ما يحتويه نصّ (السيناريو للطايع) يبدو أنّه راغبٌ في تناول مسائل كثيرة، مع عدم تورطّه في الغوص العميق بكلّ مسألة على حدّة.
كلّ شيءٍ يبدأ من غياب جوناثان، أستاذ جعفر الذي (جعفر) يُغرم به، فالشاب مثليّ الجنس كما سُندس، عاشقة نادية (يظهر جوناثان ونادية لثوانٍ قليلة، الأول في اتصال فيديو، والثانية في صور فوتوغرافية). يصل الصديقان إلى الفيلا، لكنّ جواناثان غائب. لا يردّ على الاتصالات الهاتفية. لا أحد يعرف شيئاً عنه، وعن سبب اختفائه، قبل ذاك الاتصال الذي يطلب فيه من جعفر عدم التواصل معه نهائياً. نادية ستفعل ذلك أيضاً، ففي لحظةٍ، تكشف سُندس أنّ حبيبتها غير راغبةٍ فيها.
الغياب دافعٌ إلى سرد حكايات يومية من مدينةٍ سياحية، وبعض الحكايات تختزل أحوال أفرادٍ عابرين. في لحظة أخرى، تعثر سُندس على كتاب DreamFactory، فتتفحّصه مع جعفر: صُور ممثلين وممثلات مصريين (سعاد حسني وفريد شوقي وعماد حمدي)، وملصقات أفلامٍ مصرية عدّة. للحصول على مالٍ يُعينهما على تمضية أيامٍ عدّة، بعد أنْ يُسمَح لهما بالبقاء في الفيلا، يُمارس جعفر الجنس مع رجال، بعضهم يريد سندس في الوقت نفسه. هذا غير مُصوّر، فـ"كابو نيغرو" غير معنيّ بالتقاط معروفٍ عن علاقات جنسية، مثلية وغير مثلية. لأنّ الأهمّ يظهر في سرده حكاية الصديقين، ولقاءاتهما أناساً يريدون هجرة، أو يعودون بحثاً عن قبرٍ وذكرياتٍ، أو يمارسون الجنس. الجنس هذا غير واردٍ مباشرة، والتحضير له يحتاج إلى وقتٍ قليل للغاية، قبل اختفاء المعنيّين به عن عدسة الكاميرا (تصوير جوليا مِنغو).
فيلمٌ مُسلّ، مع أنّ حكايته مهمّة، واشتغاله العادي غير نافرٍ كثيراً.