متعب سليمان… فنان سوري يحول الخردة إلى مصغرات فنية

14 يناير 2016
واظب متعب على أسواق الخردة (فيسبوك)
+ الخط -


قريبة إلى القلب، مفعمة بالتفاصيل، لا تكتفي بالنظر إليها، تدمن الغوص في أدق تفاصيلها إلى أن تقع في لحظة شك "أهي الصغيرة أم أنك العملاق". إنها الأعمال الفنية للفنان السوري متعب سليمان، الذي يحترف صنع "المصغرات الفنية"، وهو أحد الفنون القديمة، التي تقوم على تشكيل مجسمات صغيرة بتفاصيل دقيقة، لأشكال يختارها مهما بلغ حجمها في الواقع.

اهتم متعب (34عاماً) منذ الصغر بالرسم والتشكيل والحفر على الخشب، منعته ظروفه خلال فترة المراهقة من متابعة تعليمه، لكنّه واصل تعلّم أحدث التقنيات وبرامج الحاسوب المتعلقة بالرسم، واحترف مجال التصميم الثلاثي الأبعاد وتعديل الصور، وعمل بها.

انعدام فرص العمل وسوء الأوضاع الأمنية في سورية، دفع متعب للنزوح إلى لبنان، مع زوجته وولديه يوسف وفاطمة، بدأ هناك رحلة مضنية في البحث عن عمل، اضطر خلال هذه الفترة للعمل كعامل بناء لتأمين التكاليف المعيشية لأسرته الصغيرة، ثم انتقل للعمل بتركيب السيراميك والبلاط.

يقول سليمان "كنت أفكر في هذا الفن في كل لحظة خلال العمل، في كل ورشة عمل كانوا يتلفون الكثير من المواد والأدوات، بالنسبة لي كانت ذات قيمة، كنت أختبرها، وأفكر مطولاً كيف سأصنع منها قطعاً فنية".

بعد فترة، انتقل متعب للرسم ثلاثي الأبعاد، وبدأ بعرضها على وسائل التواصل الاجتماعي، واستطاع من خلالها اجتذاب كثير من المتابعين، لكنه لم يتوقف عندها، يقول "كانت تغريني جميع الأنواع الفنية المرتبطة بالتشكيل البصري الفني، بدأت بتخطيط الأسماء وابتكار طرق جديدة في الرسوم ثلاثية الأبعاد، ثم بدأت الرسم والتنقيط على الحصى البحرية، صرت أنزل يومياً إلى الشاطئ أبحث عن الحصى لأعمل عليها".


ويستطرد "ذات مرّة وخلال استعراضي لأعمال فنية عالمية، تعرفت على فن المصغّرات، أسرتني هذه القطع الصغيرة، أردت أن أصنع منها على الفور، تذكرت كل ما اختبرته على المواد المتلفة في ورشات العمل، واستفدت منه لأبدأ جولة فنية جديدة".



واظب متعب على أسواق الخردة، يبحث عما لا يبحث عنه الآخرون، ويشتريه بأسعار زهيدة، من ساعات قديمة وقطع كهربائية معطّلة، ويعود ليفككها ويستخلص ما يريده من خامات. يقول: "كنت أتلفت حولي باحثاً عن أول شكل سأصنع منه مصغراً، فوقعت عيناي على ابني وهو يلعب (بالسكوتر) قررت أن أصنع أول مصغر له، وكانت النتيجة رائعة، عرفت حينها أن هذا النوع من الأعمال هو ما كنت أبحث عنه".



استخدم متعب في أعماله المواد الصلبة كالمعدن والبلاستيك، كما استعان بمواد مطاوعة أكثر كالجبس والسيليكون والخشب، واعتمد على المخلفات الاستهلاكية كمصدر أساسي لمواده، يقول: "كل المخلفات يمكن أن تخدم أعمالي الفنية، علبة عصير أو كولا أو عبوات المياه أو نشارة الخشب، الاستفادة من المخلفات فنياً عالم واسع، واختيارها يعود لنظرة الفنان ومدى إبداعه في تحويلها الى قطع فنية، وهذا يختلف بين فنان وآخر".



ويتفق الكثير من المعجبين بأعمال متعب أن السر يقع في اختياراته، إذ يختار قطعه من الدائرة المحيطة بكل انسان، بدءاً من المدفأة الشائعة في بيوت السوريين وصنبور المياه وفنجان القهوة العربية إلى الكوسا التي باتت حديث الناس مؤخراً بسبب ارتفاع سعرها بشكل كبير. فالتوقيت من وجهة نظر متعب سر آخر.




بعد فترة بسيطة من عرض مصغراته على وسائل التواصل، فوجئ متعب بالعديد ممن يرغبون بشرائها، يقول: "تواصل معي البعض لشراء عدد من القطع، اعترضتني مشكلة التوصيل، استطعت حتى الآن بيع القطع للراغبين في لبنان أو عن طريق أقاربهم هنا".




إلا أن العائد المادي الذي يحصل عليه من بيع قطعه الفنية ليس كافياً بعد لتغطية تكاليف المعيشة، وهو ما يمنعه حتى الآن من التفرغ للعمل الفني، "ما زلت متفائلاً بالحصول على فرصة عمل في هذا المجال، حينها سأتفرغ لفني وأطوره أكثر، وستعرض هذه الأعمال في معارض وليس فقط على فيسبوك وانستغرام".

يعتزم متعب اليوم العمل على مجموعة جديدة وهي القلادات المصنوعة من أسلاك النحاس، كما يعتزم إقامة معرض لأعماله في لبنان.



اقرأ أيضاً: المشغولات اليدوية تفتح نافذة أمل للنساء الفلسطينيات
المساهمون