المخرجات الخليجيات.. أين هنّ من الدراما؟

24 فبراير 2015
يبقى الأمر رهناً بما تمنحه شركات الإنتاج للمخرجات
+ الخط -
لماذا تأخرت المرأة الخليجية عن الإخراج الدرامي التلفزيوني، رغم أن الأرقام والوقائع تؤكد أنّها الأكثر تأثيراً في رسم ملامح المشهد الدرامي التلفزيوني الخليجي، سواء من موقعها كمنتجة أو ممثلة أو كاتبة؟ 

لا يحتاج السؤال إلى كثير من الاجتهاد في البحث عن إجابة عنه، إذا ما قورن بعدد مخرجي الدراما التلفزيونية الخليجيين، نسبة لعدد المخرجين العرب في الدراما الخليجية، أو إذا ما قورن بعدد المخرجات النساء في الدراما المصرية والسورية، نسبة لعدد مخرجيها الرجال، وهما العريقتان في تاريخ صناعة الدراما التلفزيونية، لكن أعداد المخرجات النساء فيهما ما زالت متواضعة، وتكاد لا تتجاوز عدد أصابع اليد.

غياب المخرجات الخليجيات عن صناعة الدراما التلفزيونية، بات يكتسب مشروعيته، مع التمدد اللافت للمرأة في صناعة المشهد الدرامي الخليجي. فبعد دخول عدد من نجمات الصف الأول الخليجيات ميدان الإنتاج التلفزيوني، مثل الفنانات سعاد عبدالله، حياة الفهد، هدى حسين، سميرة أحمد، بدأنا نشهد، خلال السنوات الأخيرة الفائتة، انضمام ممثلات أخريات (منهن شابات) إلى قائمة المنتجين، ومن هؤلاء الفنانة ميساء مغربي، الأخوات سبت، بدرية أحمد، هيا الشعيبي، هدى الخطيب، هيفاء حسين، وأخريات.

ارتفاع عدد المنتِجات الخليجيات، ترافق مع ارتفاع عدد الأقلام النسائية في الدراما الخليجية، ومن صاحبات تلك الأقلام من باتت نجوميتهن تقاس بشهرة نجمات التمثيل أنفسهن، مثل الكاتبة القطرية وداد الكواري، والكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة. يضاف إليهما أسماء نسائية أخرى، عرفت في عالم التأليف التلفزيوني، منهن: سارة العليوي، خلود النجار، ليلى الهلالي، إيمان سلطان، فضلاً عن الممثلات - الكاتبات، اللاتي تأتي في مقدمتهن الفنانة الكبيرة حياة الفهد.

حضور هؤلاء، منتجات وكاتبات، كان من شأنه تكريس الهمّ النسوي، كواحد من أبرز الخطوط الرئيسية في حكايات الدراما الخليجية، والصورة في مجملها، ستعود لتعزز مشروعية سؤالنا: أين المخرجات الخليجيات من دراماهن اليوم؟ ولعلّ وجود عدة تجارب إخراجية نسائية واعدة في المشهد الفني الخليجي، والاستفادة من تجارب نسائية إخراجية في مصر وسورية، من شأنها أن تمنحنا الحق والأمل.

خلال ديسمبر/كانون الأول 2013 كانت الفنانة الشابة هيا عبدالسلام، تخوض تجربتها الإخراجية الدرامية الأولى في مسلسل "للحب كلمة" من تأليف "فهد العليوة". والعمل دراما اجتماعية تتناول عددا من القضايا الاجتماعية المعاصرة في مجتمعنا، انطلاقاً من ثيمة أساسية هي الحب وقدرته على التغيير.

اسم هيا عبدالسلام لا يبدو بعيداً عن موقع المخرج؛ فقد عملت ابنة الثانية والثلاثين مساعدة مخرج ومخرجة منفذة للمخرج الشهير محمد دحام الشمري في أكثر من عمل درامي، منها "لهفة الخاطر"، "بعدك طيب"، "ساهر الليل"، الأمر الذي أكسبها خبرة كبيرة، دعمتها بدراستها الأكاديمية في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت، وبسنوات عملها كممثلة، على نحو أهلها لقيادة فريق تمثيلي كبير، بينهم نجوم كبار مثل "جاسم النبهان"، "زهرة الخرجي"، "أسمهان توفيق"، "عبدالإمام عبدالله". والخروج بمقترح إخراجي ناضج لا يقل ثراء وجمالية عما يقدمه الآخرون على الصعيد الإخراج الدرامي الخليجي، رغم أنّها دخلت العمل وقد أثقلت على نفسها بتولي مهمة تجسيد دور رئيسي في العمل إلى جانب مهمتها كمخرجة.

بعد الفنانة هيا عبدالسلام، يبدو أن المنتج باسم عبدالأمير بات متحمساً لاسم نسائي ثان لتولي إخراج مسلسله الجديد "حرب القلوب"، هي المخرجة الإماراتية نهلة الفهد، وهذه الأخيرة لطالما وصفت أنها أول مخرجة إماراتية وخليجية للكليبات الغنائية، كما في جعبتها عدد من الأفلام الوثائقية، وتبدو الفهد اليوم مؤهلة لتقديم عمل درامي مختلف، إذا ما قيس الأمر بعدد من مخرجي الكليبات الغنائية الذين طرقوا باب الإخراج الدرامي في السينما والتلفزيون، وأثبتوا أنّ صانعي الكليب الغنائي، قادرون على التعامل بكفاءة مع الدراما التلفزيونية وإن كانت هذه الأخيرة تحتاج إلى تكنيك إخراجي مختلف.

النتيجة في المجمل، أن من المحتمل أن تفتح الأبواب أمام أسماء نسوية خليجية أخرى، ليخضن معترك الإخراج الدرامي التلفزيوني، شرط أن تنطوي تجربة الواحدة منهن على عاملي الخبرة الأكاديمية والعملية، والقدرة على قيادة الفريق، وهنا لا نقصد قيادته بحزم، وإنما قدرة المخرج، بخلاف النظر رجلا كان أم امرأة، على إيجاد جو من الثقة والتآلف بينه من جهة وبين ممثلي العمل وفنييه من جهة أخرى.

اليوم تمتلك الدراما الخليجية التلفزيونية فرصة لتقديم عدد كبير من المخرجات بالالتفات فقط إلى مخرجات السينما الخليجيات اللواتي يزداد عددهن، كماً ونوعاً، والاستفادة من حضورهن خلف كاميرا السينما في تقديم صورة درامية تلفزيونية خليجية، تحمل سحر السينما الذي سبق واستفاد منه السوريون منذ ثمانينيات القرن الفائت في دراماهن، فيما عرف بـ"السينما المتلفزة" على يد المخرج هيثم حقي.

وعادت الدراما المصرية لتلجأ إلى السحر السينمائي ذاته، باعتمادها على مخرجي ومديري التصوير والإضاءة السينمائيين، لإعادة الألق إلى الدراما التلفزيونية المصرية. وقد أثبت هؤلاء، بالفعل، قدرتهم على إصلاح ما أفسده الدهر في الدراما المصرية. وليس أبلغ في التدليل على ذلك من نجاح المخرجة السينمائية المصرية كاملة أبوذكري في تقديم اثنين من أهم الأعمال الدرامية التي قدمتها الدراما المصرية خلال العامين الفائتين، "بنت اسمها ذات" و"سجن النساء".

وقياساً بتجربة أبوذكرى، القادمة من السينما لتكتسح المراتب الأولى في الإخراج، يمكن الحديث عما يفوق عشرين مخرجة خليجية يمكن لهن اقتحام هذا المجال، وخوض منافسة على تقديم أهم المسلسلات، وبالتالي ارتفاع عدد المخرجات الخليجيات في دراماهن، ويبقى الأمر رهناً بما تفتحه لهن شركات الإنتاج من أبواب.

اقرأ أيضاً: الدراما الخليجية تكسر التابوهات.. نجمات يدافعن عن حقوق النساء
المساهمون