وقبل حوالي أسبوعين، قررت الأمم المتحدة، تأجيل "مؤتمر تعريف وتجريم التعذيب في التشريعات العربية"، الذي كان مقررًا له أن يعقد في العاصمة المصرية في 4 و5 من الشهر الحالي، بسبب سجل مصر السيئ في مجال حقوق الإنسان.
كانت انتقادات حقوقية واسعة قد صاحبت إعلان المكتب الإقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالشراكة مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، عن تنظيم مؤتمر إقليمي حول تعريف وتجريم التعذيب في التشريعات العربية، في القاهرة.
وقال مركز النديم في دعوته للتدوين عن التعذيب، في هذا التوقيت تحديدًا "بدلاً من مؤتمر إقليمي مغلق كان مفترضا أن يعقد في القاهرة يومي 4 و5 سبتمبر/أيلول 2019، والذي تم تأجيله إلى أجل غير مسمى من طرف مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، بناءً على اعتراضات حقوقيين مصريين على عقد مثل هذا المؤتمر في بلد يمارس فيه التعذيب يومياً وبشكل منهجي، نتيجة لغياب إرادة سياسية للحد من انتشاره ومحاسبة مرتكبيه. وتدليلاً على أن الاعتراض على عقد هذا المؤتمر في مصر لم يأت من فراغ؛ ندعو كافة الأطراف المعنية، سواء التي تعرضت للأذى المباشر إثر تعرضها للتعذيب وسوء المعاملة أو تلك التي تعمل على رصد هذه الجريمة وتوثيقها، إلى التدوين في نفس يومي المؤتمر، 4 – 5 سبتمبر/أيلول عن قصص وإحصائيات وشهادات التعذيب وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز المصرية".
ودعا المركز للتدوين عن التعذيب عبر وسمي #أوقفوا_التعذيب_في_مصر و#أنا_تعرضت_للتعذيب لتكون تلك التدوينات شاهدا على هذه الجريمة وتوثيقها.
وكانت بعض المنظمات الحقوقية المصرية، قد رصدت حالات وفاة جراء التعذيب في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، وكذلك شكاوى التعذيب الفردي والجماعي، حيث أنه في الفترة من 2014 لـ 2018 تم نشر 1723 شكوى إلكترونية من تعذيب فردي، و677 شكوى تعذيب وسوء معاملة جماعية في أقسام الشرطة والسجون المصرية. إضافة إلى 534 حالة وفاة في أماكن الاحتجاز، منها 189 حالة نتيجة التعذيب بحسب شهادات الأسر والمحامين. أما النصف الأول من عام 2019 فشهد 283 شكوى من التعذيب الفردي، و44 شكوى من التعذيب الجماعي، و30 حالة وفاة في أماكن الاحتجاز، 3 منها نتيجة التعذيب، إضافة إلى حالة انتحار لمحتجز بعد تعذيبه.
وبعنوان "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ظل حكم السيسي"، أصدرت منظمة العفو الدولية، تقريرًا في مارس/آذار الماضي، أشارت فيه إلى أن قطاع الأمن الوطني استخدم الاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة بشكل روتيني لانتزاع اعترافات ومعاقبة المعارضين.
كما كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد قالت في تقرير لها في سبتمبر/أيلول 2017، إن ضباط وعناصر الشرطة و"قطاع الأمن الوطني" في مصر، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل روتيني بأساليب تشمل الضرب، الصعق بالكهرباء، وضعيات مجهدة، وأحيانا الاغتصاب.
وأضافت في تقريرها الذي جاء بعنوان "هنا نفعل أشياء لا تصدق: التعذيب والأمن الوطني في مصر تحت حكم السيسي"، أن النيابة العامة تتجاهل عادة شكاوى المحتجزين بشأن سوء المعاملة وتهددهم في بعض الأحيان بالتعذيب، مما يخلق بيئة من الإفلات شبه التام من العقاب.
وفي أغسطس/آب الحالي، أصدرت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، تقريرًا بعنوان "كابوس التعذيب في مصر" رصدت فيه استمرار جرائم التعذيب داخل أماكن الاحتجاز بشكل ممنهج، من خلال توثيق حالات على مدار سنتين، والاستعانة ببيانات إحصائية أصدرتها عدد من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية حول حالات التعذيب في العامين الأخيرين.
وفي العام 2016، وثّقت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات 830 حالة تعذيب تضمنت 159 واقعة تعذيب في أقسام الشرطة، و101 حالة تعذيب في مقر جهاز أمن الدولة الذي تديره وزارة الداخلية، إضافة إلى 35 واقعة بمعسكرات قوات الأمن، و6 وقائع في المؤسسات العقابية.