17 انتهاكاً ضد الصحافيين المصريين في يناير

07 فبراير 2018
لا مؤشر على تراجع النظام عن القمع (فرانس برس)
+ الخط -
أكد "المرصد العربي لحرية الإعلام" أن شهر يناير/ كانون الثاني الماضي انطلق مكبلاً بالانتهاكات والإجراءات القمعية لحرية الصحافة والإعلام في مصر، ليستهل عاماً جديداً من المأساة التي تعيشها الصحافة المحلية بجميع تنوعاتها، وبلغت مدى غير مسبوق، بشكل يخالف كافة المواثيق والقوانين، ويناهض مبادئ الدستور.

وكشف المرصد، في تقرير له، عن وقوع 17 انتهاكاً جديداً ضد الصحافيين في مصر، وفق ما أمكن رصده، إلى جانب صدور 98 قراراً "معيباً" باستمرار حبس الصحافيين، إذ تنوعت الانتهاكات ما بين إهمال طبي، ومنع من التغطية، وحجب واعتداء، وفصل تعسفي، وقيود تشريعية، علاوة على انتهاك الاستقلال النقابي، ومنع الصحافيين من السفر، والاعتداء على ممتلكاتهم الشخصية.


الحبس والاحتجاز

وفي مجال الحبس والاحتجاز، سجل الشهر الماضي حالتي إخلاء سبيل بغرامة مالية، الأولى لرئيس القسم القضائي في صحيفة "الفجر"، الصحافي طارق حافظ، الذي أخلت النيابة سبيله بكفالة مالية قيمتها خمسة آلاف جنيه، بعد التحقيق معه في قضية نشر جديدة، على خلفية خبر عنوانه "لقاء سري يجمع وزير الداخلية الأسبق محمود وجدي بالنائب العام".

وأشار المرصد أيضاً إلى إخلاء سبيل الصحافي عبدالله قدري (موقع مصراوي)، بكفالة قيمتها 2000 جنيه، بناءً على قرار محكمة جنح مستأنف قسم الجيزة، بقبول الاستئناف على أمر حبسه، في القضية التي حملت رقم 162 لسنة 2017 جنح الطالبية، واعتقل على أثرها في 22 ديسمبر/ كانون الأول عام 2017.

ودان المرصد استمرار حبس الصحافي والباحث هشام جعفر، في سجن "العقرب" شديد الحراسة، من دون سند قانوني، في انتهاك واضح لاستقلال القضاء، بعد تجاوز مدة الحبس الاحتياطي القصوى، المقررة في القانون بمدة عامين، وانتهائها في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017، فضلاً عن استمرار حبس مائة صحافي وإعلامي ومراسل حر.

واتهم المرصد السلطات المصرية بمخالفة ما وقعت عليه القاهرة في مواثيق عدة، خاصة مع استمرار تصدي ما يعرف بـ"دوائر الإرهاب" لقرارات تجديد الحبس، وكذا دور نيابة أمن الدولة العليا (طوارئ) غير المختصة، بالتزامن مع استمرار المحاكمات في حق عدد من الإعلاميين والصحافيين في دوائر مدنية أخرى غير متصلة بالدوائر الاستثنائية.

كذلك، أشار التقرير إلى استمرار الإخفاء القسري بحق المدير السابق لمكتب صحيفة "الدستور" في محافظة الإسكندرية، الصحافي حسام الوكيل، منذ اعتقاله فجر 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي من أمام منزله، ما يُثير المخاوف على حياته، وتعرضه للتعذيب في مقرات الأمن، بالتزامن مع طول الفترة، وهو ما أكدته أسرته في شأن تعريض حياته للخطر.

وسجل المرصد استنكاره لموقف نقيب الصحافيين المصري، عبدالمحسن سلامة، بتخليه عن دوره في حماية الصحافيين، سواء من أعضاء في النقابة، أو من غير أعضائها، وزعمه بعدم وجود صحافيين محبوسين في قضايا نشر، متجاهلاً واقع رصدته تقارير المرصد، وغيره من المراكز الحقوقية، من حبس الصحافيين عقاباً لهم على ممارستهم حقهم في التعبير عن آرائهم.


انتهاكات السجون

ووثق المرصد تزايد وتيرة انتهاكات السجون بحق الصحافيين، بواقع 5 انتهاكات جديدة، تعبر عن برامج تعذيب ممنهجة تمارسها مصلحة السجون في وزارة الداخلية، من دون احترام للقانون والدستور، أو احترام للبروتوكولات الموقعة بين نقابة الصحافيين ووزارة الداخلية، في فترات سابقة.

إذ في 21 يناير/ كانون الثاني، أرسل الصحافي هشام جعفر رسالة من محبسه تحدَّث فيها عن تعرضه لانتهاكات مادية ومعنوية، ومنعه من حقه في تحرير توكيل في الشهر العقاري لأحد المرشحين المحتملين للرئاسة، وبعد أيام قليلة أكدت زوجته، منار الطنطاوي، حدوث اعتداء باليد على زوجها من قبل رئيس مباحث السجن.

وفي 24 يناير/ كانون الثاني، صرحت الطنطاوي بأن رئيس المباحث يضطهد زوجها، وكان سبباً في منع ترحيله لإجراء عملية جراحية، ومنعه من التريّض في الشمس والضوء، مع ترك مياه المجاري على الزنازين الموجود في نطاقها زوجها، مشيرة إلى تقدمها بشكاوى عدة إلى مصلحة السجون ونقابة الصحافيين، من دون جدوى.

وتابع المرصد أن "حالة الصحافي أحمد عبدالمنعم زهران، مدير تحرير مجلة (المختار الإسلامي)، تظل شاهدة على جريمة مكتملة الأركان من دون تدخل نقابي رادع، إذ يتم إيداعه في مكان غير آدمي في سجن (العقرب 2) سيئ السمعة، بعد فترة من الإخفاء القسري، ورفض الأجهزة الأمنية ترحيله للمستشفى للعلاج، أو السماح بدخول الدواء من ذويه".

وحذر المرصد من معاناة الصحافي إبراهيم الداروي من العديد من الأمراض التي تحتاج إلى ترحيله إلى مستشفى "قصر العيني"، طبقاً للتوصية الطبية الموقعة عليه داخل السجن، لافتاً إلى عدم إتمام الترحيلات التي خصصت لنقله إلى المستشفى، وقدومها في وقت متأخر، من دون إتمام المأمورية، وفقاً لتعليمات أمنية بعدم استكمال العلاج.

كذلك، كشفت زوجة الصحافي أحمد عبدالعزيز عن حالته الصحية غير المستقرة التي تسوء يوماً بعد يوم، من دون تدخل طبي من مستشفى سجن "طرة"، إذ يعاني من حصوة كبيرة في الكلى، تتطلب إجراء عملية جراحية بشهادة أكثر من طبيب، علاوة على معاناته من الكبد، وعدم إكماله جرعات العلاج، كونها غير متوفرة في السجن.

وفي 14 يناير/ كانون الثاني، رفض المستشار شعبان الشامي التماس دفاع المصورة الصحافية في شبكة "رصد"، علياء نصرالدين عواد، المتهمة بالقضية المعروفة إعلامياً بـ"كتائب حلوان"، بإحالتها إلى مستشفى الأورام، لمعاناتها من ورم في الرحم، ونزيف مستمر، ما يشكل خطورة على حياتها تستوجب توفير عناية متخصصة، في حين اكتفى القاضي بإحالتها إلى مستشفى السجن.


قيود النشر

ونبه المرصد إلى تواصل قيود النشر، لتعبر عن مناخ غير إيجابي تواجهه الصحافة في مصر، ومنعاً متعمداً للحق الإنساني الأساسي في المعرفة، وإبداء الراي. إذ رصد 7 انتهاكات، تصدرها قرار حظر النشر من المدعي العسكري في قضية رئيس أركان الجيش السابق، سامي عنان، عقب إحالته للتحقيق لارتكاب مخالفات قانونية، على خلفية إعلانه الترشح لانتخابات الرئاسة.

كما أشار المرصد إلى قرار اللجنة التشريعية في مجلس النواب المصري، بتعديل المادة (286) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أن "تكون إذاعة جلسات المحاكمات علانية، مع جواز أن تأمر هيئة المحكمة بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية، أو تمنع فئات معينة من الحضور فيها".

وجاء التعديل في الفقرة كالآتي: "لا يجوز نقل وقائع الجلسات أو بثها بأي طريقة كانت، إلا بموافقة كتابية من رئيس الدائرة"، وهو ما مثَّل قيداً تشريعياً جديداً على حرية تدفق المعلومات التي حماها الدستور المصري، وفق تقرير المرصد.

في 7 يناير/ كانون الثاني، منعت صحيفة "الوطن" مقالات الكاتبَيْن: حافظ أبوسعدة وعماد جاد، مبررة ذلك بمرور الجريدة بأزمة مالية، وبعدها بيومين تمت إحالة الكاتب الصحافي عمرو الشوبكي، إلى التحقيق أمام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بعد كتابته مقالة في صحيفة "المصري اليوم" حملت عنوان: "فيديو الإرهابي"، وقد نشر الكاتب توضيحاً لاحقاً، وحُفظ التحقيق.



فصل وحجب

وتواصلت أزمة المذيعة عبير حمدي الفخراني، بعد فصلها من العمل، وهو ما دفعها في 15 يناير/ كانون الثاني لإقامة دعوى أمام القضاء الإداري ضد رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، ورئيس اتحاد التلفزيون، ورئيس قطاع القنوات الإقليمية، لفصلها من عملها كمذيعة في "القناة السادسة"، إثر وضعها صورة المرشح المحتمل آنذاك، أحمد شفيق، على حسابها الشخصي في موقع "فيسبوك".

وفي سابقة هي الأولى من نوعها منذ إنشاء مطار القاهرة الدولي، منعت سلطات الأمن في المطار، في 18 يناير/ كانون الثاني، دخول الصحافيين المعتمدين من الصحف والمواقع الإخبارية إلى الدائرة الجمركية بالمطار، وأصدرت تصاريح جديدة لهم للعمل داخل صالات المستقبلين والمُودّعين فقط التي تقف فيها أسر الركاب، وهو ما يُعيق عملهم، ويضيق من الحريات الممنوحة للصحافة.

كما حجبت السلطات المصرية موقع "القاهرة 24" داخل مصر، بعد نشره تقريراً عن صحيفة سوابق محمود شرنوخ، المتهم في حادث الاعتداء على المستشار هشام جنينة.

وأشار المرصد إلى قرار نقابة الصحافيين بإسقاط عضوية رئيس حزب "غد الثورة" المعارض، الصحافي أيمن نور، من جداول النقابة، بحجة عدم سداده الاشتراكات الخاصة به لأكثر من خمس سنوات متصلة، رغم محاولته السداد، وتقدمه في 31 يوليو/ تموز 2017، و12 أغسطس/ آب الذي يليه، عن طريق محاميه، بطلبين لسداد الاشتراكات المتأخرة منذ مارس/ آذار 2012.

وأخيراً، في مخالفة صارخة للقانون، داهمت قوات الأمن المصرية في 23 يناير/ كانون الثاني، منزل المذيع في قناة "الحوار" اللندنية، الإعلامي أسامة جاويش، في محافظة دمياط، وقامت بتحطيم محتوياته، وذلك بعد إعلانه عن نشر تسريبات لرئيس الاستخبارات العامة الجديد، ومدير مكتب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اللواء عباس كامل.


الانتخابات الرئاسية

وشدد "المرصد العربي لحرية الإعلام" على أن الانتخابات الرئاسية تأتي وسط مخاوف عديدة على حرية الإعلام والصحافة في مصر، ولن تمكن من تنفيذ الصحافيين لتغطية محايدة، ومتفقة مع معايير المصداقية والنزاهة، في ظل حملات الترهيب والدفع للانسياق في قطيع الصوت الواحد، واستمرار حملات العنف اللفظي تجاه الصحافيين الراصدين للانتهاكات.

وأكد المرصد أنه لا يوجد مؤشر واضح، خلال شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، على تراجع النظام الحالي عن موجة القمع المستمرة ضد الصحافيين والإعلاميين، وهو ما يلقي بتبعة كبيرة وثقيلة على كل المعنيين بالاستقلال النقابي والمهني، للعمل على تفعيل كل الآليات المتاحة نقابياً، وقانونياً، وحقوقياً، في الداخل والخارج، دفاعاً عن حرية الإعلام.