بريطانيا من أكثر الدول متابعة للمحتوى "المتطرف" على الإنترنت

19 سبتمبر 2017
بعد اعتداء بارسونز غرين (جاك تايلور/Getty)
+ الخط -
كشف بحث أعده مركز "بوليسي إكستشاينج" (Policy Exchange) أنّ الدعاية المتطرفة على الإنترنت تتلقى متابعة أكبر في بريطانيا من أي دولة أوروبية أخرى. وأشار إلى أن الدعاية الإعلامية لتنظيم "داعش" الإرهابي على الإنترنت لم تتراجع رغم هزيمته المتسارعة على الأرض.

وذكر التقرير أن محتوى الإنترنت من الدعاية الجهادية تلقى عدداً كبيراً من الزوار من بريطانيا خلال فترة الدراسة الممتدة بين منتصف فبراير/ شباط، وأول مايو/ أيار 2017. وهو ما يضع بريطانيا في المرتبة الخامسة عالمياً بعد كل من تركيا والولايات المتحدة والسعودية والعراق ومباشرة أمام مصر.

ويضم التقرير أيضاً مقدمة وضعها الجنرال القائد العسكري السابق في العراق والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ديفيد بترايوس، يشير فيها إلى أن التفجير الإرهابي الذي ضرب بارسونز غرين الأسبوع الماضي قد اعتمد على إرشادات على الإنترنت لصنع الجهاز المتفجر، وهو ما يُوضّح طبيعة التهديد الموجود.

وذكر بترايوس في التقرير أن "الجهاديين قد برهنوا على قدرتهم في استغلال المساحات الخارجة عن سيطرة الحكومات في العالم الإسلامي، أو حتى المساحات التي يكون وجود السلطات فيها ضعيفاً. ويكشف تقرير "بوليسي إكستشاينج" أنهم يستغلون أيضاً المساحات الواسعة وغير المراقبة في الفضاء الالكتروني، كاشفين عن خبرات تقنية عالية، وتعقيد في الإنتاج الإعلامي، ومقاومة لكافة الجهود للحد من انتشارهم".

وأضاف "من الواضح أن جهودنا لمكافحة الإرهاب والمبادرات الأخرى لمحاربة التطرف على الإنترنت، حتى الآن، غير ناجعة. لا شك حول أهمية هذا الأمر. فالوضع الحالي غير مقبول البتة."

ويبدو أن التنظيم الإرهابي يتمكن من إصدار المئات من المواد الإعلامية الالكترونية أسبوعياً من دون أن يُبدي تأثراً بتراجع سلطته على الأرض. فقد طوّر تنظيم "داعش" خلال السنوات الثلاث الماضية وسائل تشمل خدمات البريد الإلكتروني التلقائية إضافةً إلى التطبيقات المشفرة والوصلات الإضافية الملحقة ببرامج التصفح مما يسمح بالوصول إلى المحتوى الإلكتروني المحظور الذي يصدره التنظيم.

وأشار التقرير إلى أن "الأسبوع عادة ما يشهد أكثر من 100 مقالة أساسية، وفيديوهات وصحف تنتجها داعش وتنشرها عبر فضاء واسع من المنصات وخدمات مشاركة الملفات والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي".

وأضاف "تمكن داعش من التأقلم مع التحولات في التقنيات الإلكترونية ويستخدم حالياً تطبيق تلغرام كمنصة التواصل الرئيسية لمخاطبة المتعاطفين معه – حتى إن منصات مثل تويتر ويوتيوب وفيسبوك لا تزال أساسية لأنشطتهم الدعائية". وذلك رغم أن كلاً من المنصات المذكورة كانت قد وَقّعت في مايو/ أيار 2016 وثيقة تُحدّد قواعد سلوكية يرعاها الاتحاد الأوروبي متعهدة تشكيل طرق مطورة لمحاربة المحتوى الإلكتروني الداعي للكراهية وغيره من المواد المتطرفة.

وكانت الورقة البحثية قد كشفت في استطلاع للرأي أيضاً أن 65 بالمئة ممن استطلعت آراؤهم يعتقدون أن شركات الإنترنت لا تقوم بواجبها في محاربة هذه الظاهرة. كما يعتقد 75 في المائة من العينة البالغ عددها ألفي شخص بضرورة أن يُجرّم القانون المتابعة المتواصلة للمحتوى المتطرف على الإنترنت، ويعتقد 73 في المائة أن حيازة المواد الدعائية يجب أن تعتبر مخالفة للقانون.

بيد أن المركز حذر من أن أية سلطات من هذا النوع يجب أن تكون محدودة وواضحة كي لا يتم التعدي على الحريات المدنية. وطالب بمقاربة جديدة لمحاربة الخطر الإرهابي. ومنها أن يتم تشكيل مفوضية لمكافحة الإرهاب تعمل على مراقبة محتوى الإنترنت والتخلص من المواد المتطرفة. وتأسيس هيئة مستقلة تعمل على مخالفة الشركات التي لا تلتزم بإزالة المحتوى المتطرف.

ولكنّ محللين يتحدون مسؤولية الإنترنت عن ارتفاع حالات التطرف ويعتقدون أن دورها مبالغ فيه، حيث إن البحث يكشف أن العلاقات الشخصية على أرض الواقع تلعب الدور الفاصل. فقد كشف تقرير للأمم المتحدة أن أغلب مقاتلي داعش الأجانب هم من اليافعين ومن خلفيات محرومة ومهمشة اقتصادياً وتعليمياً، وهو ما يعكس ضرورة تدخل الحكومات خارج الأطر التقليدية لمكافحة الإرهاب.

كما كشف ذات التقرير عن أن المقاتلين الأجانب المُستجوبين قد نفوا أهمية الإنترنت كمؤثر مستقل في تحولهم إلى التطرف، "وهي بالتأكيد أقل أهمية من العلاقات في الحياة العملية"، إذ يبدو أن الإنترنت تلعب دوراً ثانوياً في تعزيز الأفكار التي يتبناها الشخص من محيطه الاجتماعي.



المساهمون