الحقوقيون يتخوفون من "قانون تداول المعلومات" في مصر

18 سبتمبر 2017
تقييد حرية الصحافة (آدم بيري/ فرانس برس)
+ الخط -
من المقرر أن تناقش هيئات الإعلام ومجلس النواب في دور الانعقاد الثالث في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل قوانين حرية تداول المعلومات، وقانون مواجهة فوضى التواصل الاجتماعي، وقانون الجرائم الإلكترونية، وقانون تنظيم الصحافة والإعلام.

وكان "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" قد تقدّم بمشروع قانون لتداول المعلومات إلى مجلسي الوزراء والنواب المصريين، على أن يتم الانتهاء منه خلال شهر التزاماً بالدستور، والوفاء بمتطلبات الجماعة الإعلامية والصحافية، علماً أنه واجه انتقادات حقوقية شديدة من المؤسسات المعنية بالحريات والمعلومات في مصر.

وأرسلت "مؤسسة حرية الفكر والتعبير" و"منظمة المادة 19" خطاباً إلى رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، مكرم محمد أحمد، حول تشكيل المجلس للجنة إعداد مشروع قانون حول تداول المعلومات في مصر. وثمّنت المنظمتان هذه الخطوة باعتبارها مهمة لتفعيل المادة "68" من الدستور وضمان حقوق الأفراد في الحصول على المعلومات من الهيئات العامة، لضمان الشفافية ومحاربة الفساد ودعم حرية التعبير.

وأكد الخطاب أهمية أن يعكس مشروع القانون المعايير الدولية لحقوق الإنسان ولحرية تداول المعلومات، مسترشداً باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والقانون النموذجي للدول الأفريقية بشأن الوصول إلى المعلومات الذي أعدته "اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب".
وأرفقت المنظمتان القوانين التي تم إقرارها أخيراً في تونس ولبنان، ومسودة صدرت في 2012 لقانون تداول المعلومات عملت عليها مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" مع منظمات مصرية وأكاديميين وصحافيين، إلى جانب المبادئ التي أقرتها "منظمة المادة 19" بخصوص حق الجمهور في المعرفة، والتي تتضمّن مبادئ التشريعات المتعلقة بالحق في المعلومات.

ونص الخطاب على أن "منظمة المادة 19 ومؤسسة حرية الفكر والتعبير تشددان على أهمية أن يعكس مشروع القانون بطريقة كافية المعايير الدولية لحقوق الإنسان ولحرية تداول المعلومات كما ضمّنتها الصكوك الدولية والإقليمية، على غرار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والقانون النموذجي للدول الأفريقية بشأن الوصول إلى المعلومات الذي أعدّته اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب".

وأضاف أن "اتباع المعايير الدولية في مجال تداول المعلومات من شأنه أن يضمن تحقيق الأهداف المرسومة من اتخاذ مثل هذه القوانين حتى لا تتحوّل إلى إمكانية للتوظيف من قبل المسؤولين والهيئات العامة لحجب المعلومات والتضييق على إعادة استعمالها من دون اعتماد معايير واضحة أو مراقبة فعالة". وأعلنت المنظمتان عن استعدادهما لتقديم الدعم لأعمال اللجنة لضمان تلاؤم مشروع القانون مع الدستور المصري والمعايير الدولية.

هذا الخطاب يأتي في الوقت الذي يتخوّف فيه صحافيون وحقوقيون من منظومة التشريعات الإعلامية في مصر بشكل عام. وسبق أن أعلن نقيب الصحافيين السابق، يحيى قلاش، أن "الصحافيين في مصر تحوّلوا لمندوبي المعلومات، نتيجة تأثرهم بترسنة القوانين أو منْع تداول المعلومة". وأضاف أنه بناء على التجارب السابقة فإن مشروع قانون حرية تداول المعلومات يتحوّل لمشروع قانون حجب المعلومات، مطالباً نقابة الصحافيين أو على الأقل الجمعية العمومية بأن تتدخل في مناقشة المشروع ووضعه، باعتبار أنه "لا يمكن صدور مثل هذا القانون من دون حوار".

يشار إلى أن السنوات القليلة الماضية حملت حفنةً من القوانين والتشريعات المقيّدة للحقوق والحريات بشكل عام، وللصحافة والتعبير بشكل خاص، لا سيما بعد صدور القانون الخاص بـ "التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام" الذي لاقى اعتراضات بالجملة من "مجلس نقابة الصحافيين" السابق و"المجلس الأعلى للصحافة" سابقاً، والذي انتهى دوره بمجرد صدور القانون وتحوّل لـ"الهيئة الوطنية للصحافة".

كان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قد أصدر، في 11 أبريل/ نيسان الماضي، ثلاثة قرارات جمهورية حملت أرقام 158 و159 و160 لعام 2017 بتشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث الممثلة في المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.

وتولّى الكاتب الصحافي ونقيب الصحافيين السابق وعضو الحزب الوطني المنحل وكاتب خطابات المخلوع حسني مبارك، مكرم محمد أحمد، منصب رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام، كذلك تولّى الكاتب الصحافي الموالي للنظام كرم جبر، رئاسة الهيئة الوطنية للصحافة، فيما تولّى حسين زين الموالي للنظام أيضاً، رئاسة الهيئة الوطنية للإعلام.
ومنذ نحو أكثر من عامين، عكفت لجنة وطنية من أكثر من 50 عضواً على إعداد مشروع "القانون الموحد للصحافة والإعلام"، وهو قانون شامل لكافة القوانين المنظمة للإعلام والصحافة في مصر، بما في ذلك مواد حبْس الصحافيين في قضايا النشر، ومع ذلك قسمته الحكومة إلى قانونين، بعدما أدخلت عليه موادَ تخدم استراتيجيتها في السيطرة على الإعلام.

حينها، أصدرت نقابة الصحافيين بياناً هاجمت فيه الحكومة والبرلمان، وفنّدت فيه أوجه اعتراضاتها على مشروع القانون، وعلى الرغم من كل تلك الاعتراضات التي وصلت إلى وصف اللجنة التشريعية في نقابة الصحافيين المصرية للقانون بـ"جاء مخالفاً في كثير من نصوصه لما تم التوافق عليه بين اللجنة الوطنية للتشريعات الصحافية والحكومة طوال شهور من التفاوض"، إلا أن مجلس النواب المصري مرّره في غياب تلك اللجنة التي شكّلته، وصدر في غضون أيام.

المساهمون