"لو بوان" في دهاليز الحرس الثوري الإيراني

04 يوليو 2017
تصدّر خامنئي غلاف "لو بوان" (عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -
في العدد الأسبوعي من مجلة "لو بوان"، ضمت المطبوعة الفرنسية ملفاً ضخماً عن العلاقات المتوترة بين المملكة العربية السعودية وإيران، واصفة إياها بـ"الحرب التي تخيف الجميع"، وتطرقت في الملف نفسه إلى ميادين الاشتباك بين البلدين من اليمن إلى سورية، مروراً بالتأثير المباشر على واقع السياسة في لبنان، مجانبة القراءة من منطلق جيوسياسي ومن خلفية ما يسمى بالمواجهة السنية - الشيعية التي يغذيها البلدان في منطقة الشرق الأوسط.


العدد الصادر يوم الخميس (29 يونيو/ حزيران الماضي)، تضمن حواراً غنياً مع المؤرخ الفرنسي وأستاذ التاريخ المعاصر للعالم العربي، هنري لورانس، الذي رأى في الصراع بين المملكة العربية السعودية وإيران واقعاً يتجاوز السنة والشيعة، لأنه "ينطلق من دافع حياتي عند الإيرانيين، مرجعه الأساسي هو الرغبة في تأمين وصون قلب البلد، عبر تغذية الحلفاء في مناطق الاشتباك، إذ في حالة حزب الله يصح القول إنّ التمكين الشيعي حقيقي، لكن الحالة تختلف مع نظام بشار الأسد والحكومة العراقية، إذ تبدو المقاربة أبعد من التوافق والدعم الإيراني لحالة إيديولوجية، وتتعداها إلى الجغرافيا والسياسة والمصالح المشتركة"، وفقاً له.

ونشرت "لو بوان" أيضاً تحقيقاً أعدّه مراسلها في العاصمة الإيرانية طهران، أرمين عارفي، تحت عنوان "باسدران (الحرس الثوري الإيراني باللغة الفارسية)، حرس الجمهورية الإسلامية". وناقش عارفي في تحقيقه المذكور خفايا المؤسسة القابضة على مفاصل الحكم في "جمهورية الملالي". افتتح عارفي تحقيقه بصورة وأصوات صرخات منبعثة من مقابر العاصمة الإيرانية الأكبر، "جنة الزهراء"، في الشارع 50، حيث اصطفت عشرات توابيت جثث مقاتلين عادوا من "واجبهم الجهادي".


وعلى نعش المقاتل حسين معزغلمي، وقفت سيدتان وانتحبتا على فقيدهما الذي قضى ثلاثة أيام فقط في مدينة حماة السورية، قبل أن يعود جثة، كحالة 600 حارس قضى في سورية و120 مثلهم في العراق.

في سياق متصل، أفاد الباحث في "المجلس الأطلسي" والخبير في الشؤون الإيرانية، علي ألفونه، بأن وظيفة "الحرس الثوري" الخارجية، اليوم، تتخذ مسارين. المسار الأول يتوجه نحو حماية مقام السيدة زينب، ابنة الإمام علي، في دمشق السورية، بعدما هدّد "داعش" بتفجيره قبل ثلاث سنوات، والثاني والأهم يهدف إلى صدّ كل حالة معارضة لنظام بشار الأسد من سوريين وجهاديين، وفقاً لألفونه.

في قسم آخر من التحقيق، استعرضت "لو بوان" شراسة الحرس واستخدامه القوة المفرطة في قمع الاحتجاجات بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في عام 2009، والتي نتجت عنها ولاية ثانية للرئيس محمود أحمدي نجاد. لذا، أجرت مقابلة سريعة مع حمزة غالبي، مسؤول الطلاب في حملة المرشح الرئاسي الخاسر والموضوع تحت الإقامة الجبرية مير حسين موسوي.

تحدّث غالبي عن اعتقاله في إحدى تظاهرات يونيو/ حزيران عام 2009، ووضعه في زنزانة مساحتها حوالي ثلاثة أمتار مربعة. ووصف آثار الدم على شارته الخضراء التي عقد بها معصمه، ووجود حفنة من التراب وُضعت أمامه للتيمم والصلاة في محبسه. وقال حرفياً "كنت في الفرع 2 أ في سجن إيفين تحت إشراف الحرس بالذات. ناداني أحدهم للتحقيق، وحالما رفعت رأسي، تلقيت ضربة عصا رمتني أرضاً: إذا فتحت فمك ثانية سنقتلك".

وأشار إلى أنه طُلب منه التوقيع على تعهد نصه "إني أعترف بالمشاركة في ثورة انقلابية لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية"، وهُدّد بالإعدام في حال لم يوافق على التوقيع، علماً أن غالبي عُذّب على مدى 62 يوماً متواصلاً، وساءت حالته الصحية، فأرسل إلى المشفى للعلاج، ثم حصل على موافقة للجوء إلى العاصمة الفرنسية، باريس، بشكل نهائي، قبل أشهر عدّة.

كما مرّ مراسل المجلة الفرنسية على الأحداث الأبرز في مسيرة "الحرس الثوري"، بدءاً من تأسيسه الذي أعقب عودة الإمام روح الله الخميني، ونجاح الثورة الإسلامية في إيران، والتخلص من المعارضين الأكراد، وإعدام عشرات آلاف الشيوعيين الإيرانيين في بداية الثمانينيات، وصولاً إلى المشاركة في الحرب العراقية - الإيرانية، ومقتل ما لا يقل عن 300 ألف عنصر، بالإضافة إلى الثورة الخضراء في عام 2009 التي "طبعها الحرس باللون الأحمر، بالتعاون مع قوات التعبئة الشعبية (الباسيج)".

واعتبر عارفي أن قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، رمز المرحلة الممتدة من عام 2011 إلى اليوم، واصفاً إياه بـ"الصورة الأكثر تعبيراً عن الحرب التي تخوضها إيران في العراق وسورية".

وبالإضافة إلى سليماني، استعرض عارفي في ختام تحقيقه الشخصيات الأبرز والأكثر تأثيراً في الحرس الثوري الإيراني، مركزاً على اسمين: رفيق دوست (القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، وأول وزراء باسدران في إيران الثورة)، علماً أنه ترك عالم السياسة والعسكر، وأصبح من رجال الأعمال المعروفين في طهران.

والاسم الثاني هو إسماعيل كوثري (النائب في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني)، علماً أن اسمه لمع في الحرب مع العراق، إذ تولى حينها الإشراف على "الفرقة 27"، وتُدعى "محمد رسول الله"، ووصفه المراسل بـ"قائد تيار التطرف والقمع في المجلس، وأبرز معارضي الرئيس الإيراني الحالي، حسن روحاني".