مخاوف من تقييد حرية الإعلام في تونس

02 اغسطس 2015
حرية الإعلام في خطر (Getty)
+ الخط -
قد تكون الحقيقة الأكثر إجماعاً حولها في تونس أن حرية الإعلام هي واحدة من أكبر مكاسب الثورة التونسية، بعد أن عرفت تونس عقوداً من التقييد والانتهاك مسّت القطاع الإعلامي في مختلف تفرعاته. ففي فترة ما قبل الثورة تعدّدت محاكمات الصحافيين وكتّاب الرأي وصلت حدّ الزجّ بكثير من الصحافيين في السجون التونسية والتهجير القصري لبعض منهم.
ويتعرّض هذا المكسب الثوري اليوم إلى انتكاسات جعلت الكثير من الناشطين الحقوقيين والنقابيين يخشون العودة إلى مربع الاستبداد الأول. من هذا المنطلق بادرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ومنظمة مراسلون بلا حدود إلى إطلاق الحملة التحذيرية حول حرية التعبير، تحت شعار "حرية الإعلام شادة في خيط" (حرية الإعلام في وضع هش) التي انطلقت أمس وتستمر حتى 15 آب/ أغسطس الحالي.
نقيب الصحافيين ناجي البغوري، أعاد سبب هذه الحملة إلى "وجود عقلية غير ديمقراطية وثقافة قبول الاستعباد في تونس التي لا تتلاءم مع حرية الصحافة، وهو ما يهدّد حرية التعبير". وأشار البغوري إلى "وجود ممارسات استبدادية للحكومة الحالية ومحاولات ممنهجة للتغطية على الفساد ورفض شفافية المعاملات بين وسائل الإعلام والمسؤولين في كافة المهام".
هذه الموقف مردّه سعي حكومة الحبيب الصيد الحالية إلى تمرير قانون النفاذ إلى المعلومة الذي اعتبرته النقابة وكثير من المنظمات الحقوقية، ومنها جمعية بوصلة، ذا أهمية قصوى؛ لأنه "يترجم حقّاً دستوريّاً، ألا وهو حقّ النّفاذ إلى المعلومة". علاوة على ذلك، فإنّ النّسخة الأوّليّة للمشروع، والتّي تمّ تقديمها من قبل الحكومة، كانت تحتوي على نقائص عدّة تمسّ بالحقّ المراد تكريسه، خاصّة الجزء المتعلّق باستثناءات حقّ النّفاذ إلى المعلومة، والتّي كانت في تناقض تامّ مع مقتضيات الدّستور في فصله التّاسع والأربعين الذي حدّد بصفة واضحة على الاستثناءات الممكن وضعها على الحقوق الدستوريّة". ونجحت نقابة الصحافيين والمنظمات الحقوقية في دفع الحكومة إلى سحب المشروع، لكن مع ذلك اعتبر تقديمه إلى مجلس نواب الشعب ومحاولة تمريره مسعى فاشلاً إلى تدجين الإعلام والمسّ بحرية الصحافة والتعبير.
كما أن عوامل وجود دعاوى عدة مرفوعة أمام المحاكم التونسية، والتي تتعلّق بالإعلاميين سفيان بن حميدة وإنصاف البوغديري وحمزة البلومي من قناة "الحوار التونسي" ونور الدين المباركي رئيس تحرير موقع "آخر خبر أون لاين"، وتواصل الاعتداءات على الصحافيين أثناء أداء عملهم، تجعل السؤال حول حرية الإعلام التونسي والخوف على تقييد هذه الحرية أكثر من مشروع. خاصة بعد تداول خبر في مواقع التواصل الاجتماعي مفاده أنه تم إيقاف المواطن عبد الفتاح سعيد إثر نشره صورة كاريكاتورية لرئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، وهو خبر نفاه المستشار الإعلامي لرئاسة الحكومة ظافر ناجي في تصريح لإحدى الإذاعات المحلية، مؤكداً أن المواطن عبد الفتاح سعيد تم إيقافه على خلفية تورطه في قضية إرهابية. وشدّد ناجي على أن رئاسة الحكومة "لا نية لها في سلب الحريات أو الإنقاص منها".
نيّة تبدو أنها لا تلقى الكثير من الصدقية لدى الهياكل النقابية والمنظمات الحقوقية التي تتعامل مع الحكومة بحذر ويقظة في ملف حرية الإعلام وحرية التعبير، خشية التراجع عن هذه الحريات.

اقرأ أيضاً: المستشارون الإعلاميون في تونس: إقالات واستقالات بالجملة
المساهمون