إسرائيل تستنفر إلكترونياً ﻹحباط الانتفاضة

12 أكتوبر 2015
الشباب تحت العشرين نفذوا عمليات الطعن (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -
تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المؤتمر الصحافي الذي عقده مساء الخميس الماضي، بالقيام بخطوات ضد الجهات الفلسطينية التي توظف مواقع التواصل الاجتماعي في ما أسماه "التحريض على العنف". وقد عدّ كل من نتنياهو ووزيري حربه وأمنه الداخلي، موشيه يعلون ويغآل أردان، وسائل التواصل، لا سيما فيسبوك، "أهم مصادر التحريض التي تدفع الفلسطينيين للانخراط في عمليات الطعن بالسكاكين".

وقد كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي مساء السبت النقاب عن أن كلاً من أجهزة المخابرات الداخلية (الشاباك) وشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" والشرطة ستتعاون في رصد ما ينشره الشباب الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصا في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ومراقبة مظاهر "التحريض" لتعقب "المحرضين"، بحيث يمكن الحصول على أدلة تبرر تنفيذ عمليات اعتقال وتقديم لوائح اتهام ضدهم. وحسب الإذاعة الإسرائيلية، فقد تقرر تشكيل خلية عمل يشارك فيها ممثلون عن وحدات الحوسبة في هذه الأجهزة، لتعزيز القدرة على مراقبة مواقع التواصل بشكل يقلص من دورها في تواصل موجة العمليات الحالية.

وتهدف هذه الخطوة إلى "محاولة إحباط العمليات الفردية، قبل أن يتم تنفيذها من خلال مراقبة ما يكتبه الشباب الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي وتحليله، ومعرفة ما إذا كان يعبر عن توجه ما لتنفيذ عمليات، بحيث يتم اعتقال كاتب المنشور والتحقيق معه"، بحسب ما ذكرت الإذاعة. ومن الواضح أن تشكيل خلية العمل الأمنية المشتركة يأتي لزيادة فاعلية المتابعة والإحباط، حيث إن هناك وحدة متخصصة في جهاز "الشاباك" تعمل بالفعل على مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، وتراقب ما يكتبه الشباب الفلسطيني. وقد تم حتى الآن اعتقال 23 فلسطينياً، معظمهم من القدس من قبل "الشاباك" بسبب نشرهم مواد، اعتبرت الوحدة أنها قد تدلل على نية هؤلاء الشباب لتنفيذ عمليات. وفي جهاز "أمان" تعمل وحدة "حتساف"، على مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي بهدف جمع المعلومات الاستخبارية عما يجري في الأراضي الفلسطينية.

وحسب المصادر الأمنية الإسرائيلية، فإنّ مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف بشكل خاص حسابات الفتية الفلسطينيين الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و19 عاماً، على اعتبار أنه باستثناء مقاوم واحد، فإن جميع منفذي عمليات الطعن الأخيرة ينتمون لهذه الفئة العمرية. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عددها الصادر يوم الجمعة عن مصدر أمني إسرائيلي كبير قوله إن ما يفاقم من خطورة تأثير "التحريض" في مواقع التواصل حقيقة أنه يتناول "أكثر القضايا قدسية لدى الفلسطينيين، وهي الخوف على مصير المسجد الأقصى. وضرب المصدر الأمني الكبير مثالاً على تأثير "فيسبوك" بما كتبه الشهيد مهند حلبي (19 عاماً)، من قرية سُردا، القريبة من رام الله، الذي نفذ عملية طعن في قلب القدس قبل أسبوع وقتل اثنين من المستوطنين، أحدهم الحاخام نحميا لبيا، أحد قادة جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية المتطرفة، الذي يعمل في مجل تهويد البلدة القديمة في القدس المحتلة.

اقرأ أيضاً: "يوتيوب" يُغلق قناة حركة حماس بعد ضغوط من الاحتلال

ونوه المصدر إلى ما كتبه حلبي في منشور على حسابه على "فيسبوك" قبل 48 ساعة على تنفيذ عمليته، حيث جاء في المنشور: "الشعب الفلسطيني لن يتعايش مع الإهانة ولن يسلم بما يتعرض له الحرم القدسي الشريف وما يتعرض له "المرابطون والمرابطات". كما قال في منشور آخر إنّ "الانتفاضة الفلسطينية بدأت".

لكن لا خلاف على أن الحملة الإسرائيلية التي تستهدف مواقع التواصل الاجتماع ستفضي في أحسن الحالات إلى نجاحات محدودة للاحتلال، حيث إنه يستحيل في كثير من الأحيان التدليل على عدم قانونية مواد تنشر على هذه المواقع، على الرغم من تأثيرها القوي في تحفيز الشباب الفلسطيني على تنفيذ العمليات الفردية. فعلى سبيل المثال، نشر الفيديو الذي يوثق قيام عناصر الشرطة بإعدام الطالبة الفلسطينية إسراء عابد في محطة الباصات المركزي في مدينة العفولة، على مواقع التواصل الاجتماعي لا يمكن عده تحريضاً. وقد نقل موقع "واللا" الجمعة عن مصادر عسكرية إسرائيلية تخوفها من أن يفضي نشر هذا الفيديو تحديداً إلى تحفيز عمليات المقاومة بشكل كبير.

في الوقت ذاته، يتعاظم الخوف داخل دوائر صنع القرار أن تفضي الأحداث الأخيرة إلى إحداث مزيد من التآكل في مكانة إسرائيل الدولية، بسبب تغطية وسائل الإعلام الأجنبية لما يحدث. وذكرت الإذاعة العبرية الخميس الماضي أن كلاً من ديوان رئيس الحكومة ووزارة الخارجية يعكفان على خطة لنقل الرواية الإسرائيلية، من خلال دور مكثف للسفارات والقنصليات الإسرائيلية في جميع أرجاء العالم. ونوهت الإذاعة إلى أن ديوان نتنياهو يتواصل مع مجموعة كبيرة من المدونين المؤيدين لإسرائيل في جميع أرجاء العالم بغرض تجنيدهم لهذه المهمة. وأشارت الإذاعة أن هؤلاء المدونين يتجندون عادة لصالح تعميم الرواية الإسرائيلية في الحروب والمواجهات مع المقاومة الفلسطينية، حيث برز دورهم خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.


اقرأ أيضاً: فلسطين تنتفض... وتُعلّمنا دروس الحُريّة