"سولار إمبلس 2" تطير إلى أبو ظبي

05 يناير 2015
+ الخط -
في مطلع يناير/كانون الثاني الحالي، سيتم تحميل الطائرة الشمسية على متن جمبو 747. والوجهة هي دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً إلى أبوظبي حيث سوف تشرع الطائرة الشمسية في جولة حول العالم.

خلال الأسابيع الأخيرة، تم تفكيك الطائرة الشمسية "سولار إمبلس 2" (Solar Impulse 2) وتعبئتها بعناية، قطعة قطعة، في مرأبها في مدينة بييرن بسويسرا. وفي غضون أيام قليلة - ربما يوم 5 يناير إذا سمح الطقس بذلك -  سوف تستقل طائرة الطاقة الشمسية طائرة الشحن إلى أبو ظبي. ومن هذا المكان، سوف تشرع في ترتيب محاولة السفر حول العالم بالاعتماد الكامل على الطاقة الشمسية. أما بداية المغامرة الفعلية فإنها سوف تنطلق بحلول مارس/آذار المقبل.

إن مهمة شحنها ليست بالعملية السهلة، حيث ستحمل على متن طائرة شحن جمبو 747. كما أن طائرة "سولار إمبلس 2" هي أكبر بكثير من الأولى التي أرسلت إلى الولايات المتحدة الأميركية. 
بعبارة أخرى، فإن هذه العملية جد حساسة، وإن كان وزنها خفيفاً، حيث يبلغ 2300 كلغ، وهي تتكون من جناحين بطول طائرة ايرباص يبلغان 72 مترا!

وقد تم تفكيك الجناح إلى ثلاثة أقسام من حوالي 24 متراً لكل منها، كما أن جسم الطائرة يقارب 20 متراً وهو متكون من قطعة واحدة. وقد تلزم الحاجة إلى ثلاث رافعات على الأقل متزامنة تماما لدخول كل عنصر من عناصر الجناح. وتتطلب المهمة الغياب التام للرياح التي يمكن أن تهب وتتسبب في تلف العناصر الثمينة. ولا ينصح بمحاولة التحميل في أجواء المطر أو الثلوج.

وحينما تنتهي عملية الشحن داخلها، تنطلق الطائرة العملاقة من مدرج برويارد، حيث سوف تتزود بشحنة كاملة من الكيروزين في بال، قبل التوجه أخيراً إلى الإمارات العربية المتحدة تحديداً إلى مطار البطين. وتتكلف رحلة الشحن هذه مبلغ 400 ألف فرنك سويسري، وهي أقل بقليل من رحلة الشحن إلى أميركا في 2013 لنقل "سولار أمبلس 1" والتي تكلفت في حدود 500 ألف فرنك سويسري.

ولم يكن باستطاعة الطائرة الشمسية الانطلاق من سويسرا، لتبدأ رحلتها، حيث إنه يتوجب أن تقطع القارة الهندية خلال شهر أبريل أو مايو لتفادي الرياح الموسمية، وهذا يحتم عليها الانطلاق في شهر يناير/كانون الثاني من سويسرا، وهو يعد مستحيلاً لعدم وجود الأجواء المناسبة التي تسمح بذلك.

ولهذا، سوف يكون الانطلاق من مدينة مصدار، المدينة البيئية الأولى عالمياً والتي أنشئت من أجل حياة "صفر كربون وصفر مخلفات"، وهذا يعتبر رمزاً لهذه الرحلة التي تستخدم هي كذلك الطاقة الشمسية.

وسوف تبدأ الرحلة من شهر مارس/آذار إلى يوليو/تموز 2015، وخلال المسار الذي يبلغ 35 ألف كيلومتر حول الكرة الأرضية، تتخلله عشرات المراحل قد تطول أكثرها 5 أيام و5 ليالٍ خصوصاً عند قطع المحيط الهادي والأطلنطي.

وسوف يتبع هذه الرحلة فريق عمل مكون من 60 شخصاً. وقد بدأت الفكرة الرحلة منذ سنة 1999، واستمرت ما يقرب 15 سنة للإنجاز بتكلفة اجمالية تعدت 120 مليون فرنك سويسري.
 
كيف كانت البداية؟

في البداية لم يكن شيء، لا فريق، ولا تمويل، ولا تكنولوجيا. وبعد عشر سنوات، يستعد برتران بيكار وأندري بورشبارغ، طياران سويسريان ومؤسسا مشروع الطائرة الشمسية (Solar Impulse) لرحلة حول العالم في شهر مارس/آذار 2015، على متن طائرتهما المبتكرة والتي تستطيع الطيران ليلاً ونهاراً.
في سنة 2013، كانت أول تجربة ناجحة لقطع مسافة تمتد من غرب إلى شرق الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الوقت، تستلقي الطائرة ذات الأربع محركات وأجنحة بطول 72 مترا  في مرأب قاعدة الطيران في بايرن في سويسرا.

وهي أعرض بقليل من طائرة بوينج 747 ولا تزن سوى 2300 كلغ. وتغطى أجنحتها بـ 17248 خلية شمسية لا يتعدى سمك الواحدة منها عرض 3 شعرات. ويتكون جسم الطائرة من مادة مركبة من الكربون ذي الكثافة 25 غرام/متر مربع مما يجعلها خفيفة جداً.
ومن أجل الوصول إلى هذا الانجاز، أيقن الطياران أنه لا جدوى من الاستعانة بصانع الطائرات مثل بوينج، حيث إنه في هذه الحالة، لكان وزنها 10 أضعاف ما هي عليه ولشابهت شكلاً طائرات بوينج.

الانطلاقة كانت من الرياضيات! ففي 2003 بدأ المشروع  فعالاً من “تحليل الصعوبة” وقادها كريستوف بييسو، وهو خبير يعمل لدى ألتران، شركة استشارات هندسية. وقد استخدم  النظرية التي طورها بنفسه قبل 20 عاماً،  لفهم  مصادر الصعوبة. 

ويختلف نهج البحث عن الطريقة الهندسية والتي تعتمد في ربط العوامل المتغيرة والناتج المتوقع على حلول معروفة. ولكن طريقة كريستوف بييسو، تختلف وهي تعتمد على  تجزئة المشاكل إلى وحدات، مثل الموازنة الطاقوية للطائرة الشمسية من دون ربطها بالمواد والتكنولوجيات وطرق التصنيع.

فخلال 18 شهراً من الحساب على جهاز الكمبيوتر ولمئات من المعادلات المتشابكة بعضها ببعض، ظهرت المفاتيح الأولى لكفاءة الأجنحة، وإنتاجية عزم دوران المحرك الكهربائي، والاتفاقات الضرورية بين تخزين الطاقة، ووزن البطارية، ووزن المحرك.. مع المراعاة الدائمة لفهم العلاقة بينها.  
 
وكانت الطريقة في إيجاد النموذج وبعدها التنظيم بين قطع المشروع في انتظار ظهور حلول مبتكرة. وهنا يكمن سر الابتكار. وساهمت طريقة في حساب طريق الطيران بشكل آني وحتى أشهر قبل. وهو لا يعتمد على أرشيف للأرصاد الجوية، حيث يعالج حالة الطائرة بتغيير عامل الطقس. فبالبيانات المتوفرة، لـ 5 مليارات حالة طيران افتراضي تعتبر رصيداً كافياً لحل أي مسألة وهي موجودة في قاعدة البيانات.
المساهمون