السيسي رئيسي... السيسي نبي!

22 نوفمبر 2014
القسم الأكبر من مؤيدي السيسي مقتنعون بقدسيّته (إبراهيم رمضان/الأناضول)
+ الخط -
في السنة الأخيرة بات الله وأنبياؤه جزءاً لا يتجزّأ من المشهد السياسي العربي. مثال "داعش" وحده يكفي لخمسين سنة مقبلة. يقتلون باسم الله، يسبون باسم الله، ويغتصبون باسم الله... 

حسنا، بما أن القسم الأكبر من العالم متّفق على أنّ "داعش" هي تشويه للدين الإسلامي، ولا علاقة لها بالله لا من قريب ولا من بعيد، سننتقل إلى حديث (ممتع) آخر: عبدالفتاح السيسي!
لا يتحدّث الرئيس المصري كثيراً في الدين. أصلاً وصل إلى سدّة الرئاسة بانياً خطابه على مهاجمة الإخوان المسلمين: "الذين استغلوا الدين وشوّهوه لمآرب شخصية" وفق الرواية المصرية الرسمية المعتمدة حالياً. لعلّ المرة الوحيدة التي رأينا فيها السيسي المتديّن كانت بعد نشر "المصري اليوم" لأدعية بصوته... أدعية تحوّلت لاحقاً إلى مادة للسخرية من الرئيس المصري.

لكن السيسي الرئيس العسكري ـ المدني ـ المؤمن ـ المتديّن ـ العلماني، أحاط نفسه بمجموعة عرفت جيداً كيف تسوّق صورته الدينية. في أسابيع قليلة وبينما كانت النسوة يرقصن على "بشرة خير" في شوارع مصر احتفالاً بانتخاب السيسي، كانت على الشاشات تطلّ علينا خطابات وتصريحات هستيرية. سنبدأ من آخرها، وتحديداً من وكيل الأوقاف صبري عبادة الذي ربما اختصر الحال المصرية كلها بجملته: "السيسي لو أمر بالقتل فيجب علينا طاعته وتنفيذ أوامره".قالها هكذا، بالحرف. وقبله بساعات كانت أم عزّة على "سي بي سي" تخبرنا أن "السيسي ده أحسن من النبي".

وقبلها عشرات الحالات تارة شبّهه سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، الذي قال حرفياً : "ما كان لأحد من المصريين أن يتخيل أن هؤلاء من رسل الله عز وجل، وما يعلم جنود ربك إلا هو".

فيما صدم الشيخ الأزهري الجميع بعبارته الشهيرة: "أيها القائد اذهب انت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون"...

يحصل كل ذلك في وقت لا تزال الانتقادات الموجّهة إلى "الإخوان المسلمين" مرتبطة باستعمالهم المكثف للدين اثناء حكمهم، وجزء كبير من التجييش للنزول إلى تظاهرات الثلاثين من يونيو/حزيران 2013 كان تحت شعار "مصر دولة مدنية لا لأسلمة الدولة". لكن ازدواجية المعايير باتت عادية جداً.

وفي أغلب الأحيان يصدر الكلام عن ناس "غلابة" يؤمنون حقاً بما يقولون... يؤمنون بكل ما تبثّه برامج الـ"توك شو" بكل ما يسمعونه من توفيق عكاشة وأحمد موسى... ولعلّ ذلك هو اسوأ ما في الوضع.

المهمّ أن ظاهرة النبي سيسي" هي جزء (متضخّم وفاقع) مما يدور في العالم العربي. ألم يخرج النائب اللبناني خالد الضاهر ليخبرنا أن النبي محمد ظهر على والده في الليل وأخبره أن زوجته ستلد نصف نبي. ونصف النبي طبعاً هو خالد الضاهر نفسه. وبين هذا وذاك عشرات الأمثلة في لبيبا واليمن وغيرهما حيث يحكم البعض لأن الله اصطفاهم، ويقتل آخرون لأن الله طلب منهم ذلك... وتستمر "الهلوسة". إننا عالقون في دائرة قاتلة...
المساهمون