الفيلمان اللذان عرضتهما الشاشة كانا "ذا كيت رانر" للمخرج مارك فورستر، والثاني "بابل" للمخرج أليخاندرو غونزاليس إيناريتو. تدور أحداث الفيلم الأول حول طفلين أفغانيين يعمل أحدهما (حسن)، مع أبيه لدى رجل ثري وابنه (أمير)، قبل غزو السوفييت للبلاد. رغم الفوارق الاجتماعية، تنشأ صداقة كبيرة بين "حسن وأمير" بتشجيع من الأهل. ويأخذ الفيلم منحى درامياً كبيراً حين يتعرّض حسن للاغتصاب من فتية في الحي دون أن يسعفه "أمير"، صديقه الثري. مشهد الاغتصاب سيكون المنعطف الدرامي الأبرز في الفيلم، حيث ستدور عدة أحداث شيّقة تتخللها هجرة أمير مع أبيه إبان الغزو السوفييتي لأفغانستان إلى الولايات المتحدة، قبل أن يضطر للعودة، حيث يكتشف أن حسن هو أخوه من أمه، وبأنه مات مخلّفاً ولداً صغيراً يقع بين أيدي "حركة طالبان"، وسيضطر أمير إلى إنقاذه في مهمة معقدة.
الملفت في عرض الفيلم أن القناة حذفت المشهد الأبرز والأهم في الفيلم وهو مشهد اغتصاب حسن الذي ستترتب عليه كل الأحداث الباقية. تُرك المشاهد ليفسّر في لقطة محذوفة ما جرى مع حسن. هكذا يفقد فيلم بهذه القيمة الإنسانية والدرامية رسالته الفنية والثقافية كرمى لاعتبارات غير محددة المعالم من إدارة القناة.
الفيلم الثاني عُرض مباشرة بعد انتهاء "ذا كيت رانر"، وهو من بطولة براد بيت وكيت بلانشيت وغيرهما. الفيلم يحكي عن ثلاثة أحداث مرتبطة ببعضها في ثلاث دول مختلفة (المكسيك ــ المغرب ــ اليابان). أحد أهم محاور الفيلم هي قصة الفتاة المراهقة اليابانية "تشيكو". الفتاة هي صماء وبكماء، لكن ذلك لا يمنعها من أن تعيش حياتها المراهقة، حيث تمارس الرياضة وتخرج للسهر مع رفيقاتها. مشكلة تشيكو تتمثل بأن الشبان يبتعدون عنها حين يدركون أنها تعاني ما تعانيه. تشيكو تحاول أن توحي بأنها فتاة لا ينقصها شيء من ملامح الأنوثة لتثبت حقها في التعرّف على شاب والخروج معه. هنا يسلّط الفيلم الضوء على أفعال تشيكو، فبعد أن يرفضها شاب، تحاول إظهار قدرتها على التصرف كفتاة طبيعية ولا ينقصها ما يمنع من إقامة علاقة مع أي شاب.
قصة تشيكو الأساسية في الفليم والتي تسلّط الضوء على مشكلة اجتماعية عالمية مرّت في القناة بحذف كل هذه المشاهد. وصلت للمشاهد قصة تشيكو مقطّعة، مهشّمة، لقطات حرمت المشاهد من أن يعيش تجربة الصم و البكم الإنسانية مع حقهم الجسدي بتجسيد مميّز من الممثلة اليابانية رينكو كيكوتشي.
لم تكن عملية اقتطاع المشاهد من الفليمين مسألة أخلاقية أو مبادئ طالما أنها اعتدت فعلياً على المضمون والمعنى اللذين يحملهما الفيلمان. فإذا كان الوازع الأخلاقي يمنع تلك المشاهد، فما معنى العرض من أساسه؟
تستمر mbc بأقنيتها ببث برامجها الفنية المكلفة جدا سعيا وراء لعبة الـrating. حق كل قناة أن تسعى خلف ذاك الهدف بفيفي عبده أو بوفاء كيلاني مستضيفة ميريام فارس بأحدث رقصاتها أو بأي برنامج تراه مناسباً. لا حرج في استضافة مواهب ولا حرج في استعراض أقرب إلى الإيحاءات الجنسية. هنا لا وازع ديني معتمد ولا موروثات ولا خدش. وهذا حق طبعاً، وخيار حرّ تتخذه كل قناة. لكن لماذا لا يظهر حرج mbc إلا في تجسيد حي وقوي لقضية اغتصاب الأطفال في أفغانستان أو في قضية الصم والبكم في العالم؟ حرج حقيقي يلامس جريمة ثقافية خاصة إذا تجسدت القضيتان بأفلام عميقة وقيمة كـthe kite runners أو babel.
اقرأ أيضاً: ما هي الدول الأكثر رقابة على شبكة الإنترنت؟