"الأعدقاء"... سورية يوتيوب أميركا والعكس

23 ابريل 2019
محمد أوسو بث مسلسله على قناته في يوتيوب (فيسبوك)
+ الخط -

بث الممثل السوري محمد أوسو المقيم في الولايات المتحدة يوم السبت أولى حلقات مسلسله "الأعدقاء" (نحت من الأعداء والأصدقاء)، على قناته في موقع يوتيوب. المسلسل إضافة إلى أدائه شخصية "نور عتمة"، من تأليفه وإخراجه.

وكان الترويج للمسلسل بدأ نهاية العام الفائت، في فيديو بثه أوسو على قناته، وفي حساباته على مواقع التواصل، وبقي موعد البث مبهماً حتى بدأ منذ أيام قليلة حملته، معلناً أن 20 الجاري يوم الحلقة الأولى.

ولا يبدو خيار إنتاج مسلسل، وبثه على قناة شخصية في يوتيوب، بعيداً عن خيار محمد ذاته اللاجئ إلى الولايات المتحدة، بعد اعتقاله عام 2011، لمشاركته في المظاهرات المناهضة للنظام.

تبرز الفيديوهات المبكرة للحراك الشعبي مشاركة محمد أوسو في مظاهرة حاشدة تهتف "الشعب يريد إسقاط النظام" و"السوري يرفع إيده بشار ما بنريده".

وكان أول ظهور له بعد اعتقاله وخروجه من سورية على صفحته الشخصية على فيسبوك عام 2016، وبحسب ما نشره، فإنه يقيم هناك منذ أواسط 2013.

في تلك البلاد البعيدة، يعتمد محمد على نفسه، ليخوض مغامرة، عبر مسلسل مختلف جذرياً عن شغله السابق في البلاد. فهنا سوريون في مكان جديد، وبغالبيتهم عرفوه بعد عام 2011، أي أن الأحلام الصغيرة لا تزال تحيا على اللهجات السورية.

والتحولات التي يتوقعها المرء في الهجرة طوعاً، ذهاباً وإياباً حرّين، أو حتى المنفى الاختياري، ليست كتحولات البشر في أرض اللجوء.

يتناول المسلسل العلاقات الاجتماعية التي تنشأ بين السوريين، وقد جمعتهم هموم، وحاجات، وخصومات جديدة، ومؤطرة في قالب خفيف.

وإلى أن يستكمل المسلسل حلقاته، فما يمكن أن تقوله أولاها إن مجتمعاً سورياً يقدم سردية على الأرض الأميركية، عمرها خمس سنوات على الأقل. وهي مرتبطة في شؤون معاشها وضرورياتها، بتلك الأرض الجديدة.

وتتحكم في هذه السردية، الاختلافات الطبيعية للأفراد الذين يغادرون مكانهم إلى مكان آخر. ومثلما كان الخوف الأمني من أجهزة تتعقب الناس سبباً في لفظ الالتئام الجماعي، فإن لدى اللاجئين إلى بلاد جديدة ندوباً على ظهورهم، وأسباباً أخرى للخوف.

في حالة أوسو، عليه تجاوز التأتأة الوجودية، والعثور على طريق يستكمل فيه رصيده الذي حققه حين كان في سورية، وتحديداً بين أعوام 2005 و2007، مع مسلسلات "بكرا أحلى" و"كسر الخواطر"، و"كثير من الحب كثير من العنف".

ويراهن الفنان على مواقع التواصل التي تضمن له جمهوراً واسعاً، لا يزال يتذكر تحديداً دوري "كسمو" في مسلسل "بكرا أحلى" الذي كتبه ومثل فيه، ودور "سلطة" في مسلسل "كسر الخواطر".

لقد قطع السجن واللجوء استكمال مسيرته، أولاً لجهة استثمار طاقته الكوميدية الممتازة، ثم الكتابة التلفزيونية، والإخراج. هذا القطع لم يكن خياراً، إنما تعسفاً ثقيل الوطأة، حتى لشخص محايد، كيف به وقد دخل السجن لوقوفه ضد النظام، ثم خرج إلى اللجوء.

إن دخول السجن والخروج منه في سورية، وحدهما، يكفيان لأن يكتب محمد عملاً يصنفه النقاد لاحقاً "كوميديا سوداء".

حملت الحلقة الأولى عنوان "أهلاً وسهلاً وبئس المصير" وشارك فيها إلى جانبه الممثلون: سارة العيسى، وهيا الميداني، ونوح مستو، وزكي إبراهيم الحمصي، وإيمي لونغ، وراما الحمصي، وأدهم مرشد، وغزوان ميداني، ومعتز حمامي.

ما يخدم مسلسل "الأعدقاء" أن محمد أوسو يستطيع استثمار قدراته في مستلزمات العمل الكوميدي، منذ كتابته مسلسلات بعضها شارك فيها تمثيلاً، أو إسهامه في الكتابة لمسلسلات "مرايا" و "بقعة ضوء".

إلى جانب هذا، لجأ المشروع نحو فضاء يوتيوب، دون الاضطرار إلى أخذ إذن من أحد الفروع الأمنية، أو الفصيل الفني الأمني العميق، بقيادة الفنان زهير رمضان.

قد يبدو التنفس بقدر أكبر من الحرية، محرجاً للرئتين، وللحويصلات الهوائية الضامرة.

وخلال السنوات الماضية، يمكن القول إن أوسو والعاملين معه، تلقوا تدريبات على التعريف بذواتهم، بشراً ينتمون إلى جماعة بكل تشظياتها وأحلام الحد الأدنى.

المساهمون