وفرة مهرجانات سينمائية في بيروت... "مسكون 2" نموذجاً

04 سبتمبر 2017
من "حادثة هيلتون النيل" لطارق صالح (الملف الإعلامي للمهرجان)
+ الخط -
لن يكون سهلاً التغاضي عن الكمّ المتنوّع من المهرجانات والتظاهرات والاحتفالات السينمائية، التي تُقام في بيروت، في أوقاتٍ مختلفة، ومعظمها تُنظَّم دوراتٌ سنوية لها (هناك مهرجانات تُقام مرة واحدة كلّ عامين). فالمدينة ـ رغم الانهيارات المختلفة التي تعانيها، في السياسة والاقتصاد والأمن والاجتماع والثقافة والإعلام والحياة اليومية، وغيرها من المصَائب والتحدّيات الجمّة ـ تحاول أن تجد في الثقافة والفنون، أو في بعض الثقافة والفنون على الأقلّ، خروجاً على الخراب الكبير، وإنْ تكن المحاولة تلك معقودة على مبادرات فردية بحتة، يريدها أصحابها ردّاً هادئاً على مشاريع الموت والعنف والتمزّق والانشقاقات، أو ترجمة لعلاقات ثقافية وفنية بمؤسّسات أجنبية تبغي دعم كلّ حراك إبداعيّ يمتلك حدّاً وافياً من مصداقية التعامل مع الثقافة والفنون، كما مع مريدي الثقافة والفنون، بعيداً عن اضطرابات اليوميّ. 

هذا ليس تفصيلاً عابراً. النشاطات السينمائية مستمرّة في منح المهتمّين قدراً شبه كافٍ من النتاجات البصرية المختلفة، التي تعكس جوانب شتّى من بؤس العالم وشقائه، ومن آمال أناسٍ وأحلامهم، وإنْ يصعب تحقيقها لشدّة الدمار الحاصل. ورغم أن النشاطات المذكورة تستقطب جمهوراً يكاد يكون هو نفسه في كل واحد منها، أو في كل دورة مثلاً؛ إلا أن العناوين المطروحة ـ وبعضها منبثق من تعاونٍ مع مؤسّسات أجنبية، أو حاصلٌ على تمويلٍ منها ـ تبقى مساحةً، ولو متواضعة، تمنح المهتمّ بعض تنفّس ثقافي ـ فني متنوّع وأصيل وحيوي، ومنفتح على أسئلة الحياة والعلاقات والانفعالات والهواجس كلّها.

أحد تلك النشاطات يتعلّق بأفلامٍ تتوزّع على "الرعب والفانتازيا والإثارة (ثريلر) والحركة (أكشن) والخيال العلمي"، يحمل اسم "مسكون"، وتُقام دورته الثانية بين 13 و17 سبتمبر/ أيلول 2017، في صالة سينما "متروبوليس" (بيروت)، وتُنظّمه "أبّوط للإنتاج"، بالتعاون مع "جمعية متروبوليس" و"الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة"، التابعة لـ "جامعة البلمند"، والموقع الإلكتروني "سينموز". والتعاون يعكس اشتغالاتٍ تمويلية يغلب عليها الطابع اللبناني، ما يمنح المهرجان خاصيّة سينمائية محلية، تتمثّل بكونه نتاج عمل مستقلّ.

للدورة الأولى (14 ـ 18 سبتمبر/ أيلول 2016) ميزة تقديم نمطٍ سينمائيّ آخر، في مدينة تعيش كوابيسها واضطراباتها، فإذْ بهذا التنويع السينمائي يستكمل مناخها العام، بأفلامٍ تغوص في تلك العناوين المُعاشة يومياً. للدورة الثانية رغبةٌ في بلورة الميزة السابقة، وفي تفعيل حضورها في المشهد اللبناني. لها اهتمام مفتوح على الإنسانيّ والسياسي والحياتي والاجتماعي، يتمثّل بمسائل خاصّة بأحوال العالم العربي، كـ "الربيع العربي"، و"التطرّف الديني"، و"مسألة النازحين"، بأسلوب "الإثارة والفانتازيا". وهذا كلّه في مهرجان هو "الأول في المنطقة العربية، المتخصّص بهذا النوع من الأفلام". والمهرجان نفسه لن يكتفي بعروض سينمائية، لأنه يستضيف بعض مخرجي الأفلام المختارة، وبعض الممثلين فيها، وبعض منتجيها. ومنهم من سيُشارك في ورش عمل مفتوحة أمام عاملين في السينما، أو سيكون عضواً في لجان تحكيم خاصّة بالأفلام القصيرة. 

تُفتَتَح الدورة الثانية من "مسكون" بفيلم "حادثة هيلتون النيل" ("ضفة ثالثة"، "العربي الجديد"، 6 يوليو/ تموز 2017)، للسويدي المصري الأصل طارق صالح (جائزة لجنة التحكيم الكبرى في "مسابقة سينما الدراما العالمية" في "ساندانس" الأميركي الدولي)، المُشارك في الدورة الـ 52 (30 يونيو/ حزيران ـ 8 يوليو/ تموز 2017) لـ "مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي": "ثريلر" أسود، تدور أحداثه في القاهرة بداية "ثورة 25 يناير" (2011)، انطلاقاً من جريمة قتل مغنيّة معروفة في إحدى غرف الفندق، قبل أن تتشعّب الحكايات لتتناول أحوال الفساد وتداخل السلطة السياسية برجال الأعمال والمال (يؤدّي السويدي اللبناني الأصل فارس فارس الدور الرئيسي فيه). يقول منظّمو المهرجان إن اختيار هذا الفيلم لافتتاح الدورة الثانية "رسالة تُفيد أنّ هذا النوع من الأفلام يمكن أن يكون باللغة العربيّة، وأن يعالج مواضيع مرتبطة مباشرة بالمنطقة".

فيلمان آخران يتناولان مواضيع مرتبطة بالعالم العربي أيضاً: من النمسا، هناك Cold Hell (2017) لستفان روزوفيتسكي: "ثريلر" نسوي اجتماعي عن التطرّف الديني (تمثيل فيوليتا شورافلوف، التي ستزور بيروت لتقديم الفيلم)؛ ومن هنغاريا، هناك Jupiter’s Moon لكورنيل موندروتشو، المُشارك في المسابقة الرسميّة للدورة الـ 70 (17 ـ 28 مايو/ أيار 2017) لمهرجان "كانّ": موضوع أزمة اللاجئين من زاوية الفانتازيا والـ "ثريلر".



المساهمون