عانت الدراما السورية، منذ بدايتها، من العديد من المشكلات، ومنها وقوعها في فخ التنميط. ففي كثير من الأحيان ترتبط الشخصيات الشريرة بصفات القبح على صعيد الشكل، أما البطل، ذو الصفات النبيلة، فكان يتسم بالجمال. وتقوم كذلك بتصوير الشخصيات الفقيرة بالهندام المتسخ والملابس ذات الألوان العشوائية والمبرقعة. مع الوقت، تخلصت بعض الأعمال الدرامية السورية من تلك المشاكل، إلا أنها لا تزال حتى اليوم تتعامل مع الشخصيات غير المتعلمة بشكل دوني.
تبدو تلك المشكلة بارزة بشكل واضح منذ بدايات الدراما، ففي مسلسل "صح النوم"، الذي أنتج عام 1972، ويعتبر من أكثر المسلسلات السورية شعبية ورواجاً في الوطن العربي، تقوم حبكة المسلسل على صراع بين رجلين للفوز بحب "فطوم حيص بيص" (نجاح حفيظ) والزواج منها، وهما "غوار الطوشة" (دريد لحام) و"حسني البورظان" (نهاد قلعي). تتعامل "فطوم" مع "غوار" بفوقية كونه غير متعلم، وتفضل عليه "حسني" كزوج لها، لكونه متعلماً و"مثقفاً". وهذا ما يدفع "غوار" إلى تنفيذ مقالبه الشريرة لمنع زواجهما. وعلى الرغم من أن تلك المقالب تظهر ذكاء غوار، إلا أنه يتم التعامل معه بدونية. كما يظهر العمل أصدقاء "غوار" غير المتعلمين كمجرمين وسارقين، مثل صديقه "أبو عنتر" (ناجي جبر).
مع مرور الوقت، أصبح التعامل مع الشخصيات غير المتعلمة يزداد سوءًا، ولا تخلو الحوارات مع تلك الشخصيات من الإدانه لهم والاستغراب من وضعهم، والتعامل معهم كمتخلفين. ففي مسلسل "الفصول الأربعة" (ج 1)، الذي أنتج عام 1999، تظهر في الحلقة الثانية شخصية نادية (يارا صبري) وهي تقوم بدراسة اجتماعية ميدانية على سائقي سيارات الأجرة في دمشق، ومن خلال تلك الدراسة تقوم بتنميط وتصنيف السائقين عبر ملاحظاتها الشخصية ضمن فئتين، المتعلمين وغير المتعلمين، وذلك بناءً على انطباعها عن طريقة تزيين السيارة ونوع الأغاني الذي يستمع السائق إليها؛ فمن يستمع لأغان شعبية، تصفه بمنعدم الثقافة وتنسب ذلك إلى هبوط مستوى التعليم، وتحلل أن دافعه إلى العمل هو الفراغ، بينما تصنف من يقوم بتشغيل أغاني فيروز في سيارته بأنه سائق متعلم ومثقف، وأن ما دفعه إلى هذه العمل الذي لا يليق بمستواه التعليمي هو أزمة البطالة!
وشهد الموسم الرمضاني الفائت تضخيماً لهذه الأزمة، وتجلى ذلك في عملين، هما: "طريق" و"روزنة". ففي مسلسل "طريق"، الذي يكرس العديد من الصور النمطية الجاهزة للسوريين غير المتعلمين في بلدان اللجوء، تظهر شخصية "جابر" (عابد فهد) على أنه راعي مواش أميّ، استطاع من خلال تلك المهنة جمع ثروات طائلة، ويظهر بحالة تتناقض مع ظرفه المادي، حيث يرتدي هنداماً ملوناً وفاقعاً، ويستمع إلى الأغنية الشعبية طيلة الوقت، ويقوم بالطهي بنفسه بطريقة "مقززة". يبرر العمل الطريقة التي تتعامل بها زوجته "أميرة" (ندين نجيم) معه، بالفروق الثقافية والتعليمية بينهما، ويتم تبرير أي مشكلة بينهما من خلال تخلفه وجهله لحقوق المرأة، على الرغم من كون العمل مأخوذاً عن رواية الأديب المصري نجيب محفوظ، الذي ينتقد بطريقة ذكية التعامل مع الحب على أساس المستوى التعليمي.
وأما مسلسل "روزانا" الذي ينتقد وبطريقة فجة الأشخاص الذين استطاعوا خلال سنوات الحرب الاستثمار والعمل والقدرة على تجميع ثروات بوصفهم محدثي النعمة وتجار الأزمة، فإنه يستفيض بالسخرية من هؤلاء وتجريمهم، من خلال معايرتهم بتدني مستواهم التعليمي، حيث تنتقد شخصية "رزة" (هبة زهرة) شخصاً سبق أن عمل في مصنع والدها، وأصبح غنياً، فتقول: "أنت بتعرف أنو هاد بكري كان يشتغل عند بابا بالمعمل، أنت بتعرف أنو بكري ما معو صف سادس، بتعرف أنو بكري كان بابا مشغله يجيب خضرة وأغراض للبيت وللمعمل؟".
اقــرأ أيضاً
وتأتي هذه الأعمال الدرامية مهينة في ظل اللجوء السوري وحرمان العديد من أبناء الجيل الحالي من التعليم. ونذكر أنه منذ أيام تم إغلاق جميع المدارس في مخيم الزعتري بالأردن.
تبدو تلك المشكلة بارزة بشكل واضح منذ بدايات الدراما، ففي مسلسل "صح النوم"، الذي أنتج عام 1972، ويعتبر من أكثر المسلسلات السورية شعبية ورواجاً في الوطن العربي، تقوم حبكة المسلسل على صراع بين رجلين للفوز بحب "فطوم حيص بيص" (نجاح حفيظ) والزواج منها، وهما "غوار الطوشة" (دريد لحام) و"حسني البورظان" (نهاد قلعي). تتعامل "فطوم" مع "غوار" بفوقية كونه غير متعلم، وتفضل عليه "حسني" كزوج لها، لكونه متعلماً و"مثقفاً". وهذا ما يدفع "غوار" إلى تنفيذ مقالبه الشريرة لمنع زواجهما. وعلى الرغم من أن تلك المقالب تظهر ذكاء غوار، إلا أنه يتم التعامل معه بدونية. كما يظهر العمل أصدقاء "غوار" غير المتعلمين كمجرمين وسارقين، مثل صديقه "أبو عنتر" (ناجي جبر).
مع مرور الوقت، أصبح التعامل مع الشخصيات غير المتعلمة يزداد سوءًا، ولا تخلو الحوارات مع تلك الشخصيات من الإدانه لهم والاستغراب من وضعهم، والتعامل معهم كمتخلفين. ففي مسلسل "الفصول الأربعة" (ج 1)، الذي أنتج عام 1999، تظهر في الحلقة الثانية شخصية نادية (يارا صبري) وهي تقوم بدراسة اجتماعية ميدانية على سائقي سيارات الأجرة في دمشق، ومن خلال تلك الدراسة تقوم بتنميط وتصنيف السائقين عبر ملاحظاتها الشخصية ضمن فئتين، المتعلمين وغير المتعلمين، وذلك بناءً على انطباعها عن طريقة تزيين السيارة ونوع الأغاني الذي يستمع السائق إليها؛ فمن يستمع لأغان شعبية، تصفه بمنعدم الثقافة وتنسب ذلك إلى هبوط مستوى التعليم، وتحلل أن دافعه إلى العمل هو الفراغ، بينما تصنف من يقوم بتشغيل أغاني فيروز في سيارته بأنه سائق متعلم ومثقف، وأن ما دفعه إلى هذه العمل الذي لا يليق بمستواه التعليمي هو أزمة البطالة!
وشهد الموسم الرمضاني الفائت تضخيماً لهذه الأزمة، وتجلى ذلك في عملين، هما: "طريق" و"روزنة". ففي مسلسل "طريق"، الذي يكرس العديد من الصور النمطية الجاهزة للسوريين غير المتعلمين في بلدان اللجوء، تظهر شخصية "جابر" (عابد فهد) على أنه راعي مواش أميّ، استطاع من خلال تلك المهنة جمع ثروات طائلة، ويظهر بحالة تتناقض مع ظرفه المادي، حيث يرتدي هنداماً ملوناً وفاقعاً، ويستمع إلى الأغنية الشعبية طيلة الوقت، ويقوم بالطهي بنفسه بطريقة "مقززة". يبرر العمل الطريقة التي تتعامل بها زوجته "أميرة" (ندين نجيم) معه، بالفروق الثقافية والتعليمية بينهما، ويتم تبرير أي مشكلة بينهما من خلال تخلفه وجهله لحقوق المرأة، على الرغم من كون العمل مأخوذاً عن رواية الأديب المصري نجيب محفوظ، الذي ينتقد بطريقة ذكية التعامل مع الحب على أساس المستوى التعليمي.
وأما مسلسل "روزانا" الذي ينتقد وبطريقة فجة الأشخاص الذين استطاعوا خلال سنوات الحرب الاستثمار والعمل والقدرة على تجميع ثروات بوصفهم محدثي النعمة وتجار الأزمة، فإنه يستفيض بالسخرية من هؤلاء وتجريمهم، من خلال معايرتهم بتدني مستواهم التعليمي، حيث تنتقد شخصية "رزة" (هبة زهرة) شخصاً سبق أن عمل في مصنع والدها، وأصبح غنياً، فتقول: "أنت بتعرف أنو هاد بكري كان يشتغل عند بابا بالمعمل، أنت بتعرف أنو بكري ما معو صف سادس، بتعرف أنو بكري كان بابا مشغله يجيب خضرة وأغراض للبيت وللمعمل؟".
وتأتي هذه الأعمال الدرامية مهينة في ظل اللجوء السوري وحرمان العديد من أبناء الجيل الحالي من التعليم. ونذكر أنه منذ أيام تم إغلاق جميع المدارس في مخيم الزعتري بالأردن.