- تعتمد التقنية على تعريض النباتات لتيارات كهربائية منخفضة، مما يحفز نموها ويزيد إنتاجيتها، وتتيح زراعة الغذاء في بيئات داخلية باستخدام الألواح الشمسية لإنتاج الأسيتات كغذاء للنباتات.
- يركز الباحثون على تعديل النباتات وراثياً لاستخدام الأسيتات كمصدر للطاقة، مما يزيد إنتاجية النباتات بنسبة 20-40% ويعزز الأمن الغذائي في المناطق ذات الموارد المحدودة.
اقترح باحثون طريقة جديدة لإنتاج الغذاء اللازم لعملية البناء الضوئي، أطلقوا عليها اسم الزراعة الكهربائية. تستبدل هذه الطريقة عملية البناء الضوئي بتفاعل كيميائي يعمل بالطاقة الشمسية، يحول ثاني أكسيد الكربون بكفاءة أكبر إلى جزيء عضوي يمكن للنباتات أن "تأكله" عن طريق الهندسة الوراثية.
تعرف عملية التمثيل الضوئي بأنها التفاعل الكيميائي الذي يمكن كل أشكال الحياة تقريباً على الأرض، لكنها عملية غير فعالة في التقاط الطاقة، إذ يتحوّل نحو 1% فقط من طاقة الضوء التي يمتصها النبات إلى طاقة كيميائية داخل النبات.
وفق الدراسة التي نشرت يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول في مجلة Cell Press، يقدّر الباحثون أنه إذا أُنتج الغذاء باستخدام الزراعة الكهربائية، فسيؤدي ذلك إلى تقليل مساحة الأراضي اللازمة للزراعة بنسبة 94%. ويمكن أيضاً استخدام هذه الطريقة لزراعة الغذاء في الفضاء.
تتضمن الزراعة الكهربائية تعريض التربة والنباتات لتيارات كهربائية منخفضة المستوى. تحفّز العملية نمو النبات من خلال التأثير في العمليات الخلوية، ما قد يؤدي إلى زيادة الغلة وتقصير دورات النمو المحتملة. تعمل هذه التقنية وفقاً لمبدأ مفاده أن النباتات تستجيب لنبضات كهربائية معينة، وأنه من خلال إدارة هذه التيارات بعناية، يمكن للمزارعين التأثير في سلوك النبات لتحسين الإنتاج.
يقول المؤلف المشارك في الدراسة، روبرت جينكرسون، أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد: "إذا لم نعد بحاجة إلى زراعة النباتات بأشعة الشمس بعد الآن، يمكننا فصل الزراعة عن البيئة وزراعة الغذاء في بيئات داخلية خاضعة للرقابة. أعتقد أننا بحاجة إلى نقل الزراعة إلى المرحلة التالية من التكنولوجيا، وإنتاجها بطريقة خاضعة للرقابة ومنفصلة عن الطبيعة يجب أن يكون الخطوة التالية".
يوضح جينكرسون في تصريحات لـ"العربي الجديد" أنه من خلال الزراعة الكهربائية، تُستبدل الحقول الزراعية بمبانٍ متعددة الطوابق. تمتص الألواح الشمسية الموجودة على المباني أو بالقرب منها إشعاع الشمس، وستعمل هذه الطاقة على تشغيل تفاعل كيميائي بين ثاني أكسيد الكربون والماء لإنتاج الأسيتات، وهو جزيء مشابه لحمض الأسيتيك، المكون الرئيسي في الخل. بعد ذلك، تُستخدم الأسيتات لتغذية النباتات المزروعة مائياً. ويمكن أيضاً استخدام هذه الطريقة لزراعة كائنات أخرى منتجة للغذاء، إذ يستخدم الفطرُ والخميرة والطحالب الأسيتات. "الهدف الكامل من هذه العملية الجديدة، محاولة تعزيز كفاءة التمثيل الضوئي. في الوقت الحالي، نحن عند نحو 4% من الكفاءة، وهو أعلى بالفعل بأربع مرات من كفاءة التمثيل الضوئي الطبيعي، ولأن كل شيء أكثر كفاءة بهذه الطريقة، فإن بصمة ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بإنتاج الغذاء تصبح أصغر بكثير"، يضيف الباحث.
لتعديل النباتات التي تتغذى على الأسيتات وراثياً، يستغل الباحثون مساراً تستخدمه النباتات النابتة لتفكيك الطعام المخزن في بذورها. يتوقّف تشغيل هذا المسار بمجرد أن تصبح النباتات قادرة على التمثيل الضوئي، ولكن تشغيله مرة أخرى سيمكنها من استخدام الأسيتات بصفته مصدراً للطاقة والكربون. يقول جينكرسون: "نحاول إعادة تشغيل هذا المسار في النباتات البالغة وإعادة إيقاظ قدرتها الفطرية على استخدام الأسيتات. إنه مشابه لعدم تحمل اللاكتوز لدى البشر -الأطفال يمكنهم هضم اللاكتوز في الحليب، ولكن بالنسبة إلى العديد من الناس يُوقف تشغيل هذا المسار عندما يكبرون- إنها الفكرة نفسها نوعاً ما، فقط للنباتات".
يركز الفريق أبحاثه الأولية على الطماطم والخس، لكنه يخطط للانتقال إلى المحاصيل الأساسية عالية السعرات الحرارية مثل الكاسافا، والبطاطا الحلوة، ومحاصيل الحبوب، في المستقبل. في الوقت الحالي، تمكنوا من هندسة النباتات التي يمكنها استخدام الأسيتات، إضافةً إلى التمثيل الضوئي، لكنهم يهدفون في النهاية إلى هندسة النباتات التي يمكنها الحصول على كل طاقتها الضرورية من الأسيتات، ما يعني أنها لن تحتاج إلى أي ضوء بنفسها. يخطط الباحثون أيضاً لمواصلة تحسين أسلوب إنتاج الأسيتات لجعل نظام تثبيت الكربون أكثر كفاءة.
تشير الدراسات إلى أن تطبيق الزراعة الكهربائية يمكن أن يزيد من إنتاجية النباتات بنسبة تصل إلى 20-40٪، اعتماداً على نوع المحصول والظروف البيئية. ويمكن أن يكون هذا التعزيز مهماً للمناطق التي تكافح من أجل الأمن الغذائي، ما يمكّنها من إنتاج المزيد من الغذاء على الأراضي المحدودة من دون المساس بجودة التربة.